لا شك أن علاقات الحلفاء تمر بانعطافات وتقلبات، ولكنني لم أشك لحظة واحدة في براءة المملكة من التورط في هجمات 11 سبتمبر
لا أشك أن نشر السلطات الأميركية لـ28 صفحة من تقرير الكونغرس عن أحداث 11 أيلول (سبتمبر) كان إحدى النتائج المهمة للزيارة التي قام بها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة الشهر الماضي، في تلك الزيارة الطويلة نوعاً «ما»، كان التركيز فيها على الملف الاقتصادي بشكل واضح، ولكن ولي ولي العهد التقى العديد من الساسة في المؤسسات السياسية الأميركية وصولاً إلى لقائه بالرئيس الأميركي باراك أوباما.
لا شك أن علاقات الحلفاء تمر بانعطافات وتقلبات، ولكنني لم أشك لحظة واحدة في براءة المملكة من التورط في هجمات 11 سبتمبر، فكلنا يتذكر أن تنظيم القاعدة وبعد تلك الأحداث دخل في حرب ضد المملكة استمرت لسنوات، كما أن ذلك التنظيم أعلن مسؤوليته الصريحة عن تلك الحادثة الإرهابية.
بعض أعداء المملكة احتفلوا قبل فترة بإقرار الكونغرس الأميركي لقرار يعطي أهالي ضحايا 11 سبتمبر الحق في مقاضاة المملكة في المحاكم الأميركية، بل إن البعض منهم روجوا أن المملكة قد تبيع سندات وأصول استثمارية لها في أميركا خوفاً من الإجراءات القانونية التي قد تصل إلى تجميدها ودفع تعويضات لأهالي الضحايا منها في المستقبل، ولثقة المملكة في موقفها المناهض للإرهاب وأنها إحدى ضحاياه فقد نفت نيتها سحب تلك الأصول المالية، وكما هو معروف للجميع أن المملكة وعلى لسان العديد من مسؤوليها هم أول من طالب بنشر الـ«28 ورقة» الغامضة في تقرير الكونغرس، بل إن السفير السعودي السابق في واشنطن الأمير بندر بن سلطان قال في أكثر من تصريح صحافي كيف ندافع عن ذلك الجزء المحجوب ونحن لم نطلع عليه، وطالب بنشر ذلك الجزء في دلالات على ثقته بالموقف السعودي. في اعتقادي أن نشر 28 ورقة من تقرير الكونغرس أثبت بلا شك أن حكومة المملكة بريئة من تلك التهمة، التي للأسف دفعت بعض السياسيين ولا سيما المرشحين للرئاسة في الانتخابات الأميركية خصوصاً دونالد ترامب إلى استغلال ذلك الحجب وجعلوا من السعودية مسؤولة عن تلك الهجمات، إضافة إلى أن ذلك الحجب، وكما يرى بعض المحللين، أصبح أداة ابتزاز في يد الحكومة الأميركية للضغط على المملكة في ملفات أخرى مثل الملف النووي الإيراني والوضع في سورية والعراق، وهذا الاختلاف واضح ولا غبار عليه، ولكن بين الحلفاء لا يمكن أن تكون نظرية المؤامرة هي معيار يحدد العلاقة فالمصالح هي في المقام الأول، من ناحية ثانية المملكة لم نسمع أن لها تدخلات وعمليات تخريبية أو اغتيالات على مر تاريخها، كما أنها ليست ذات أنظمة إقليمية أخرى مثل إيران في تفجيراتها لمصالح غربية وأميركية في الشرق الأوسط، وليست كأنظمة العراق وسورية، أو نظام القذافي البائد الذي دفع بلايين الدولارات تعويضات لأهالي ضحايا عمليات إرهابية قام بها.
أخيراً، أعتقد أننا في المملكة وعلى رغم عدالة مواقفنا على المسرح الدولي، بخاصة في دول غربية تسمح طبيعة أنظمتها ومجتمعاتها بالتحرك السياسي والإعلامي، إلا أننا مقصرون في ذلك على مستوى أدائنا الدبلوماسي والإعلامي، وعلينا معرفة أسباب الخلل في ذلك، ولا نريد أن يُعلن عن لوبي سعودي في واشنطن، وممثليه على قنواتنا المحلية والعربية، تاركين ساحة العمل هناك.
نقلًا عن صحيفة الحياة
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة