منتجات الصين تثير أزمة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي
المحافظة الأوروبية للتجارة تتهم الجزائر بعدم الالتزام ببنود اتفاق الشراكة وتفضيل المنتجات الصينية
عاد ملف الشراكة الاقتصادية بين الجزائر و الاتحاد والأوروبي، ليكشف من جديد عن حقيقة الخلافات بين الجانبين بخصوص هذا الاتفاق الذي طالبت الجزائر العام الماضي بإعادة نظر شاملة فيه.
خلافات فجرتها السلع الصينية، كما ذكرت المحافظة الأوروبية للتجارة، سيسيليا مالمستروم، والتي اتهمت الجزائر صراحة "بعدم احترام اتفاقياتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي، وبأنها تشجع المصالح الصينية في الجزائر بشكل جعلها تفضل منتجات الصين"، في وقت لم يصدر أي رد رسمي من الجانب الجزائري على هذه التصريحات.
وأمام أعضاء اللجنة الاقتصادية والشؤون الخارجية للمجلس الوطني الفرنسي، قالت مالمستروم "إن هناك أشياء كثيرة في الجزائر غير مطابقة لاتفاقاتنا في مجال حرية التبادل، وقرارات الجزائر تساعد الصين"، دون أن تعطي أدلة أو أمثلة عن القرارات التي تكون الجزائر قد اتخذتها وخدمت المصالح الصينية وعرقلة في المقابل المصالح الأوروبية.
و"بلغة التهديد" والتلويح بسلاح القانون، قالت المحافظة الأوروبية للتجارة "لا بد من إيجاد حلول أو نلجأ إلى تفعيل البنود المتعلقة بحل النزاعات".
كما كشفت المسؤولة الأوروبية بأن الاتحاد الأوروبي يعتزم مراسلة الجزائر لطلب توضيحات حول هذا الموضوع.
كان رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي براي، استغل زيارته الأخيرة للجزائر مع بداية الشهر الحالي ليطرح مسألة خفض الجزائر وارداتها من السوق الأوروبية، والتي اعتبر بأنها أثرت على اقتصاد بلاده، و"فاقمت من العجز التجاري بين البلدين لصالح الجزائر".
في حين اعتبر رئيس الوزراء الجزائري، أحمد أويحيى قرار الجزائر إلغاء استيراد عدد كبير من المنتجات بأنه "قرار مؤقت"، وأشار إلى أن الطرف الإسباني "تفهم قرار تقليص الواردات"،
- الجزائر وإسبانيا ترفعان شراكتهما الاستراتيجية والاقتصادية
- الجزائر تحظر استيراد 900 سلعة والهواتف المحمولة بالمقدمة
ورأى عدد من الخبراء الاقتصاديين بأن رئيس الوزراء الجزائري وجه رسالة إلى الاتحاد الأوروبي عبر إسبانيا، عندما أشار في لقائه مع نظيره الإسباني، بأن علاقات الجزائر التجارية والاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي لا تخضع فقط لاتفاق الشراكة مع الاتحاد، بل إلى الاتفاقيات الثنائية.
ومع بداية العام الحالي، أوقفت الجزائر استيراد نحو 900 منتج من مختلف دول العالم، والتي فاقت فاتورتها بحسب الحكومة الجزائرية "90 مليار دولار في السنوات الثلاث الماضية".
وتشير الأرقام الرسمية الجزائرية، التي كشف عنها الديوان الجزائري للإحصاء والخاصة بسنة 2017 الصادرة شهر يناير الماضي ، فإن الصين تحتل "فعلا" صدارة الدول المصدرة للجزائر بـ 8.31 مليار دولار، أي ما نسبته 18.1 % من إجمالي واردات الجزائر التي بلغت 45.95 مليار دولار العام الماضي.
وهي المرة الثانية التي تتصدر فيها الصين قائمة مموني الجزائر بعد سنة 2014.
غير أن عددا من خبراء الاقتصاد يعتبرون أن دول الاتحاد الأوروبي "مجتمعة" تتفوق على الصين من حيث مبادلاتها التجارية مع الجزائر، وبأن حديث الاتحاد الأوروبي عن تقلص صادراته إلى الجزائر لصالح الصين يتنافى مع التقارير الصادرة عن الجانبين.
وتشير أرقام الديوان الجزائري بأن الاتحاد الأوروبي يعد شريك الجزائر الأول، بنسبة واردات تقدر بـ 44% العام الماضي، رغم تراجعها بنسبة 8.7 % مقارنة بسنة 2016.
أما عن الأرقام التي قدمتها وزارة التجارة الجزائرية الخاصة بشهر يناير الماضي الخاصة بالممونين، فقد أظهرت تقدم الصين بواقع 464 مليون دولار (12.2 % من الواردات الجزائرية)، ثم فرنسا بـ 414 مليون دولار (10.9%)، إيطاليا بـ 365 مليون دولار (9.6%)، وإسبانيا بـ 278 مليون دولار (7.3%)، وألمانيا بـ 245 مليون دولار (6.4 %).
وفي اتصال مع "العين الإخبارية" قال الخبير الاقتصادي، الدكتور جمال بركات "إن اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي لم يكن في صالح الاقتصاد الجزائري منذ توقيعه، والنتائج السلبية السنوية تؤكد ذلك".
وأشار "الى أن الإشكال الحقيقي هو أن واقع الاقتصاد الجزائري لم يتغير منذ توقيع اتفاق الشراكة، وبقي اقتصاداً ريعياً يعتمد فقط على عائدات المحروقات، ولم يتحول إلى اقتصاد منتج رغم الفرص الذي منحها ارتفاع أسعار النفط في العشرية الماضية وهو ما كان سيسمح لها بفرض منتوجاتها في الأسواق الأوروبية، وبالتالي فأرى أن الجزائر تبقي تفاوض الشريك الأوروبي من منطلق ضعف، بحكم طبيعة اقتصادها التي كشفتها مرة أخرى الأزمة الاقتصادية".