حراك غير مسبوق داخل الحزبين الحاكمين بالجزائر لعزل قياداتيهما
قادة في الحزبين الحاكمين بالجزائر يتحركون في "يوم واحد" للإطاحة بقياداتيهما معاذ بوشارب وأحمد أويحيى.
يبدو أن رياح التغيير في الجزائر بدأت من داخل الحزبين الحاكمين (جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي) عقب دعوة قيادات في الحزبين السبت إلى استقالة معاذ بوشارب وأحمد أويحيى "في يوم واحد"، بالتزامن مع الحراك الشعبي المطالب برحيل نظام بوتفليقة وأحزاب الموالاة.
- الحزبان الحاكمان بالجزائر: نظام بوتفليقة ارتكب أخطاء جسيمة
- استقالة 2000 عضو من حزب "أويحيى" دعما للحراك الشعبي بالجزائر
وبعد اجتماع استثنائي لـ150 قيادياً في اللجنة المركزية والمكتب السياسي في حزب جبهة التحرير من بينهم رئيس البرلمان السابق السعيد بوحجة، أعلنوا في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله "شغور منصب الأمين العام للحزب وعدم الاعتراف بشرعية هيئة تسيير الحزب ومنسقها معاذ بوشارب".
كما دعا المجتمعون في بيانهم إلى "عقد مؤتمر عادي لسد الفراغ القانوني بانتخاب أمين عام جديد خلفاً لجمال ولد عباس في الأيام القادمة، وضرورة استرجاع الخط السياسي للحزب واستقلالية قراره". وفق ما جاء في البيان.
وأشار خالد عساس عضو اللجنة المركزية بحزب "الأفالان" في مؤتمر صحفي عقب انتهاء الاجتماع إلى أن "انتخاب أمين عام جديد سيكون بمقر الحزب، وأن اللجنة المركزية التي تعتبر أعلى هيئة بين المؤتمريْن، هي الوحيدة المسؤولة عن تسيير الحزب، والمخولة لانتخاب الأمين العام بعد ثبوت حالة شغور على مستوى منصب الأمين العام" كما ذكر في تصريحه.
كما "أمهل" المجتمعون منسق هيئة تسيير الحزب الحاكم معاذ بوشارب "أسبوعاً واحداً لمغادرة مبنى الحزب" الكائن مقره بمنطقة "حيدرة" في الجزائر العاصمة، وفق ما صرح به حسام فراح عضو اللجنة المركزية لوسائل إعلام محلية.
وفي نوفمبر/تشرين الماضي تضاربت الأنباء حول "استقالة أو إقالة" الأمين العام السابق للحزب الحاكم بالجزائر جمال ولد عباس خاصة بعد إصداره بياناً "نفى فيه الاستقالة" ثم غيابه عن المشهد "وقبوله بالأمر الواقع" كما ذكر قياديون في الحزب في تصريحات لوسائل إعلام جزائرية.
وتولت 6 شخصيات رئاسة الحزب من خلال "هيئة تسيير" ترأسها معاذ بوشارب، وقررت الهيئة حل اللجنة المركزية والمكتب السياسي، في خطوة أثارت استغراب المراقبين.
من جانب آخر، أصدر أكثر من 100 قيادي في حزب التجمع الوطني الديمقراطي الشريك في الائتلاف الحاكم بالجزائر، بياناً دعوا فيه الأمين العام للحزب أحمد أويحيى "للاستقالة وعقد اجتماع استثنائي لانتخاب خليفته".
وعقد قياديو الحزب اجتماعاً أيضا السبت وخرجوا ببيان حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، دعوا فيه أيضا "بقية المناضلين إلى الالتحاق بمقر الحزب لعقد مؤتمر استثنائي"، متعهدين "بأن يكون بمثابة مؤتمر تأسيسي جديد وفرصة لتحيين الخط السياسي للحزب وإعادة بعثه وفق أسس ديمقراطية تُحترم فيها جميع الأفكار والتوجهات" كما جاء في البيان.
وعلى غرار حزب جبهة التحرير، "أمهل" قياديو حزب "الأرندي" أمينه العام أسبوعاً لتقديم استقالته، وهددوا "باقتحام مقر الحزب لإجبار أويحيى على الاستقالة" وفق تصريح بلقاسم ملاح القيادي في حزب التجمع الوطني الديمقراطي لوسائل إعلام جزائرية.
وذكر ملاح العضو السابق في حملة بوتفليقة الانتخابية للولاية الخامسة أن "أعضاء المكتب الوطني منزعجون جدا من القرارات الانفرادية والارتجالية لأحمد أويحيى، ومنها إصدار بيان دعا فيه بوتفليقة إلى الاستقالة من منصبه، دون استشارة مكتبه"، على حد تعبيره.
يأتي ذلك بعد أسبوع عن "زلزال الاستقالات" الذي ضرب حزب "الأرندي"، عقب تقديم 2000 عضو في الحزب استقالة جماعية رفضاً لسياسات الحزب، ودعماً للحراك الشعبي المطالب بتغيير النظام.
ومنذ بدء الحراك الشعبي بالجزائر في 22 فبراير/شباط الماضي، عرفت أحزاب الموالاة الداعمة لبوتفليقة تململاً وانشقاقات غير مسبوقة، في وقت حمّل المتظاهرون تلك الأحزاب "مسؤولية ما وصلت إليه الجزائر" وطالبوها بـ"الرحيل".
وحاول حزبا "الأفالان" والأرندي" تدارك مواقفهما الداعمة لترشيح بوتفليقة لولاية خامسة بإعلانهما دعم الحراك الشعبي، فيما طالب أويحيى الأسبوع الماضي "من بوتفليقة أن يقدم استقالته"، غير أن ذلك لم يشفع لـ"ركيزة نظام بوتفليقة" كما يسميها المراقبون لدى الجزائريين الذين جددوا رفضهم "لبقائهم في السلطة" في مظاهرات الجمعة الأخيرة.
كما استقال عدد من القياديين في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، احتجاجاً "على موقف الحزب ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة وعلى سياسات منسق هيئة تسيير الحزب"، وأعلنوا التحاقهم بالحراك الشعبي.
في مقابل ذلك، ربط مراقبون بين تحرك قيادات الحزبين الحاكمين لعزل قياداتها في يوم واحد مع "تطورات قد تشهدها الجزائر خلال الأسبوع الحالي قد تفضي إلى بداية حل الأزمة السياسية" التي دخلت شهرها الثاني.
وفي انتظار ذلك، يبقى الغموض "المؤكد الوحيد" في الساحة السياسية الجزائرية حول تفعيل المادة 102 في حد ذاتها، التي دعا الأسبوع الماضي قائد أركان الجيش الجزائري إلى تفعليها والتي تنص على شغور منصب الرئيس والدخول في مرحلة انتقالية برئيس مؤقت حتى إجراء انتخابات رئاسية جديدة.