يغامر ويخوض معركة يعلم أنها محسومة سلفا لصالح منافسه، لكنها تنقذ شرعية نظام شارك فى تأسيسه،
يغامر ويخوض معركة يعلم أنها محسومة سلفا لصالح منافسه، لكنها تنقذ شرعية نظام شارك فى تأسيسه، فيصر «الكهنة» على إخراجه من سباق الرئاسة ثالثا حتى لا يسمع له بعد ذلك صوت.. يأخذ خطوة إلى الخلف حتى «يحصل الرئيس المنتخب على فرصة كافية لتحقيق آمال شعبه دون مناكفة» فُيتهم بالتراجع «أهو قعد فى البيت».. يعود ليطرح أفكارا يعتقد أنها تصب فى خانة «تصويب مسيرة العمل الوطنى لتكون فى الطريق الصحيح»، فيلعن من «اللى يسوى واللى مايسواش»، وتطلق عليه «باكابورتات مدينة الإنتاج» صواريخ القذارة.
منذ عام تقريبا وخلال لقائه بعدد من رجال الشرطة والجيش والإعلام بمسرح الجلاء للقوات المسلحة، داعب الرئيس عبدالفتاح السيسى منافسه المرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى، قائلا:«أنت ربنا بيحبك، وأنا سعيد إنى شوفتك النهارده».. وهو ما فسره البعض أن الرئيس أراد أن يرد الاعتبار لمنافسه بعد المعركة الانتخابية التى هزته.
خرج حمدين من عزلته الاختيارية ليوجه للسلطة الحاكمة عدة رسائل قبل ذكرى الخامسة لثورة يناير، من «أجل التصحيح لا التجريح»، فالرجل يرى أن «مصر الآن فى مأزق، وأحد ملامح هذا المأزق أن السلطة التى تحكم لا تنحاز لأغلبية المصريين والفقراء.. وما زلنا نُحكم بنفس السياسات القديمة البالية».
صباحى قلق على مصر وغيور عليها ويتمنى نجاحها وتقدمها وحماية كرامة أبنائها، على حد ما قاله للزميل وائل الأبراشى على فضائية دريم مساء الأربعاء الماضى، ويتمنى «أن نكون بلدا يليق بشهدائه، من خلال القضاء على ما نعيش فيه من فقر وفساد واستبداد وتبعية».
عندما وصل حديث حمدين إلى محطة «استمرار إشاعة المظالم بين الناس».. وعدم تحقيق مطالب الشعب من «عيش وحرية وعدالة اجتماعية»، رفع «الواد عاشور سكينة الكهرباء عن منطقة دريم»، لينقطع البث ويعود بعد دقائق، ويتساءل الأبراشى: «أنا أندهش لماذا ينقطع التيار الآن، فهو سيظل سؤالا ولغزا»، فيرد صباحى: «التيار يمكن أن ينقطع، ولكن نور ربنا لا يتوقف أبدا».
ما إن انتهت الحلقة التى دعا فيها صباحى إلى إنفاذ الدستور، وإرساء دولة العدل والقانون والمساوة والمواطنة، وحيا فيها السلطة على «الإنجازات اللامعة التى تحققت»، لكنه دافع فى الوقت ذاته عن حق مصر فى وجود «قوة معارضة وطنية بناءة» ــ حتى فتحت «كتائب الهبش العام»، نيرانها عليه.
فالرجل الذى يرى أن البلد كله سيدفع الثمن لو فشل نظام الحكم الحالى، وأنه ينتقد السلطة لتطبيق عبارة «انصر أخاك ظالما أو مظلوما»، لم يسلم من «حلف الدببة»، الذى يخون كل من ينتقد الرئيس ونظامه.
فخرج عليه أحد راكبى أمواج كل الأنظمة الحاكمة من مبارك إلى «العسكرى»، ومن مرسى إلى السيسى، ليصف حواره بـ«مجموعة من الصواريخ الفشنك» ويسأله: «كيف تشكك فى السلطة المصرية الوطنية التى دافعت وكافحت وناضلت من أجل الوطن؟».
ويضيف «راكب الأمواج»، الذى أعاد تقديم جمال وعلاء مبارك إلى الرأى العام واستقبلهم فى مناسبة عائلية، موجها كلامه لـ«صباحى» على شاشة يملكها أحد رجال أعمال مبارك: «ما يجرى مؤامرة حقيقية، ولا يحق لك أنت وأمثالك أن تتحدث».
أما الصحفى صاحب «كرباج السفالة»، الذى يملأ قلمه بمداد من «الزبالة»، فنشر على صفحته بـ«فيس بوك»، صورة لـ«حمدين» مع «المعزول» محمد مرسى فى قصر الاتحادية، وهو يقول له «وحشنا يا ريس»، ونسى أن رئيسنا عبدالفتاح السيسى أقسم يمين الولاء فى نفس القصر لرئيسه حينها محمد مرسى كوزير للدفاع بعد عزل قائده العام المشير طنطاوى.
ماسورة المجارى طفحت وطرطشت على حمدين، من ألتراس السيسى الذى لا يختلف كثيرا عن التراس الإخوان، الفريقان على استعداد أن ينهشوا كل من يختلف معهم.
لا يوجد حل مع صاحبنا الذى قرر أن يكون ناقدا، ويرسى دور المعارضة الوطنية البناءة، أن «تقتلوه أو تطرحوه أرضا يخل لكم وجه رئيسكم، فـ«ليس من الوطنية معارضة الرئيس»، على حد تعبير النائب فرج عامر للزميل على كمال فى «الشروق».
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الشروق المصرية وبوابة العين الإلكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة