"العين الإخبارية" تنفرد بنشر ملامح اتفاق الشراكة بين الجزائر وأوروبا
المستشار الرئاسي الأسبق الدكتور عبدالرحمن مبتول يكشف عن موافقة أوروبية لتعديل بعض بنود اتفاق الشراكة
يدخل ملف الشراكة الجرائرية الأوروبية مرحلة جديدة خلال الأيام القلية المقبلة، وتنفرد "العين الإخبارية" بنشر ملامح الاتفاق بين الطرفين.
وكشف المستشار الرئاسي الأسبق الدكتور عبدالرحمن مبتول لـ"العين الإخبارية" عن مباشرة الجزائر والاتحاد الأوروبي مفاوضات لتجديد اتفاق الشراكة بينهما الموقع منذ 2005، وتوقع تأجيل دخول الطرفين في اتفاق منطقة التجارة الحرة الذي كان مقررا في الأول من سبتمبر/أيلول، مرجحاً في السياق توصلهما إلى "اتفاق توافقي" من خلال المفاوضات التي بدأت بينهما.
- اتفاق التجارة الحرة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي يسقط في "دوامة الشك"
- 20 يوما على التطبيق.. هل تتملص الجزائر من اتفاق الشراكة الأوروبية؟
وأمر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون حكومته بـ"إعادة النظر في الاتفاقيات التجارية، وتحديدا اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي".
وأوضح بيان عن الرئاسة الجزائرية أن تبون قرر مراجعة الاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف "حفاظا على مصالح البلاد"، ووجه تعليمات لوزير التجارة كمال رزيق للشروع في تقييم الاتفاقيات الجهوية والثنائية، خصوصاً اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي".
وشدد على ضرورة أن يكون هذا الاتفاق "محل عناية خاصة تسمح بترقية مصالح الجزائر من أجل علاقات متوازية".
مفاوضات لشراكة رابح–رابح
وتنفرد "العين الإخبارية" بالكشف عن طبيعة المحادثات الجزائرية–الأوروبية وفق ما كشفه الخبير الاقتصادي والعضو السابق في لجنة المفاوضات الجزائرية مع الاتحاد الأوروبي الخاصة باتفاق الشراكة.
وأوضح الدكتور عبدالرحمن مبتول لـ"العين الإخبارية" أن "المعلومات المتوفرة من البعثة الجزائرية في بروكسل من الحكومة تؤكد دخول الطرفين في مفاوضات وفق شراكة رابح–رابح".
ونفى صحة المعلومات والأخبار المتداولة في وسائل الإعلام التي تحدثت عن احتمال "خروج الجزائر من اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي"، وكشف عن "طلب جزائري لتغيير بعض بنود الاتفاق وليس إلغاؤه".
وأشار إلى أن الطرف الأوروبي ينتظر تقديم الجزائر مقترحات لتحسين الاتفاق والبنود التي تثير حفيظتها، وترى فيها إجحافاً وغير متماشية مع التغيرات الحاصلة في الاتحاد والجزائر.
ويرى الخبير الاقتصادي أن اتفاق الشراكة مع الأوروبيين "مثمر للجزائر"، وكشف عن ارتفاع حجم التبادل التجاري بينهما بنسبة 150% في 2019، مضيفاً أن بلدان الاتحاد الأوروبي "تشكل 60% من صادرات الجزائر".
عجز ضخم
وخلال الفترة الممتدة من 2005 إلى نهاية 2019 بلغت صادرات الجزائر خارج المحروقات إلى الاتحاد الأوروبي 15 مليار دولار، فيما بلغت وارداتها 675 مليار دولار، وهو أكبر عجز تسجله الجزائر مع الأوروبيين بقيمة 660 مليار دولار.
وكشف الخبير الاقتصادي عن واحدة من أكثر النقاط الخلافية بين الجانبين، والمتعلقة بإصرار الاتحاد الأوروبي على دمج صادرات الغاز الجزائري في حصيلة المبادلات التجارية، وهو ما يرفع قيمتها إلى 450 مليار دولار طوال 14 عاماً، ما يعني عجزاً للجزائر بقيمة 225 مليار دولار.
كما أن الاتفاق الموقع عام 2005 كان مع 15 دولة أوروبية، فيما ارتفع عدد بعد ذلك إلى 27 دولة، وهو ما تعتبره الجزائر "غير منصف".
ويرى مبتول أنه بمقارنة حجم العجز في التبادل التجاري لشركاء الجزائر فإن قيمته تصل مع الصين بين 80 و90 مليار دولار باعتبارها الشريك الأول للجزائر خارج الاتحاد الأوروبي.
وأكد المستشار الرئاسي الأسبق بالجزائر أن "المعلومات المؤكدة تفيد بوجود مفاوضات بين الجانبين لإيجاد حل في المستقبل، وبأمر من الرئيس تبون للذهاب نحو شراكة رابح–رابح، لا سيما أن الاتحاد الأوروبي يعتبر الجزائر شريكاً استراتيجياً لأمن منطقة جنوب المتوسط وأفريقيا".
مضيفاً أن "تفاصيل المعلومات المتوفرة تتناقض مع تصريحات بعض الخبراء وما نقلته وسائل الإعلام، وموقف الجزائر ليس ضد العقد بل تسعى لتحسينه، كما أنها تؤكد أن الاتحاد الأوروبي أبدى ليونة في تغيير بعض مواد الاتفاق لكنه يرفض مراجعة شاملة له".
كما استبعد "تنصل الجزائر من اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي"، مرجعاً ذلك إلى "احترام الجزائر الدائم لاتفاقياتها الدولية، وكذا التأثير السلبي على اقتصادها".
خلافات معلقة
وبعد قرابة عقد كامل من المفاوضات، وقعت الجزائر والاتحاد الأوروبي في الأول سبتمبر/أيلول 2005 وينتهي في 2017 قبل أن يتفق الطرفان على تجديده لـ3 أعوام.
وتضمن الاتفاق 110 مواد لـ9 محاور كبرى، تعلق بـ: الحوار السياسي، حرية تنق البضائع، تجارة الخدمات، المدفوعات ورؤوس الأموال والمنافسة وأحكام اقتصادية، التعاون الاقتصادي، التعاون الاجتماعي والثقافي، التعاون المالي، التعاون في مجال العدالة والشؤون الداخلية، والأحكام المؤسساتية العامة.
وكان آخر تقييم لاتفاق الشراكة بين الطرفين في مارس/آذار 2017، وأظهر عدم تحقق الأهداف والنتائج التي توقعتها الحكومة الجزائرية، حيث كشف التقييم عن تعزز "الوقع التجاري للاتحاد الأوروبي على حساب الاقتصاد الجزائري"، وهو ما دفع الحكومة الجزائرية إلى تجميد أحادي الجانب للتنازلات التعريفية الممنوحة للاتحاد، ليتم بعدها الاتفاق على تأجيل إنشاء منطقة للتبادل الحر إلى سنة 2020.
واعتبرت الجزائر بأن اتفاق الشراكة بات "مجحفاً في حقها"، فيما رفض الطرف الأوروبي طلب الجزائر لإعادة تقييم الاتفاق، ويشترط الأوروبيون على الحكومة الجزائرية إحداث إصلاحات عميقة بما يتماشى "مع طبيعة التعديلات المقترحة".
ورأى عدد من الخبراء أن اتفاق الشراكة الذي وقعته الجزائر مع الاتحاد الأوروبي كان لأهداف سياسية أكثر منها اقتصادية، حيث كانت تبحث عن مخرج لإنهاء عزلتها الدولية بعد عشرية الإرهاب، وأن الطرف الأوروبي استغل الوضع الأمني للجزائر لفرض شروط "تضمن له شراكة ربحية أحادية الجانب".
وما يترجم ذلك بحسب المختصين، المادة الـ37 من اتفاق الشراكة، التي يستند إليها الطرف الأوروبي، إذ "تمنع الطرفين من اتخاذ قرارات أحادية وبطريقة فجائية، حتى وإن كانت لأهداف تتعلق بتفادي خسائر كبيرة ناجمة أو عن أزمة اقتصادية".
مصالح الصين
ومن بين أكثر المسائل الخلافية بين الجانبين الجزائري والأوروبي "زيادة المصالح الصينية في الجزائر"، التي ينظر إليها الاتحاد الأوروبي على أنها "خطر يهدد مصالحها".، وهو الانتقاد الذي تزامن مع إبداء الجزائر موافقتها على الإنضمام لمبادرة "طريق الحرير الجديدة" الصينية، والتي انضمت إليها رسمياً في يونيو/حزيران 2019.
حيث انتقدت المحافظة الأوروبية للتجارة في أبريل/نيسان 2018 ما أسمته "عدم احترام الجزائر اتفاقياتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي، وبأنها تشجع المصالح الصينية في الجزائر بشكل جعلها تفضل منتجات الصين".
واعتبرت أن "هناك أشياء كثيرة في الجزائر غير مطابقة لاتفاقاتنا في مجال حرية التبادل، وقرارات الجزائر تساعد الصين"، ودعت إلى "إيجاد حلول أو نلجأ إلى تفعيل البنود المتعلقة بحل النزاعات".
aXA6IDMuMTIuMzQuMjA5IA== جزيرة ام اند امز