من البيئة إلى الديموغرافيا..تسونامي القمع يعصف بالنشطاء في إيران
حملة اعتقالات طالت باحثين ونشطاء في مجال الدراسات السكانية، بزعم أنهم "عناصر مندسة" تسعى لـ"التجسس" لصالح أجهزة استخبارات أجنبية.
"التجسس".. تهمة على المقاس تلصقها السلطات الإيرانية بكل من تخطط لتصفيته عبر الزج به وراء القضبان، تمهيدا لسيناريو لا يختلف في عمقه عن غيره سوى في تفاصيله الدقيقة.
فعقب موجة الاعتقالات التي طالت، مؤخرا، نشطاء إيرانيين في مجال البيئة، واعتقالهم بالتهمة نفسها، ذكر إعلام محلي أن طهران اعتقلت عددا من الباحثين والنشطاء في مجال الدراسات السكانية (الديموغرافيا)، بزعم أنهم "عناصر مندسة" تسعى لـ"التجسس" لصالح أجهزة استخبارات أجنبية.
وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا"، أوردت أن سلطات البلاد اعتقلت، مساء الأحد، الباحثة الأسترالية من أصل إيراني ميمنت حسيني تشاوشي، الناشطة بمجال بحوث السكان لدى الجامعة الإيرانية الأسترالية، وفقا لمحاميها محمود بهزادي.
ونقلت الوكالة عن "بهزادي" قوله إن اعتقال موكلته جاء على خلفية اتهامها بأنها "عنصر مندس"، بينما رفضت تشاوشي الاستعانة بمحام ضمن 20 آخرين رشحتهم لها، قسرا، السلطات القضائية.
- إيران تقمع نشطاء البيئة للتعتيم على أنشطة مليشيا الحرس
- "مراسلون بلا حدود" تندد بموجة اعتقال الصحفيين في إيران
ولـ"تشاوشي" مؤلفات في مجال ديموغرافيا السكان، بينها كتاب بعنوان "تطورات الإنجاب في إيران"، وهي حاصلة على جائزة الكتاب العالمي لعام 2010 من طهران.
ويتزامن اعتقال الباحثة الأسترالية مع حملة قمع عشوائي لنشطاء وباحثين في مجال دراسات السكان داخل إيران، بالتزامن مع دعاية تقودها صحف ووكالات أنباء مقربة من الحرس الثوري والأصوليين، ضد أنشطة الباحثين، بدعوى أنهم عناصر مندسة مدعومة ممن وصفتهم بـ "الأعداء".
وكالة أنباء "فارس" الإيرانية تحدثت عن اعتقال واستدعاء عدد في مجال مراقبة السكان، من قبل أحد أجهزة الأمن الإيرانية وبالتعاون مع القضاء.
وتتهم السلطات الإيرانية هؤلاء الأشخاص الذين لم تفصح عن هوياتهم، وفقا لوكالة "فارس"، بـ"العمل على عرقلة إنجاز السياسات العامة للنظام" بدعوى اختراق بعض المؤسسات في طهران، ومنها وزارتي العلوم والصحة، ومركزي بحوث البرلمان، والدراسات الاستراتيجية التابع لمؤسسة الرئاسة.
خامنئي.. رأس حربة القمع
مع أن الإحصاءات والأرقام تشكل طبيعة عمل هؤلاء الباحثين، غير أن الدوائر المتشددة في طهران تنظر دائما بعين الريبة للناشطين في مجال البحث العلمي، حيث شنت أجهزة أمنية حملة اعتقالات مماثلة لبعض علماء الحياة البرية بدعوى التجسس أيضا، في فبراير/ شباط الماضي.
وبعدّ خامنئي أحد أكثر المسؤولين في نظام طهران تعنتا ضد قضية تنظيم النسل، حيث أعرب في السنوات الأخيرة، عن عدم رضاه عما أسماه بـ"شيخوخة الإيرانيين".
وفي هذا الصدد، أصدر في سبتمبر/ أيلول 2016، مرسوما يتضمن 16 مادة، بعنوان "السياسات العامة للنظام"، شدد فيه على تشجيع إنجاب الأطفال، فضلا عن زواج العازبين والأرامل.
وتهدف السياسة العامة التي وضعها مرشد نظام ولاية الفقيه، إلى الاتجاه نحو زيادة معدل سكان البلاد من نحو 81 مليون نسمة حاليا إلى 150 مليون نسمة كحد أدني مستقبلا.
ويزعم المتشددون في إيران أن الدراسات العلمية في مجال السكان تستبطن محاولة لـ "التلاعب" بسياسات الديموغرافيا، إلى جانب تصنيفها ضمن هوس مواجهة ما تعتبره طهران "العدو" خارجيا.