الانطباع الأول الذى سيصل لأذهان الناس هو التعاطف مع الرئيس باعتباره يبذل جهدا استثنائيا، بسبب تراكم المشاكل.
فى حواره المتميز والعميق دائما مع الإعلامية الكبيرة لميس الحديدى على فضائية سى بى سى قال الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل مساء أمس الأول الجمعة إن الرئيس عبدالفتاح السيسى أخبره أنه لا ينام إلا ساعتين فقط كل يوم.
الانطباع الأول الذى سيصل لأذهان الناس هو التعاطف مع الرئيس باعتباره يبذل جهدا استثنائيا، بسبب تراكم المشاكل. لكن الانطباع الأخير الذى سيترسخ فى الأذهان أن هذا أمر خطر وفوق احتمال البشر، ولا يمكن لإنسان عادى أن يستمر هكذا، لأنه لن يتمكن من اتخاذ القرارات الصحيحة كما ينبغى لها أن تكون.
أتمنى أن يبادر الرئيس السيسى إلى وقف هذه العادة فورا، لأنه لا يمكن لشخص أن يواصل حياته بمثل هذا المعدل من ساعات النوم.
من الصحى جدا أن يستيقظ الإنسان فى الخامسة، «بورك لأمتى فى بكورها»، ويبدأ عمله بعد صلاة الفجر، ونتذكر مطالبة الرئيس للوزارات والهيئات بأن تبدأ أعمالها فى السابعة صباحا، لكن لكى ينجح ذلك فالمطلوب أن يحصل الإنسان على قسط من الراحة، وأن ينام مبكرا أيضا.
نطالب الرئيس بتغيير هذه العادة فورا، لأنه يفترض أن يكون فى كامل لياقته الصحية والذهنية والبدنية وهو يتخذ قراراته، والنوم ساعتين فقط لن يوفر له ذلك إطلاقا.
نشاهد كل رؤساء أمريكا وهم يعلنون أنهم ينامون جيدا، ويستمتعون بحياتهم جيدا، ويحصلون على إجازاتهم فى المنتجعات المختلفة. وقبل أيام قرأنا أن الرئيس باراك أوباما ذهب فى عطلته بعد أن ألقى الخطاب السنوى.
كنا نشاهد الرئيس الفرنسى الأسبق فرانسوا ميتران وهو يزور الأقصر سنويا فى رحلة استجمام، ثم رأينا رئيس وزراء بريطانيا الأسبق تونى بلير وهو يتردد على معظم المنتجعات المصرية خصوصا شرم الشيخ أثناء توليه منصبه. كل قادة ومسئولى العالم وكبار المسئولين فيه يحصلون على قسط واضح من الراحة والاستجمام حتى يمكن أن يواصلوا حياتهم بصورة طبيعية، وبالتالى يتخذون القرارات الصحيحة.
قبل شهور صدرت دراسات من كبريات المستشفيات العالمية طالبت فيها رؤساء الشركات بضرورة النوم ثمانى ساعات حتى يكونوا على أعلى درجة من اللياقة والصحة، بل ويكونوا فى مستوى يمكنهم من الإبداع ليتخذوا القرارات الصحيحة.
هذا الأمر ينطبق على رئيس الشركة والعامل فى الشركة ورئيس الجمهورية وقائد الجيش وأى مسئول فى أى موقع.
ونقرأ دائما أن النظريات العلمية تقول إن متوسط عدد ساعات النوم التى يفترض أن يحصل عليها الشخص العادى هو ثمانى ساعات يوميا، ولم نقرأ أبدا أنها يمكن ان تصل إلى ساعتين وإلا كانت هناك خطورة حقيقية على الشخص الذى يفعل ذلك، خصوصا إذا كان مسئولا وفى مكان حساس.
نعلم حجم المشاكل المتراكمة فى مصر، ونعلم أنها تحتاج إلى جهد كبير، ونعلم أنه ينبغى أن يبذل الناس جهودا مضاعفة، كل فى مجاله. لكن لا يمكن لشخص ينام ساعتين فقط أن يكون لديه القدرة على مواصلة هذا الأمر إلى ما لا نهاية مهما كانت قدرته على التحمل والصبر.
يحتاج الرئيس ــ كما قال بصدق الأستاذ هيكل ــ إلى أن يزيد عدد الفريق المساعد حوله. أعرف بعضا من هؤلاء المساعدين وهم يبذلون جهودا جبارة، لكن كلما زاد العدد وصار هناك خبراء ومستشارون فى كل المجالات، صار الرئيس قادرا على وضع الرؤية السليمة، بدلا من أن يجد نفسه غارقا فى العديد من التفاصيل الدقيقة التى هى ليست مهمته بكل تأكيد.
على الرئيس السيسى أن يعيد قراءة الملف الصحى للرئيس الراحل جمال عبدالناصر جيدا خصوصا فى آخر ايامه، ليدرك أنه فعل أشياء مشابهة لما يفعله السيسى الآن.
هناك طاقة لكل إنسان وقدرة على الاحتمال. من مصلحة مصر أن يتمتع رئيسها بأفضل حالة صحية ممكنة، وهذا لن يتأتى بالنوم ساعتين فقط يوميا.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الشروق المصرية وبوابة العين الإلكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة