ماذا يحدث داخل جماعة الإخوان؟، وما مدى دقة الأخبار المنسوبة إلى مصادر داخل الجماعة بشأن الخلافات داخلها؟
ماذا يحدث داخل جماعة الإخوان؟، وما مدى دقة الأخبار المنسوبة إلى مصادر داخل الجماعة بشأن الخلافات داخلها؟
نقرأ كل يوم العديد من الأخبار التى تتحدث عن خلافات أو انقسامات وانشقاقات، بل وشتائم متبادلة بين بعض قيادات الجماعة، لكن لا نعرف بالضبط إلى أى مدى تعبر كل هذه التفاعلات عن الحقيقة.
السبب الرئيسى فى كل ذلك أن الإخوان جماعة مغلقة ومنغلقة ربما بصورة غير موجودة فى أشد التنظيمات السرية العسكرية.
الإخوان جماعة موجودة على أرض الواقع منذ عام ١٩٢٨، لكن لا أحد بمن فيهم معظم أعضاء الجماعة يعرف أى إحصاءات أو معلومات فعلية عنها. لا نعرف ولايعرفون أسماء أعضاء الجماعة الكاملة وتقسيماتهم وفئاتهم، بل ولا نعرف البرنامج الفعلى للجماعة أو حتى نوعية الكتب ومضمون المناهج التى يتم تدريسها للأعضاء، وهل هناك أيديولوجية خفية لهذه الجماعة غير ما يتم إعلانه مبتسرا؟!.
لا نعرف ميزانية الجماعة، ومن أين تأتى الأموال، ومن الذى يتبرع بخلاف اشتراكات الأعضاء، بل إن الدكتور محمد حبيب ــ الذى وصل إلى منصب نائب المرشد، وكان قاب صوت أو صوتين ليصبح المرشد العام للجماعة ــ لم يكن يعرف الكثير من أسرار الجماعة خصوصا المالية طبقا لما جاء فى المذكرات التى نشرتها له الشروق قبل نحو عام ونصف العام.
ليست هناك كشوف رسمية لأعضاء جماعة الإخوان الرسميين والمخفيين، وليست هناك كشوف بالمتعاطفين والمتبرعين فى الداخل والخارج وهو أمر غير مألوف إلا فى عصابات المافيا والجمعيات الماسونية.
وبالمناسبة هذا هو السبب الأكبر، الذى يدفع البعض إلى الحديث عن الخلايا النائمة للإخوان، بل ويجعل أبرياء يدفعون ظلما ثمن الأخونة هذه الأيام. ولو أن الجماعة واضحة وتعمل فى النور ما كنا وصلنا إلى هذه الحالة الغريبة.
لدينا جماعة كانت تحكم أكبر دولة عربية والمتحدث الرسمى باسمها الآن «محمد منتصر»، لا نعرف شكله، ولا نعرف اسمه الحقيقى، فإذا كان المتحدث الرسمى مجهولا، فما هو حال بقية المناصب والمهام؟!
كنا نعتقد أن ذلك مرتبط بوجود الجماعة فى المعارضة وأنها تخشى بطش أجهزة الأمن ومطاردتها، واعتقد الجميع أن ذلك سوف يتغير جذريا بعد ٢٥ يناير ٢٠١١، وبعد أن وصلت الجماعة إلى السلطة وسيطرت على مجلسى الشعب والشورى أواخر عام ٢٠١١ ثم رئاسة الجمهورية عام ٢٠١٢، ثم شكلت الحكومة، و«كوشت» على السلطات الثلاث، ورغم ذلك لم نعرف حقيقة الجماعة التى صارت تحكمنا.
صار محمد مرسى رئيسا للجمهورية فى يونيو ٢٠١٢ ورغم ذلك لم نكن نعلم يقينا من الذى يحكمنا، هل هو الشخص الذى انتخبه ٥١٪ من الناخبين أم مكتب إرشاد الجماعة المصرى ومعه مكتب الإرشاد الدولى؟!.
السؤال هو: فى ظل كل ما سبق، وطالما أننا اختبرناه على أرض الواقع، فما الذى يجعلنا نصدق أن ما يدور على السطح، هو بالفعل ما يحدث داخل كواليس ودهاليز الجماعة؟!
باستثناء الحوار الذى أجراه الأمين العام للجماعة محمود حسين مع قناة الجزيرة القطرية قبل نحو أسبوع، فلا توجد لدينا وثائق أو تصريحات ومعلومات واضحة يمكن الوثوق فيها تجعلنا نعرف حقيقة الأوضاع داخل هذه الجماعة شديدة الانغلاق.
قبل أن نسأل ماذا يحدث داخل الجماعة، هل يمكن أن نناشد كبار المسئولين فيها، وأنصارها ومحبيها والمتعاطفين معها أن ينصحوها أن تغير هذه السياسة، وأنه لا يليق أن تستمر الجماعة بنهجها المنغلق فى عصر انفجار المعلومات الذى تشهده البشرية الآن، وأنه آن الأوان للجماعة أن تحسم أمرها، وهل هى جماعة سياسية أم دعوية، والأهم أن تحسم أمرها وتجرى مراجعات حقيقية لكل ممارساتها وأفكارها وسياساتها وبرامجها التى أوصلتها وأوصلت البلاد والمنطقة إلى هذه المأساة، بالتحالف مع الاستبداد.
ما كان يصلح فى الماضى لم يعد مقبولا الآن.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الشروق المصرية وبوابة العين الإلكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة