وفى عام 2015 المصرى حصلنا على برلمان مثير للجدل قبل أن يولد، وعلى شهادة رسمية بموت الإعلام المصرى حتى إشعار آخر
وفى عام 2015 المصرى حصلنا على برلمان مثير للجدل قبل أن يولد، وعلى شهادة رسمية بموت الإعلام المصرى حتى إشعار آخر.
بعد جدل الإقبال وسطوة المال السياسى، تعرض البرلمان قبل وبعد ميلاده العسير لاتهامات بأنه مجلس الموافقة والتحالفات الموالية، فى ظل تعرض معظم الأحزاب للاختفاء «الطوعى». ولفت موقع بى بى سى العربية إلى أن إحجام الشباب عن المشاركة يعنى أنهم «لا ينتظرون الكثير من البرلمان، بعد غياب القيادات الشبابية التى شاركت فى ثورة يناير».
.. وفى 2015 غاب شباب يناير عن البرلمان، وحضر كل الخصوم.
المرشح الفائز وخبير الأعشاب الطبية أكد أنه «مفيش ثورة تانى فى مصر بعد 30 يونيو»، ومضى فى سبيله لالتهام لجنة الشئون العربية «بحكم استثماراتى فى السعودية والكويت، والبحرين»، والعرب يحبون الأعشاب.
توفيق عكاشة فى أول تصريح له بعد النجاح قال إنه كان يكذب علينا ليؤدى دوره فى التلاعب بالرأى العام، لصالح النظام السياسى.
المخرج خالد يوسف، المرشح الفائز، تعرض لحملة تشويه إعلامى وقانونى، لم تضع أوزارها حتى الآن، لكنها كانت كفيلة بكشف الدرك الذى انحدر إليه إعلام الحشد والتهويش. استهتار بمصائر الناس، وبعقول المشاهدين، وبالوطن على بعضه.
حراس المناخ الذى جعل المواطن يعزف عن المشاركة، يخططون لمجلس أليف بلا معارضة نهائيا، يتزعمه تحالف أليف، اسمه «تحالف دعم مصر»، أكثر الكلمات استخداما وامتهانا فى 2015.
سبعة تحالفات حملت اسم مصر خاضت الانتخابات، ثم فشلت المساعى حتى الآن فى تحويلها إلى دبدوب عملاق يسيطر على المجلس، ويلقف ما قد يأفك المعارضون. فكرة وصفها المرشح الفائز عبدالرحيم بأنها «نسخة جديدة من صفقات الأجهزة الأمنية مع البرلمان».
انهار التحالف البرلمانى المنتظر لدعم مصر فى أول اختبار، لأن التنافس بين النواب أصبح على القرب من النظام، وليس على كسب ثقة الشعب. تماما كما تصدع الإعلام المصرى على الهواء مباشرة، وهو يتراشق الاتهامات والتهديدات، حتى يتبين أى الطرفين أولى برعاية النظام، بينما يعيش الإعلام كله أزمة ثقة مع جمهور لا يصدقه.
..وفى هذا العام سمعنا من الإعلام عن ماس كهربائى حرق الطائرة الروسية، وعن مجلس إدارة العالم، وعن مقاطع حميمة مفبركة. سمعنا عن سرقة صور خاصة من موبايل ضيفة بأحد البرامج، وعرفنا أن «الشعب الأثيوبى عامل ثورة لإسقاط النظام علشان خاطر مصر».
أصبح الإعلام ونجومه المادة الخام للناس على القهاوى ومواقع التواصل، وليس العكس.
على الجانب الآخر يعيش الإعلام أزمة مع الدولة التى تحاصره بالخطوط الحمراء والخضراء، وتلاعبه كما يفعل مدربو السيرك مع الوحوش. الإعلام الذى وصفه نظام الإخوان بسحرة فرعون، هو الذى عاتبه الرئيس السيسى، واتهمه بالبعد عن الجدية والفائدة. لكن حراس المناخ الراهن ذهبوا إلى ما هو أكثر من العتاب، فظهرت القوائم البيضاء والسوداء لمؤسسات إعلامية أو كتاب، وانصرف عن المهنة صحفيون موهوبون، وجلس البعض فى بيته انتظارا للفقرة التالية.
..وفى هذا العام تعهدت إحدى الصحف الكبيرة فى بيان للرأى العام بأنها «لن تدخل فى معركة مع أحد».
قبل أسابيع من انتفاضة يناير التى فتحت للمصريين طاقة الأمل، كنا نشكو من البرد، ومن برلمان رسمه أحمد عز بالمسطرة، ومن التضييق الإعلامى لنظام مبارك. كتبت فى الشروق وقتها أن للصحفى قصتين، يكتب الأولى للصحيفة كما تقتضى قوانين النشر وتوازنات الحياة الدنيا، ويحكى الأخرى لأصحابه على القهوة، أو لنفسه فى مرآة الهلاوس الليلية.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الشروق المصرية وبوابة العين الإلكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة