الجزائري محمد عبد الله.. عميل إخواني وجزاء من جنس العمل
انشق عن وطنه وارتمى في أحضان من لا وطن لهم، فكانت نهايته السجن، ليلقى مصير كل من سعى لخيانة وطنه وانضم لبائعي الأوطان والمتطرفين.
هو الدركي (ينتمي لوزارة الدفاع) الجزائري المنشق المدعو محمد عبد الله الذي أدانه القضاء الجزائري، الأحد، بالسجن 6 سنوات نافذة، وغرامة مالية قدرت بــ100 ألف دينار جزائري (حوالي 7 آلاف دولار).
ووجه القضاء الجزائري عدة تهم ثقيلة لـ"عميل حركة رشاد" الإخوانية، ترتبط أساساً بـ"الانخراط في جماعة إرهابية، وتمويل جماعة إرهابية (في إشارة لحركة رشاد)، ونشر وترويج معلومات كاذبة، وتوزيع منشورات من شأنها المساس بالمصلحة الوطنية، والمساس بالحياة الخاصة للأشخاص".
قضية محمد عبد الله لم تُثر فقط الرأي العام الجزائري، بل كانت من بين أكثر القضايا "المستفزة" له، خصوصاً بعد أن تم الترويج لرواية "دركي منشق"، مما أعاد أذهان الجزائريين إلى ما حدث في بعض الدول العربية خلال ما عُرف بـ"ثورات الربيع العربي".
وأن يتم الترويج لـ"انشقاق" عنصر أمني في بلد مثل الجزائر، خاصة إذا كانت تلك الجهة الأمنية تابعة لوزارة الدفاع الجزائرية (الدرك)، فقد أثار المخاوف أكثر منه "الفضول أو الغموض"، لكن إذا عُرف السبب بطُل العجب، كما يقال، فلم يكن إلا مجرد "مصور" في جهاز الدرك الجزائري، ولم يرتق إلى
وفي هذا التقرير تجيب "العين الإخبارية" عن حقيقة هذا الدركي الجزائري "المنشق"، وعلاقته بحركة "رشاد" الإخوانية التي تعد من "مكونات" التنظيم العالمي للإخوان.
من هو محمد عبد الله؟
من مواليد 1988، ويبلغ من العمر 34 عاماً، لم تتعد خبرته في صفوف الدرك الجزائرية (قوة عسكرية تابعة للجيش) إلا 3 سنوات، وذلك من 2015 إلى 2018 برتبة "رقيب أول".
لم يكن تخصص محمد عبد الله في العمليات العسكرية أو الأمنية، بل "مشرفاً على التصوير" داخل مروحيات الدرك ضمن وحدة "السرب الجوي 512"، والمختصة في عمليات التهريب على الحدود الشرقية للبلاد.
وبالتزامن مع حديث أوساط إعلامية جزائرية عن "فضيحة أخلاقية" للدركي، سارعت حركة "رشاد" الإخوانية للكشف عن ما أسمته "انشقاق دركي جزائري" في ديسمبر/كانون الأول 2018.
وتمكن الدركي محمد عبد الله من الفرار نحو إسبانيا مع زوجته وابنته "متحججاً" بالإجازة السنوية، قبل أن يتبين بأنها كانت "خطة هروب" بعد تواصل مع قيادات إخوانية من "رشاد" الإرهابية في لندن.
ووفق التقنيات الخبيثة لجماعة الإخوان الإرهابية في استهداف جيوش الدول، تحول محمد عبد الله من "دركي" إلى "يويتيوبر"، وزعم بأن فراره من الجزائر راجع إلى "الظلم المسلط عليه داخل الجهاز العسكري".
ورغم خبرته المتواضعة في سلك الدرك (3 سنوات) واقتصار دوره على التصوير، إلا أن الدركي المنشق محمد عبد الله، فقد فضح مراقبون وحقوقيون "تناقضه" في مزاعم تورط قيادات كبيرة في عمليات تهريب وقتل، قبل أن يتبين بأن دوافع الدركي المنشق.
وأكدت أوساط إعلامية جزائرية من داخل الجزائر وخارجها، بأن السبب الحقيقي وراء هروب الدركي "اكتشاف فضيحة أخلاقية داخل وسطه العائلي والمهني"، ما دفعه للإسراع في الهروب من الجزائر خشية قرار بفصله، ومن ثم الانتقام من الجهة التي كان يعمل معها لـ"التغطية على الفضيحة".
ولجأ الدركي الهارب إلى قيادات إخوانية تنتمي لحركة "رشاد" الإخوانية فيما حاولت الأخيرة "استغلال" قضية الدركي للترويج على أنه "منشق" بحسب ما أكدته مصادر أمنية جزائرية مطلعة لـ"العين الإخبارية".
وكشفت مصادر أمنية جزائرية لـ"العين الإخبارية" في وقت سابق، عن معلومات جديدة في قضية الدركي الهارب، تتعلق أساساً بارتباطه بحركة "رشاد" الإرهابية.
وأوضحت المصادر بأن الشرطة البريطانية فتحت تحقيقاً مع رأس الحركة الإخوانية المدعو محمد العربي زيتوت، الهارب أيضا إلى لندن، وذلك بـ"بطلب من السلطات الإسبانية".
وأشارت إلى أن "السلطات الإسبانية قررت ترحيل الدركي الجزائري بعد أن توصلت تحقيقاتها الأمنية إلى وجود شبكة إرهابية وإجرامية تابعة لحركة رشاد الإخوانية في إسبانيا يقودها الدركي محمد عبد الله".
وتوصلت التحقيقات – وفق المصادر الجزائرية – إلى "أن الشبكة الإجرامية تهديد خطر للأمن القومي الإسباني، وتمتد إلى دول أوروبية أخرى".
لمصادر الأمنية الجزائرية أكدت لـ"العين الإخبارية" بأن الدركي المسترجع "يملك أدلة دامغة وملفات ثقيلة تؤكد بأن حركة رشاد منظمة إرهابية، مركز عملياتها لندن".
وأكدت أيضا على أن "المعلومات التي تلقتها الأجهزة الأمنية البريطانية من نظيرتها الإسبانية المتعلقة بالتحقيق مع الدركي الجزائري الهارب تؤكد بأن هذه الحركة الإخوانية تهديد للأمن الأوروبي وخطر على أمنها القومي".
ولم تستبعد المصادر ذاتها "مطاردة دول أوروبية أخرى لعناصر الحركة الإخوانية على أراضيها وتسليمهم للسلطات الجزائرية بعد التأكد من أنها حركة تخريبية متغلغلة في أوروبا".
وفي آب/أغسطس، تمكنت الجزائر من وضع يدها على "أرشيف" حركة "رشاد" بعد تسلمه من مدريد، لتباشر تحقيقاً أمنياً وقضائياً، بعد أن كشفت وسائل الإعلام المحلية في الجزائر، أن الدركي المسترجع من إسبانيا، يتابع أيضا بتهم أخرى تتعلق بـ"تسريب معلومات حساسة عن جهاز الدرك الجزائري لحركة رشاد ومخابرات أجنبية، ونشر فيديوهات تتعلق بتمارين عسكرية لقوات الدرك".
وأحدث تسليم إسبانيا للدركي الهارب محمد عبد الله للجزائر "حالة من الذعر والرعب" لدى عناصر حركة "رشاد" الإخوانية التي حاولت الضغط عبر أبواقها الإعلامية لمنع تسليمه.
وأكدت المصادر الأمنية الجزائرية بأن الدركي المنشق "يشكل أرشيفاً وعلبة سوداء عن كل تحركات ومخططات حركة رشاد الإخوانية في أوروبا والجزائر"، ما يعني – بحسبها – بأن الخناق اشتد على الحركة الإرهابية.