تناقضات أمريكية.. تكلفة خدمة الديون أكبر من ميزانية الدفاع
بينما تبعث سوق السندات برسالة الأمل بشأن قوة الاقتصاد الأمريكي إلا أنها أيضا ربما تدق ناقوس الخطر بشأن الأوضاع المالية غير المستدامة.
هذا ما وجده تقرير نشرته صحيفة الإيكونوميست، الذي وضع عنوانا بأن أمريكا قد تنفق قريبا على خدمة الديون أكثر من إنفاقها على الدفاع.
وقال التقرير إن رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة منذ مارس/آذار 2022، أدى إلى ارتفاع أسعار الفائدة على السندات طويلة الأجل. واستمر هذا بشكل مطرد إلى حد ما حتى نهاية العام الماضي حتى استقرت أسعار الفائدة.
وشهد شهر مايو/أيار الماضي بداية زيادة أسعار الفائدة على سندات طويلة الأجل مرة أخرى على نحو فاجأ العديد من المستثمرين، خاصة أنها لا تظهر أي علامة على التباطؤ حيث بلغ العائد على سندات الخزانة لعشر سنوات 4.7%، في الحادي عشر من أكتوبر/تشرين الأول، بالقرب من أعلى مستوى له منذ 16 عاماً.
تكلفة تمويل ديون أمريكا
وعندما ترتفع عائدات السندات، يؤدي ذلك إلى زيادة تكلفة تمويل ديون أمريكا - التي تبلغ الآن 26 تريليون دولار وهي في تزايد أيضا .
وبلغ إجمالي مدفوعات الفائدة على الديون الأمريكية نحو 660 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في 30 سبتمبر/أيلول 2023، ارتفاعا من 475 مليار دولار في العام السابق.
وتوقع مكتب الميزانية التابع للكونغرس، وهو مؤسسة غير حزبية متخصصة في تحليل البيانات أن لن تشكل هذه مشكلة كبيرة لو كانت أميركا تعمل على ترتيب وضعها المالي لكن التقديرات التي أصدرها المكتب في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول تظهر أن العجز ارتفع إلى 2 تريليون دولار أو7.6% من الناتج المحلي الإجمالي في العام حتى 30 سبتمبر/أيلول، ارتفاعًا من 900 مليار دولار في العام السابق.
وحذر خبراء ماليين من أنه إذا لم تنخفض أسعار الفائدة ومستويات العجز، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة قياسية في تكلفة خدمة الديون الأمريكية مما يؤدي إلى خفض الإنفاق على المجالات والقطاعات الأخرى.
ويشير مكتب الميزانية في الكونغرس أنه حتى مع افتراض انخفاض أسعار الفائدة، إلا أن تكاليف الفائدة ستصل بحلول عام 2028 إلى تريليون دولار، أي أكثر مما سوف يتم إنفاقه على مخصصات الدفاع.
صناع القرار السياسي
ويجب أن تخيف مثل هذه الأرقام صناع القرار السياسي في واشنطن. وحتى في ظل قراءة معتدلة لسبب استئناف أسعار الفائدة للارتفاع - وهو أن فرص حدوث ركود وشيك قد انخفضت، مما دفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى إبقاء معدلات الفائدة مرتفعة لفترة أطول.
ومن المتوقع أن تستمر مدفوعات الفائدة كحصة من الناتج المحلي الإجمالي في الارتفاع بسبب اتساع العجز، على الرغم من آفاق النمو الأفضل.
وقالت لوري لوجان، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، إن نحو نصف الزيادة في أسعار الفائدة على السندات طويلة الأجل منذ يوليو/تموز تعكس ارتفاعاً في "علاوة الأجل". وهو التعويض الذي يطلبه المستثمرون لتحمل مخاطر تغير أسعار الفائدة على مدى عمر السند.
وأوضحت لوجان أنه إذا ظلت أسعار الفائدة طويلة الأجل مرتفعة، فقد لا يكون من الضروري إجراء المزيد من تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي في وقت لاحق من هذا العام.
وأدى ذلك التصريح إلى قفزة في الأسهم على الفور. وسوف تنتظر مخاوف سوق الأوراق المالية بشأن الصحة المالية في أمريكا لفترة أخرى على الأقل.