مراقبون: الجزائريون أجبروا إعلامهم على الانحياز لمطالب الحراك الشعبي
الحراك الشعبي الجزائري أعلن تحدي نظام بوتفليقة الذي يحكم البلاد منذ 20 عاماً، كما غير موقف المؤسسة العسكرية والإعلام الرسمي
أجبر الحراك الشعبي في الجزائر الذي دخل شهره الثاني والمطالب بالتغيير ورحيل نظام بوتفليقة، على تغيير نمط تغطية الإعلام الرسمي الجزائري للأحداث، حسب مراقبين تحدثوا لـ"العين الإخبارية".
- مليونية بالجزائر ترفع شعار "يرحلون جميعا" في وجه نظام بوتفليقة
- أسبوع الجزائر.. إسدال الستار على حقبة بوتفليقة وحراك شعبي لا يفتر
المظاهرات الشعبية في الجزائر شهدت تصاعدا ملحوظا رافعة شعار "يرحلون جميعاً"، وشملت الاحتجاجات مختلف شرائح المجتمع الجزائري، في سابقة لم تشهدها الجزائر منذ استقلالها قبل 57 عاماً.
الحراك الشعبي الجزائري أعلن تحدي نظام بوتفليقة الذي يحكم البلاد منذ 20 عاماً، وأكثر من ذلك أنه غيّر موقف المؤسسة العسكرية والإعلام الرسمي، اللذين كانا أكبر الداعمين لبوتفليقة.
الجيش يدعم مطالب الشعب
قبل 22 فبراير/شباط الماضي، كان قائد أركان الجيش الجزائري من أكبر الداعمين للرئيس المنتهية ولايته عبدالعزيز بوتفليقة ولترشحه لولاية خامسة، خاصة وأن الرجل كان يوصف بـ"اليد اليمنى لبوتفليقة" منذ تعيينه في منصبه عام 2004.
ومع بدء المظاهرات، وصف قائد أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح المتظاهرين بـ "المغرر بهم"، لكن ومع إصرار الجزائريين على مطالب "رحيل نظام بوتفليقة" ومحاولة السلطة الجزائرية "ربح الوقت" كما تقول المعارضة، دخلت قيادة الجيش الجزائري على خط الأزمة السياسية.
ودعا قائد أركان الجيش الجزائري إلى تفعيل المادة (102) من الدستور الجزائري التي تنص على شغور منصب الرئيس، والتسريع في خلافة بوتفليقة بمرحلة انتقالية تتبعها انتخابات رئاسية.
قايد صالح اعترف في كلمته أن الحل المقترح هو "استجابة لمطالب الجزائريين المشروعة" بعد أكثر من شهر من "التحذير من عواقب الحراك"، معلنا أن "رحيل بوتفليقة سيضمن بقاء واستمرارية الدولة"، وهو ما فسره مراقبون على أنه اعتراف من قائد الأركان على أن "النظام الحالي أصبح خطراً على مستقبل البلاد".
ومنذ انطلاق شرارة المظاهرات الحاشدة في جميع محافظات البلاد، حمل المتظاهرون شعارات تدعو الجيش والأمن للانضمام إلى الحراك، وشعارهم في ذلك "جيش شعب خاوة خاوة (إخوة)"، وكانت تلك بحسب المتابعين رسالة واضحة من الجزائريين بأنه "مع جيشه أولاً ومع إخطاره بضرورة التدخل لإنقاذ البلاد ثانياً".
الإعلام الرسمي يغير لهجته
لم يسبق أن خرج صحفيو التلفزيون والإذاعة الحكوميتين بالجزائر في مسيرات احتجاجية "رافضة لسياسة تكميم الأفواه ومطالبة بحرية التعبير وبنقل الحراك الشعبي"، ثم جاء التغيير وكانت وكالة الأنباء الرسمية أول وسيلة إعلامية حكومية تكسر "حاجز التعتيم عن المظاهرات" كما قال متابعون، وعملت على نقل صور للمظاهرات من مختلف مناطق البلاد، حتى أنها تذكر في تقارير عبارة "الرئيس المنتهية ولايته".
