في منطقة الخليج والعالم العربي هي الأبرز والأسرع نموًّا خلال أربعة عقود، مقارنة بغيرها من الدول العربية
في منطقة الخليج والعالم العربي هي الأبرز والأسرع نموًّا خلال أربعة عقود، مقارنة بغيرها من الدول العربية، وآسيويًّا هي أيضًا الأكثر والأسرع في وضع قدمها على خريطة النمو الاقتصادي والتنموي، إنها دولة الإمارات التي نهضت من الصحراء، وواكبت التطور التنموي في الدول المتقدمة، مع الحفاظ على هويتها العربية والإسلامية.
إذا مشيت في شوارعها وتنقلت بين إماراتها ستجد النسيج الاجتماعي الموحد، وتكتشف كيف استطاعت هذه الدولة الناشئة أن تخطط مدنها ومشروعاتها بشكل لافت وجذاب، ليس فقط رفاهية مواطنيها، بل حتى أصبحت أحد الخيارات أمام قطاع الأعمال والمشروعات وفرص الاستثمار، وعلى رغم أن استقطاب الاستثمارات ورؤوس الأموال أصبحت لعبة عالمية وتتوجه لها العديد من الدول، إلا أن دولة الإمارات تكسب المنافسة.
إذا كان اليمنيون والهنود قد نشروا ثقافة الهجرة قديمًا في العديد من البلدان ونشروا ثقافتهم، فمدن الإمارات أبوظبي، ودبي، والشارقة استطاعت أن تتمكن من إغراء رؤوس الأموال والشركات للدخول إلى الأسواق الإماراتية، وأنت تتجول في المناطق الصناعية في العين تشاهد أحد مشروعات المؤسسة العليا للمناطق الاقتصادية المتخصصة، وتنتقل بعدها إلى جبل علي حيث أحد أكبر المناطق الحرة في منطقة الشرق الأوسط، وحجم المشروعات والحركة التجارية والصناعية التي تشهدها.
استقطبت الإمارات في بداية عهدها المهندسين والمعماريين وعمال البناء وكل أنواع المهن التي تحتاجها، واليوم تستقطب الشركات ورجال الأعمال بمختلف الجنسيات، وأنواعًا مختلفة من الأنشطة التجارية، وصل قبل عامين حجم تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الإمارات إلى نحو 8 بلايين دولار من مجموع تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى دول الخليج والبالغ 26 بليون دولار، بل خطفت الأضواء بإقامة المعارض والمؤتمرات وصناعة السياحة والنقل والترفيه.
هناك هجرة أنشطة متنوعة تشهدها الإمارات من دول العالم وتحديدًا من السعودية، معظم الشركات الكبرى المؤثرة والفاعلة تعقد اجتماعاتها السنوية أو الدورية وبشكل مستمر في إحدى مدن الإمارات، حتى اللقاءات والمفاوضات التي تعقدها الشركات مع جهات وشركات أخرى، تفضل إقامتها في دبي، مثل الكثير من الشركات السعودية والناشئة التي تواجه صعوبة في إخراج تراخيص أو إقامة فعالية من مؤتمر أو منتدى.
كسبت المدن الإماراتية الرهان مع كبرى الشركات العاملة في مجالات مختلفة، وجعلتها تفتتح مكاتب إقليمية لها، واختيار دبي أو أبوظبي كنقطة انطلاق في المنطقة، وافتتاح مكاتب إقليمية، بعد أن نجحت دبي في استقطاب الشركات العقارية والمصانع، استطاعت في عام 2002 التحول إلى استقطاب رؤوس أموال في قطاعات جديدة، وبالفعل من خلال المناطق الحرة والمدن الإعلامية التي أنشأتها، لفتت إليها الأنظار، وتحركت رؤوس الأموال والاستثمارات إلى هذه المدينة الإعلامية، وعلى رغم عمرها القصير إلا أنها تمكنت من جذب الاستثمارات العربية والأجنبية.
واليوم، حجم الاستثمارات الإعلامية في دبي وأبوظبي ورأس الخيمة تزيد على 30 بليون درهم، وأكثر من 120 شركة في المجال الإعلامي، وفي المقابل أصبحت أهم المدن العربية التي تستقطب إعلاميين وصحافيين وشركات إنتاج، ليس هذا فحسب، بل إن هذه المشروعات الإعلامية تنطلق كمحطة مهمة للمشاهدين في بلدان أخرى، كانت أولى المحطات الفضائية التي انتقلت إلى دبي مجموعة الـ"إم بي سي" وتلتها العربية، وتوالت بعدها قنوات أخرى سواءً عربية أم أجنبية.
هذا التنافس لدخول الأسواق الإماراتية والانطلاق منها لم يأت من فراغ ولا مجاملة، على رغم قلة المدن الإعلامية في الوطن العربي، ويعود سبق الريادة أولًا: إلى دولة مصر ومدينة الإنتاج الإعلامي، إلا أن الإمارات ومدنها الإعلامية الأربع سحبت البساط من المستثمرين المتجهين إلى مصر أو الأردن، بمزايا. وهكذا أصبح أحد أهم أسباب هجرة الإعلاميين السعوديين إلى الإمارات هو المجال الإعلامي والفرص المتاحة للعمل فيها.
تقرير البنك الدولي أشار إلى أن دبي أظهرت قدرتها على استقطاب المستثمرين وأصحاب الشركات من جميع أنحاء العالم، لما تتمتع به من استقرار وبيئة اقتصادية آمنة ذات مزايا تنافسية في دخول أسواق جديدة.
ربما يكون معرض دبي للطيران والمؤتمر السنوي لمنتدى الإعلام العربي والقمة الحكومية قمة أبوظبي للإعلام ومؤتمرات إقليمية ومحلية وعربية، والحدث الأبرز معرض إكسبو الذي سيقام في 2020 في دبي، الفكر الاقتصادي الذي سلكه نائب رئيس الدولة رئيس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، من خلال التنوع في استقطاب المشروعات والأفكار بما يناسب كل الاتجاهات؛ إذ أطلق الشيخ محمد مبادرات عديدة منها الحكومة الذكية والتعليم الذكي، وقبل أسابيع أطلق مشروعًا لتشجيع القراءة والعناية بالموهوبين، حينما تكون في بلد وحاكمها هاجسه الأول والمسيطر على دماغه في كل الأوقات، كيف يسعد شعبه والمقيمين فيها، فكيف بالله عليكم يمكنكم عدم التفاعل مع أفكاره والمشـــاركة في طرح وتطوير مقترحاته.
إذا كانت آسيا تفتخر بسنغافورة وكوالالمبور وهونغ كونغ، فالخليجيون والعرب يفتخرون بالإمارات دبي وأبوظبي والعين والشارقة وعجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والفجيرة وغيرها من المدن التي قطعت مسافة من الزمن في أقل من الوقت المطلوب، أي إنجاز تحققه دولة الإمارات العربية المتحدة في سلم التقدم والارتقاء نحو المقدمة، هو مبعث فخر لكل العرب والخليجيين، وكل عام والإمارات وشعبها تصعد سلم المجد بهمة ونشاط وثقة.
* ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الحياة وبوابة العين الإلكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة