إن أخطر ما تقوم بصنعه إيران اليوم من استثمار في حرب غزة يتعلق بالحوثيين الإرهابيين في اليمن.
لقد أمرتهم بإرسال مسيرات محدودة التأثير عديمة النفع، وغير قادرة على الوصول إلى هدف مادي داخل إسرائيل، أو على مقربة منها، لكن تبعات ذلك يستوجب تفصيلها:
أولاً : نجح التحالف العربي منذ انطلاقته في إفشال مسعى إيران جعل الحوثيين سلطة شرعية في اليمن، وتم تصنيفهم حتى كمنظمة إرهابية في نهاية ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قبل أن ينقضّ الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن القرار بعد دخوله البيت الأبيض.
ثانياً: لطالما نُظرَ إلى الحوثيين على أنهم "سلطة أمر واقع" في صنعاء، وعلى استحياء كانت بعض المنظمات الدولية أحياناً تتعامل معهم، حتى إن دولة الإمارات من خلال وجودها في مجلس الأمن الدولي قامت بجهود كبيرة بغية فضح ممارسات الحوثية ضد اليمنيين، وكانت هناك عدة قرارات مهمة في هذا الصدد.
ثالثاً: مع دخول المليشيات الحوثية على خط المواجهة بين إسرائيل وحماس، تريد إيران أن تقول: إن الحوثيين طرف مقاوم وليسوا مجرد فصيل انقلابي في اليمن، إنهم جزء أساسي مع المعركة ضد إسرائيل، ومن يستهدف الحوثي بعد اليوم، إنما يستهدف المقاومة.
رابعاً: تريد إيران تدخل دول الخليج العربي في معركة رأي عام معقدة، وقد أدخلتها فعلياً من خلال تشويه حقيقة الأزمة الجارية، وتناسي أن الحوثيين مجرد مليشيات معتدية، بل إن قنوات تلفزيونية عربية ومنصات خبرية عديدة، ليست محسوبة على إيران، باتت تتورط، وتصف الحوثي حين يتحرش بإسرائيل بأمر من إيران؛ القوات المسلحة اليمنية.
خامساً: نحن في أتون صراع عسكري كبير، ولكن في مقابل ذلك، لدينا قوة كبيرة، تتمثل بالسعودية والإمارات والجهود السلمية التي تقومان بها مع الشركاء الدوليين، والعنف منّ المؤكد لن يستمر والأمور بطبيعة الحال ستستقر، ولكن بين هذا وذلك، الحذر كل الحذر من مشاريع المليشيات وداعميهم ودعايتهم.
سادساً: إن مغامرة حركة حماس قد يتحمس لها العديدون، ويرونها نصراً مبيناً، لكن الحقيقة في دقيقة تقول غير ذلك، إننا نتعامل مع محور أعور في نظره، يرى الهزيمة نصراً، والتخلف تطوراً، والإفلاس بسالة، والعلاقات تبعية، والشراكات خنوعاً، محور تربى على كره النجاح في الخليج وحب الشعارات في إيران.
سابعا: إن رد إيران على حرب غزة، كان ولا يزال وسيبقى يراوح بين الاستثمار بدماء ضحايا القطاع، وجعلها للأسف عوامل تعزز من شروط تفاهماتها مع أمريكا والغرب وهيمنتها على الدول التي توجد فيها.
وخلاصة القول في ذهنية سماعيل هنية زعيم حماس المدبرة لهذه المغامرة زيارة ذهب من خلالها إلى إيران، وجلس فيها بين يدي خامنئي، بعد أن قالت طهران لغزة والعالم عبر خطاب فارسي مدبلج للعربية على لسان المؤدي حسن نصر الله: حماس بدأت وهي تتحمل مسؤولية ما يحدث وحدها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة