بيان الأزهر الشريف هو تطوير مهم لموقفه؛ حيث حسم الأمر تماما، ووضع القضية واضحة أمام عموم المسلمين، قاطعا بأن جماعة «الإخوان» تسير على خطى «داعش».
الأسبوع الماضي أصدر الأزهر الشريف أكثر بياناته وضوحا وحسما عن جماعة «الإخوان المسلمين»، وقال الأزهر الشريف «إن جماعة الإخوان الإرهابية تسير على خطى «داعش» وغيرها من الجماعات الإرهابية التي تسعى لنشر الفوضى وتحقيق أجندات خفية وتحاول عبثا تهديد أمننا وأماننا»، وأشار البيان إلى فكر الجماعة الإرهابية الذي لا يعترف بالأوطان، والذي يعتبر تكفير المجتمعات المسلمة والخروج عليها فريضة واجبة.. بهدف هدم أركان الدولة وإيقاع الفتنة بين أبنائها والدخول في تيه الفوضى والاحتراب.
بيان الأزهر الشريف هو تطوير مهم لموقفه؛ حيث حسم الأمر تماما، ووضع القضية واضحة أمام عموم المسلمين، قاطعا بأن جماعة «الإخوان» تسير على خطى «داعش».. وإن كان ما أورده البيان من تأصيل لنهج الجماعة الإرهابي وأفكارها التكفيرية يقول إن «الإخوان» في حقيقة الأمر هي الأصل، وإن كل الجماعات الإرهابية تسير على خطاها!
ولقد عشنا «وعاش العالم معنا» عقودا طويلة مع محاولات مضنية من جماعة «الإخوان» لكي تبعد عن نفسها تهمة الإرهاب الذي لازمها منذ نشأتها، أسس حسن البنا الجهاز السري الذي قام بعمليات الاغتيال والتدمير والإرهاب بعد بضع سنوات من تأسيس الجماعة. ووضعه تحت إشرافه الشخصي، وبعد ثورة يوليو.
ومع القوى الإقليمية والدولية، كان علينا أن نرى التوابع الصغيرة تنفذ المخططات المرسومة ضد العروبة والإسلام. وكان علينا أن نرى دولا شقيقة (مثل قطر) يأخذها حكامها إلى طريق الضلال وإلى التحالف المسموم مع «الإخوان»
كان «الجهاز السري» أحد المحاور الأساسية في الخلاف مع عبدالناصر الذي أصر على تصفية الجهاز والكشف عن أعضائه، وكان ذلك -مع عوامل أخرى مهمة- أحد أسباب القرار باغتيال عبدالناصر الذي فشل تنفيذه وكان بداية الضربة القاصمة للجماعة ولجهازها السري الذي كانت تؤكد أنه قائم لمقاومة الاحتلال البريطاني في هذا الوقت.
بينما كان يتفرغ لاغتيال الخصوم وتصفية المناوئين، وعندما طلب للجهاد ضد المحتل. كانت إجابة المرشد يومها «حسن الهضيبي» أنهم سيعكفون على قراءة القرآن الكريم، وأنهم سيقررون بأنفسهم زمن المعركة وميدانها الذي قد يكون خارج مصر، لأن لهم أولوياتهم التي قد لا يكون قتال الاحتلال في مصر في مقدمتها!
وعلى مدى سنوات ظلت جماعة «الإخوان» (بعد أن أعاد لها السادات الحياة فأنهت حياته) تمارس الخداع وتعود لأكذوبة «الاعتدال»، وتؤكد أن سيد قطب خارج عن الجماعة، حتى كان ما كان لتقفز إلى حكم مصر بدعم من كانوا يراهنون على إخضاع العالم العربي كله لحكم الفاشية الدينية على أنقاض الدولة الوطنية العربية.
وتحت وهم قادة الجماعة بأن حكمهم سيمتد لخمسمائة عام سمعنا مرشد الإخوان يقدم نفسه للأمة وللعالم، بأنه محمد بديع القطبي. نسبة إلى سيد قطب وتأكيدا على تبنيهم لتوجيهاته في تكفير المجتمعات التي يعتبرها جميعا جاهلة، وفي هدم الأوطان التي لا تزيد عنده على حفنة من تراب عفن!