أما التلفزيون الحكومي الذي يسميه المختصون بـ"الوسيلة الثقيلة"، فقد بدأ تغطيته للمظاهرات ببعض المشاهد دون أن يذكر أنها مطالبة "برحيل نظام بوتفليقة"، وكان يكتفي مع كل المشاهد بالقول "إنها مطالبة بإصلاحات سياسية".
وخلال الأسبوع المنقضي، لم تعد أخبار الرئيس تتصدر النشرات الإخبارية للتلفزيون الحكومي كما كان سابقاً، وأصبحت الثانية بعد أخبار قائد أركان الجيش الجزائري التي افتتح بها التلفزيون الحكومي كل نشراته الإخبارية طوال أسبوع كامل، خاصة بعد دعوته إلى تفعيل المادة (102) من الدستور.
وفتح التلفزيون الحكومي برامجه أمام الأحزاب والشخصيات المعارضة للمرة الأولى منذ 2012.
الجمعة الـ29 من مارس شهد للمرة الأولى نقل مظاهرات الجزائريين "على المباشر" من قبل التلفزيون الحكومي و"عبر قنواته الثلاث" ومن كثير من المحافظات الجزائرية، بشكل فاجأ الجزائريين، خاصة مع "عدم حجبه" الشعارات المطالبة برحيل "نظام بوتفليقة" واللافتات التي حملوها التي أظهرت شخصيات سياسية طالبها الجزائريون بالرحيل مثل رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح ورئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى ومنسق هيئة تسيير حزب جبهة التحرير الحاكم معاذ بوشارب ووزير العدل الطيب لوح ورئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز وغيرهم.
وتزامن ذلك مع إقالة المدير العام للتلفزيون الحكومي توفيق خلادي وتعيين لطفي شريط مدير قناة "الاستمرارية" التي خُصصت لحملة ولاية بوتفليقة الخامسة.
وخلال تنصيبه، كشف شريط أنه سيعمل على "تحديد أهداف واضحة، ومن ضمنها الارتقاء بالمضامين الإعلامية إلى مستويات أكثر مهنية وأكثر انفتاحًا ومصداقية، مع الانفتاح على مختلف شرائح المجتمع" كما قال.
الإعلام الخاص يطوي صفحة بوتفليقة
لم يكن الإعلام الرسمي في الجزائر الوحيد الذي صنع الحدث في المشهد الإعلامي الجزائري، فحتى وسائل إعلام خاصة "عُرفت بدعمها ودفاعها عن نظام بوتفليقة" خاصة التلفزيونية منها انضمت إلى ركب "المدافعين عن مطالب الحراك الشعبي".
ومع بدء الحراك الشعبي في 22 فبراير/شباط، لم يجد الجزائريون إلا مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الإعلام الأجنبي لتنقل مظاهراتهم السلمية وشعاراتها، وبقي معها الإعلام الخاص بعيداً عما يحدث بالقرب من مقراته، الأمر الذي استفز كثيراً من الجزائريين.
وبعد نقل متحفظ للمظاهرات، تغيرت لهجة كثير من وسائل الإعلام الخاصة في الجزائر تجاه نظام بوتفليقة، خاصة بعد إعلانه عدوله عن الترشح في 11 مارس/آذار الماضي.
وخرجت القنوات التلفزيونية "بكل ما تملكه من كاميرات" لنقل حراك الجزائريين ومطالبهم، وتغيرت برمجتها وباتت معها استوديوهاتها مكتظة بالبرامج السياسية وبالمحللين السياسيين ووجوه المعارضة.
aXA6IDMuMTQ1LjcuMjUzIA== جزيرة ام اند امز