عام ثان من حرب أوكرانيا.. كيف يواجه بايدن الضغوط الداخلية والخارجية؟
دخول الحرب الأوكرانية عامها الثاني دون أن تضع أوزارها بعد، أو تلوح في الأفق أية بوادر للسلام، طرح تساؤلات حول كيفية مواجهة الإدارة الأمريكية التحديات الجديدة التي تطرحها الأزمة.
فـ"كلما طال أمد الحرب زادت تلك التحديات"، تقول صحيفة "واشنطن بوست" في تحليل لها، مشيرة إلى أن الأزمة تحمل في طياتها تحديات جديدة للرئيس الأمريكي جو بايدن.
وتقول الصحيفة الأمريكية إن رحلة الرئيس "الخفية" إلى أوكرانيا يوم الإثنين وخطابه الأخير في بولندا يشير إلى التزامه بالقضية، فبايدن قال وهو يقف إلى جانب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف: "إنك تذكرنا بأن الحرية لا تقدر بثمن، لقد أظهر شعب أوكرانيا للعالم الشجاعة والمرونة، وأظهر الجيش الأوكراني مهارة مدهشة في ساحة المعركة".
تحديات جديدة
ومن بين تلك التحديات: ضرورة ضمان امتلاك أوكرانيا المعدات اللازمة لصد الهجمات الروسية، بالإضافة إلى حث الحلفاء الغربيين على بذل المزيد من الجهود لتوحيد الرأي العام المحلي لبلدانها خلف كييف.
بالنسبة لبايدن، كانت التداعيات السياسية المحلية حتى الآن مواتية بشكل عام، فالأمريكيون متعاطفون مع محنة الشعب الأوكراني، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إنه مع انطلاق الحملة الرئاسية لعام 2024 في الأشهر المقبلة، من المرجح أن يصبح الجدل حول دعم الولايات المتحدة وقيادتها أكثر تركيزا.
فبعض المرشحين الجمهوريين، أبرزهم الرئيس السابق دونالد ترامب، أكثر تعاطفاً مع بوتين وأكثر انعزالية في مواقفه، مما قد يجعل النتيجة المزيد من الأسئلة حول طريقة تعامل الرئيس مع هذه الجهود.
بدء هجوم روسي
إضافة إلى ذلك، تستعد القوات الأوكرانية لهجومها هذا الربيع، بهدف استعادة السيطرة على الأراضي التي تسيطر عليها القوات الروسية، تقول "واشنطن بوست"، مشيرة إلى أنه يمكن أن يتعمق الصراع في هذا العام أو بعده.
وتساءلت: في ظل هذه الظروف: هل الوقت في صالح الأوكرانيين؟ كثير من المحللين يشككون في ذلك، مؤكدين أن الهجوم الأوكراني يجب أن ينجح.
نجاح الهجوم الأوكراني من عدمه سيكون أحد التحديات التي يواجهها بايدن، وهو التأكد من أن الجيش الأوكراني لديه أكبر قدر ممكن من المعدات، وفي الوقت المناسب وبطريقة ممكنة للوفاء بتعهده الخطابي.
في كييف، اجتاز بايدن الدبابات والعربات المدرعة وأنظمة المدفعية وطلقات الذخيرة وقاذفات الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي وغيرها من المعدات التي تم توفيرها خلال العام الماضي، إلا أنه في هذا العام ستكون هناك حاجة إلى المزيد.
وتقول "واشنطن بوست" إن بايدن أدار التحالف بشكل جيد خلال العام الماضي، لكن الولايات المتحدة تحملت معظم العبء، مشيرة إلى أن أحد الانتقادات الموجهة للإدارة الأمريكية هو أن المسؤولين أجبروا زيلينسكي على المطالبة مرارًا وتكرارًا بالمزيد من الأسلحة، قبل الموافقة على منحها لها.
بطء تسليم الأسلحة
وأرجعت الصحيفة الأمريكية السبب في ذلك، إلى أن بايدن حاول تجنب أي شيء من شأنه أن يستفز بوتين للقيام بشيء "كارثي"؛ إلا أنها قالت إن العملية كانت بطيئة، مما أخر وصول الأسلحة والتدريب الذي تحتاجه القوات الأوكرانية قبل نشر الأسلحة.