ومع السقوط الكبير على يد شعب مصر وجيشها في 30 يونيو، كان الوجه القبيح للجماعة قد افتضح، وكان زمن الخداع قد انتهى ومع ذلك كان علينا أن ندفع أثمانا إضافية من دماء أبنائنا ومن إمكانيات دولنا؛ لأن هناك قوى دولية استثمرت في إرهاب الإخوان ظلت تتغاضى عن هذا الإرهاب وهو يحرق الكنائس وينشر الضلال ويقاوم مصيره المحتوم، ولأن هناك قوى إقليمية ما زالت ترى في الإرهاب طريقا لمد نفوذها في المنطقة، وترى في «الإخوان» غطاء لغيرها من الجماعات الإرهابية وتدرك أن القضاء التام يعني قطع رأس الأفعى لجماعات الإرهاب.
ومع القوى الإقليمية والدولية، كان علينا أن نرى التوابع الصغيرة تنفذ المخططات المرسومة ضد العروبة والإسلام. وكان علينا أن نرى دولا شقيقة (مثل قطر) يأخذها حكامها إلى طريق الضلال وإلى التحالف المسموم مع «الإخوان» لكي تبقى خنجرا مسموما يستهدف شعوبا شقيقة ينشر فيها الدمار والفوضى وحكم المليشيات كما يحدث في ليبيا.
وليضع أموال شعب قطر في خدمة الإرهاب، وفي جسور التعاون بين فصائله التي تنعم بدعم تركيا، أو التي تعيش -على الجانب الآخر- في كنف حكم الأئمة والحرس الثوري الإيراني. ليكون اللقاء الطبيعي بين ورثة إرهاب البنا وسيد قطب من ناحية، وورثة إرهاب الخميني من ناحية أخرى.
الآن؛ لا يترك الأزهر الشريف فرصة لخداع المسلمين والعالم مرة أخرى. يطلق رصاصة الرحمة على كل محاولات إخفاء الوجه القبيح لجماعة هي أصلها الإرهاب، يؤكد الأزهر أن «الإخوان» و«داعش» رفيقان في طريق الإرهاب، ومعهما باقي الجماعات التي خرجت من العباءة ذاتها وعاشت على فكر الخوارج.
لم يعد هناك مجال للخداع من أي طرف، ولم تعد هناك إمكانية للاستمرار في أكذوبة «الاعتدال» التي حاولوا بها أن يخفوا تاريخ تسعين عاما من الإرهاب الإخواني ومن الفكر المؤسس لكل إرهاب. من القاعدة إلى الدواعش والنصرة!
ولم يعد هناك مجال لتجاهل إدراج «الإخوان» على قائمة جماعات الإرهاب. بل على رأسها (!!) من دول تقول إنها تحارب الإرهاب وتخشى من الدواعش، ثم تترك «الإخوان» يعربدون في عواصمها تحت وهم أنهم يضربون بعيدا، ولم يعد هناك مجال للتعامي عن أدوار إجرامية في حق الدين والأوطان يرتكبها حكام قطر وهم يضعون ثروات شعبهم في قبضة الإخوان.
تحية للإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، الدكتور أحمد الطيب، على هذا البيان الحاسم الذي يضع الجميع أمام مسؤولياته ولا يترك مجالا لأكذوبة «الإرهاب المعتدل»، أو لخديعة أن «الإخوان» ليسوا كالدواعش لأنهم لم يقتلوا «الأزيديين» واكتفوا بقتلنا نحن من ثمانين عاما حتى الآن، ولأنهم كانوا يمارسون القتل وهم يحملون لافتات تقول «نحمل الخير لمصر».. ثم للعالم كله!
الأزهر الشريف قال كلمته لنا وللعالم. فليتحمل الجميع مسؤولياتهم.
* نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة