رحلة السفينة الحمراء.. قصة 250 أمريكيا مشاغبا أُرسلوا لـ«البلاشفة المحبوبين»
في عام 1919 قررت الحكومة الأمريكية التخلص من 250 مواطنا اشتبهت بتعاطفهم مع النظام البلشفي السوفياتي.
في تلك السنوات كان ينشط في الولايات المتحدة ما عرف باسم "مداهمات بالمر"، نسبة إلى ألكسندر بالمر، المدعي العام للولايات المتحدة أثناء ولاية الرئيس وودرو ويلسون، وفقا لموقع هيستوري أونلاين.
استخدم بالمر التشريعات السائدة في تلك الفترة مثل قانون التجسس المعتمد في عام 1917، وكذلك قانون التحريض الذي سن بعده، للقيام بحملة واسعة ضد كل من يعارض الدولة الأمريكية ومؤسساتها.
انتاب الحكومة الأمريكية بين عامي 1917 و 1920 قلق شديد من الانتشار السريع للأفكار الشيوعية، علاوة على كفاح الطبقات العاملة ضد الاستغلال، كما تزايدت في تلك الحقبة أعداد النقابات العمالية والمنظمات العامة المعارضة للأوضاع الرأسمالية القائمة.
تزايدت مواقف النخبة الأمريكية الحاكمة المعارضة للبلاشفة مع ترسخ النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي، واتخذت تدابير عديدة وجرت مراجعة التشريعات السائدة بهدف مقاومة انتشار الأفكار الشيوعية، وأشركت وسائل الإعلام في نشر مشروع تحت اسم "التهديد الأحمر".
ومع قيام حكومات الولايات بإقالة «المتطرفين» من الخدمة العامة واتخاذ إجراءات صارمة ضد التنظيم العمالي اليساري، قام بالمر بحملة هي الأكثر وضوحًا ضد المنظمات المتطرفة، والتي غالبًا ما يكون أعضاؤها مهاجرين من جنوب وشرق أوروبا. وبين نوفمبر/تشرين الثاني 1919 ويناير/كانون الثاني 2020، اعتقل عملاء بالمر 250 شخصا، اقتيدوا بالقوة إلى السفينة "بوفورد" التي توجهت إلى الاتحاد السوفياتي.
هذه السفينة أطلق عليها في وسائل الإعلام الأمريكية اسم "السفينة السوفياتية" أو "السفينة الحمراء"، التي أبحرت في رحلة لـ"زيارة البلاشفة المحبوبين"!
كانت محطة السفينة "بوفورد" الأخيرة ميناء "هانكو" الفنلندي، حيث اقتيد المواطنون الأمريكيون وكان عدد كبير منهم من أصول روسية تحت حراسة مشددة ووضعوا في قطار انطلق إلى الحدود السوفياتية.
وصل المُرحّلون في حالة يُرثى لها من الجوع والبرد الشديد إلى بلدة تيريجوكي الحدودية وهي مدينة "زيلينوغورسك" الروسية في الوقت الحالي. وأخرج المواطنون الأمريكيون المُرحّلون من القطار وأجبروا على عبور الحدود سيرا على الأقدام في اتجاه الأراضي السوفياتية.
التقى البلاشفة في 19 يناير/كانون الثاني 1920 المواطنين الأمريكيين السابقين على جليد نهر "سيسترا" الحدودي، واكتملت بذلك الخطة الأمريكية بالتخلص من مواطنيها "المشاغبين" وطردهم إلى أقاصي الأرض!