وعن ذلك، يقول ستيفن هادلي، مستشار الأمن القومي للرئيس جورج دبليو بوش: "إن التزامنا الشفهي يأتي قبل قدرتنا على الوفاء بهذا الالتزام، لقد تأخرنا ستة أشهر في تزويدهم بالمعدات العسكرية التي يحتاجونها".
كان بايدن واضحا خلال العام الماضي بشأن الحاجة الماسة للحفاظ على وحدة الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، وظهر ذلك واضحًا خلال حصول أوكرانيا على دبابات ليوبارد الأوكرانية الألمانية الصنع، وهو نوع من المعدات الثقيلة التي يمكن أن تكون حاسمة في القتال القادم.
وتقول الصحيفة الأمريكية إن ألمانيا وافقت على توفير دبابات ليوبارد وأذنت لدول أخرى بإرسال نفس الدبابات من مخزوناتها، لكن فقط بعد أن وافقت إدارة بايدن على شحنة من دبابات "إم 1" إبرامز (رغم أن تلك لن تصل إلى الأوكرانيين لعدة أشهر).
وتطلب أوكرانيا طائرات مقاتلة من طراز "إف 16"، إلا أن مستشار الأمن القومي جيك سوليفان قال يوم الخميس إن طائرات "إف 16" ليست مفتاحا لمعارك الربيع القادمة، لكنها بالأحرى شيء على المدى الطويل.
ضغوط جمهورية
لكن الضغط يتزايد، فرئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مايكل ماكول (جمهوري من تكس) من بين أولئك الذين يطالبون الإدارة بالموافقة على الطائرات المقاتلة الآن لتسريع الجدول الزمني للتسليم والتدريب.
وتُظهر استطلاعات الرأي العام دعما عاما لالتزام الولايات المتحدة، لكن كلما طال الصراع كان على بايدن بذل المزيد من الجهد للحفاظ على الدعم.
وأظهر أحدث استطلاع للرأي أجرته صحيفتا "واشنطن بوست" و"إيه بي سي نيوز" الأمريكيتان أن 40% قالوا إن الولايات المتحدة تقوم "بالخيار الصحيح" في دعمها لأوكرانيا، وقال الثلث إنها تقوم بـ"أكثر من اللازم".
وأظهر استطلاع جديد أجرته شبكة "فوكس نيوز" أن 48% يوافقون على رد بايدن على العملية العسكرية الروسية، وهو ارتفاع من 40% في أغسطس/آب الماضي، ويقول 50% إن الولايات المتحدة يجب أن تدعم أوكرانيا ضد الروس "طالما أن الأمر يتطلب الفوز".
مساعدة أوكرانيا
وحول موقف الحزب الجمهوري، قال زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل (جمهوري من كنتاكي) خلال مؤتمر ميونخ للأمن الذي عقد قبل أيام: "نحن ملتزمون بمساعدة أوكرانيا، لأن المصالح الوطنية الأمريكية الأساسية معرضة للخطر، لأن أمننا مترابط واقتصاداتنا متشابكة".
لكن مع قيام الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا بالجزء الأكبر من المعدات العسكرية، طالب ماكونيل الحلفاء الأوروبيين ببذل المزيد، فيما من المرجح أن يضغط الجمهوريون على بايدن ليروا حدوث ذلك.
وقال ماكونيل في ميونخ: "يجب على أصدقاء أمريكا في هذه القارة أن يعكسوا العزيمة ويتبادلوا الالتزام الذي تأمل في أن تراه منا".
ومع تبلور الحملة الرئاسية لعام 2024، من المرجح أن يشهد الجمهوريون تصعيدا في نقاشهم داخل الحزب حول أوكرانيا، وفيما كان ترامب "معاديا" لحلف الناتو، شكك حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس في سياسات بايدن، قائلاً في قناة "فوكس نيوز"، إنه ليس من مصلحة الدولة "الدخول في حرب بالوكالة مع الصين، أو التورط في أمور مثل الأراضي الحدودية أو شبه جزيرة القرم".