تأجلت القمة العربية الدورية لعام 2016 من 29 مارس الحالى إلى شهر يوليو المقبل
تأجلت القمة العربية الدورية لعام 2016 من 29 مارس الحالى إلى شهر يوليو المقبل وتقرر بعد اعتذار المغرب عدم استضافتها انعقادها فى موريتانيا الدولة التالية فى رئاسة القمة للمغرب بحسب الترتيب الأبجدى بعد أن قبلت ذلك
والأصل بحسب الملحق الخاص بالانعقاد الدورى لمجلس جامعة الدول العربية (مادة4) الذى أُقر فى القمة التى استضافتها مصر عام 2000 وأصبح جزءاً لا يتجزأ من الميثاق أن تعقد الدورات العادية للقمة فى مقر الجامعة بالقاهرة ويجوز للدولة التى ترأس القمة وهى المغرب فى حالتنا أن تستضيفها إذا رغبت فى ذلك، أى أن قبول موريتانيا استضافة القمة تطوع منها تُحمد عليه ولو لم تفعل لتعين انعقادها فى مصر.
وقد بدا من بعض التعليقات وكأن مصر لا تفكر فى استضافة القمة بينما هى ملزمة بذلك إذا لم تُبد الدولة التى يجيء دورها فى رئاسة القمة رغبتها فى استضافتها ولم تُبد دولة أخرى استعداداً لذلك ، وقد بدأت قصة اعتذار المغرب عن عدم الاستضافة بنبأ تأجيل القمة إلى نهاية الأسبوع الأول من أبريل وقيل إن ذلك بناءً على طلب سعودى ثم صدر بعد ذلك بيان الخارجية المغربية الذى تضمن الاعتذار .
ويستحق هذا البيان إمعان النظر فقد ذكر أن القرار المغربى يتماشى ومقتضيات ميثاق الجامعة العربية وبناءً على المشاورات التى أجريت مع دول عربية عدة وبعد تفكير واعٍ ومسئول يلتزم بنجاعة العمل العربى المشترك وضرورة الحفاظ على صدقيته، ورأى أن القمة لا تشكل غاية فى حد ذاتها وخلص إلى أن الظروف الموضوعية لا تتوافر لعقد قمة عربية ناجحة قادرة على اتخاذ قرارات فى مستوى ما يقتضيه الوضع ومن ثم تكون مجرد مناسبة للتصديق على توصيات عادية وإعطاء خطب تعطى الانطباع الخاطئ بالوحدة والتضامن وتكتفى بتكرار التشخيص المرير لواقع الانقسامات التى يعيشها العالم العربى دون تقديم الإجابات الجماعية الحاسمة والحازمة لمواجهة هذا الواقع.
وأضاف البيان أن القادة العرب كذلك لا يمكنهم الوقوف مكتوفى الأيدى أمام المشكلات الاجتماعية والاقتصادية للشعوب العربية أو الاقتصار على دور المتفرج الذى لا حول له ولا قوة على المآسى التى تمس المواطن العربي، وأشار البيان إلى أن المغرب لا يريد أن يعقد قمة لا تضيف إلى الدفاع عن قضية فلسطين فى وقت يتزايد فيه الاستيطان الاسرائيلى وتنتهك حقوق الشعب الفلسطيني، وانتهى إلى أن المملكة المغربية تتطلع كجميع شقيقاتها العربيات إلى عقد قمة للصحوة العربية لتجديد العمل العربى المشترك باعتباره السبيل الوحيد لإعادة الأمل للشعوب العربية .
وليست المغرب أى دولة عربية فلها دورها العربى المهم وبالذات فى القمم العربية وقد كانت ثانى دولة تستضيف القمم العربية فى 1965 بعد قمتى القاهرة والإسكندرية فى 1964، كما أنها استضافت قمماً حاسمة كقمة فاس 1982 التى صدقت على المبادرة السعودية لتسوية الصراع العربى - الإسرائيلى وقمة الدار البيضاء 1989 التى عادت فيها مصر إلى منظومة الجامعة العربية، ولذلك فإن وجهة النظر المغربية فى تشخيص الواقع العربى وما يترتب عليه من تداعيات على جدوى انعقاد القمم العربية يجب أن تلقى ما تستحقه من اهتمام. والواقع أن ثمة ملاحظات عديدة ترد على وجهة النظر هذه.
وأول الملاحظات أنه ليس من الصحيح أنها تتماشى و«مقتضيات ميثاق الجامعة» إذ أن ملحق الميثاق الخاص بدورية انعقاد القمم الذى هو جزء لا يتجزأ من الميثاق لا يشير من قريب أو بعيد إلى أن انعقاد القمة يرتبط بملاءمة الظروف بل إن منطق هذا الملحق انبثق من جهود التخلص من ظاهرة تأجيل انعقاد القمم بدعوى عدم وجود ظروف ملائمة لنجاحها واتخاذ »الإعداد الجيد« ذريعة للتأجيل والمماطلة فى عقدها ويرتبط بهذا المنطق أن الظروف السيئة دافع لانعقاد القمة وليست مبرراً لتأجيلها، فمن يكون أقدر من القادة العرب على مواجهة هذه الظروف وإيجاد السبل الكفيلة بالخروج من الواقع العربى المتدهور، والحق أننا لو سلمنا بمنطق البيان المغربى فسوف نعود بذلك إلى ما قبل قمة 2000 حين كان انعقاد القمة فى كل مرة هم بالليل ومذلة بالنهار لمن يريد هذا الانعقاد.
وعلى الرغم من أن التشخيص المغربى للواقع العربى صحيح لكن النتائج التى بنيت عليه قابلة للنقاش، فلماذا نقطع بأن تكون القمة مجرد ساحة لإلقاء خطب بلا معنى أو تكراراً لتشخيص مرير لواقع الانقسامات العربية؟ وما الذى يمنع القادة العرب من تقديم الإجابات المطلوبة عن التحديات؟ ولماذا يقفون مكتوفى الأيدى أمام المشكلات التى تواجه شعوبهم أو يكتفون بموقف المتفرج على المآسى التى تصيب مواطنيهم؟ ولماذا لا تضيف القمة القادمة إلى القدرة العربية على الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى التى صدق البيان فى توضيح المخاطر التى تتهددها؟ ولماذا لا تكون القمة التى اعتذر المغرب عن عدم استضافتها هى قمة الصحوة التى يتطلع إليها خاصة وقد كان للمغرب وقيادته دوماً دور عربى مقدر؟ والواقع أن منطق البيان ينطبق على مواجهة القادة للظروف الصعبة فى بلدانهم، فهل يعتذر القادة عن عدم التعامل مع هذه الظروف لصعوبتها؟.
المشكلة أن البيان المغربى ذكر أن قرار الاعتذار عن القمة قد اتخذ بناءً على مشاورات أُجريت مع دول عربية عدة، فهل نحن إزاء موقف مجموعة من الدول العربية وليس المغرب وحدها؟ وأى هواجس من حقنا أن نفكر فيها بشأن ما يراد بالإطار العربى للمستقبل فليست هذه هى المرة الأولى التى تتعثر فيها الخطى العربية وتتقدم غيرها، فقد تعثرت القوة العربية المشتركة على سبيل المثال رغم اكتمال الاستعداد لها بينما تُجرى حالياً مناورات »رعد« بين قوات من دول إسلامية بمنتهى السلاسة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة