إن الطريقة العملية لمواجهة كورونا في هذه المرحلة هو رص الصف الإنساني بين كل بني البشر لإنقاذ أكبر ما يمكن من الأرواح
ليس مهماً إن كانت الصين أو الولايات المتحدة الأمريكية أو أي طرف أو عوامل أخرى كان وراء انتشار مرض كورونا (كوفيد-19)، ولكن الأهم أن كورونا نقل العالم لواقع سيعيشه لأجيال طويلة، وسيغير من كل المفاهيم على مستوى العالم اجتماعياً وتعليمياً واقتصادياً وسياسياً وعسكرياً وغيرها.
وقد يتساءل سائل هل كورونا هزمنا حتى نغير نمط حياتنا أم سنتغلب عليه كما تغلبنا على أمراض كثيرة قبله؟، الإجابة حتى لو هزمنا كورونا ما هو الضمان أن لا يتكرر كورونا آخر وبمسمى آخر وأن يعيش العالم بين فترة وأخرى الحروب البيولوجية وهي أقدم الحروب التي عرفتها البشرية؟ وماذا لو تزامن ذلك مع انتشار فيروس يضرب الهواتف والأجهزة الذكية في آن واحد؟
كورونا لن يقضي على الصراعات والمنافسات التي كانت قبل وجوده ولكنه سيضيف لخططها وأساليبها ومساوماتها آفاقاً وطرقاً جديدة لم تكن من ضمن أدواتها
فكورونا لن يقضي على الصراعات والمنافسات التي كانت قبل وجوده ولكنه سيضيف لخططها وأساليبها ومساوماتها آفاقاً وطرقاً جديدة لم تكن من ضمن أدواتها ما خلفه كورونا الذي تجاوز كل ما توقعه العالم ومراكز القرار وصناع الأزمات، كما أن من ينتظرون وقوع كورونا أو ما شابه وقوعه أو حتى من لم ينتظروه ولم يخططوا له سيبنون رؤيتهم المستقبلية على ما أحدثه كورونا لتحقيق مصالحهم للعقود القادمة.
ومن العوامل التي أثبتها كورونا أنها ستكون مفصلية وحاسمة لوضع الاستراتيجيات في الفترة القادمة هو مدى نصيب الدول والكيانات في التحكم وامتلاك التكنولوجيا "الذهب الشفاف".
ومن جانب آخر فرغم إن كورونا لم يمس اليابسة والماء بأي تغيير جغرافي لكنه سيغير في بعض من خريطة أهميتها وتقسيماتها الحالية، فليس ضرباً من الخيال أو التنجيم ولكن بقلم وورقة يمكن دراسة هل ستدخل خلال عقد أو عقدين دول وكيانات جديدة معادلة الحسابات الاقتصادية؟، ويأفل نجم بعضها كحركة دوران الحياة؟.
وبنظرة أخرى فليس كل ما سيخلفه كورونا سيكون سلبياً ولكن ستفرز إيجابيات كثيرة، ومنها سيحاول الإنسان الذي فقد أرواح عزيزة عليه أن يحتاط لكي لا تتكرر هذه المأساة بهذا القدر وسيتم تغيير منظومة بيئة العمل، التعليم، التطبيب، وغيرها من النشاطات الإنسانية وسيكون ممارسة كل تلك النشاطات "عن بُعْد" وقد يُبتكر ويُخترع ما لم نتخيله.
وقد يؤدي ذلك إلى أن يتحرر الإنسان من طرق وآليات التعليم التقليدي الموجود في معظم دول العالم، وهذا سيصاحبه تغيير في مفهوم بناء المؤسسات والمدارس والمستشفيات وغيرها لا سيما بعد أن صدمنا كورونا إن نمط الحياة التي نعيشها هشة وقابلة للاختراق وهذا كله سينعكس على الدورة الاقتصادية في جميع العالم.
إن الطريقة العملية لمواجهة كورونا في هذه المرحلة هو رص الصف الإنساني بين كل بني البشر باختلاف أعراقهم ومعتقداتهم لإنقاذ أكبر ما يمكن من الأرواح، وحتى لا يتكرر كورونا آخر في وقت قريب، فعلينا أن نسأل هل فعلًا يوجد من كان يخطط لكورونا؟، إم أن كورونا حُمـل ما لم يحتمل؟.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة