الأدب والثقافة الإثيوبية تظل حلقة وصل بين الأفريقانية والعربية.
وعلى الرغم من أن حاجز اللغة ظل عائقا لتواصل الكتاب والمثقفين والأدباء الإثيوبيين والعرب لفترات طويلة، فإن هنالك من حاول كسر تلك الحواجز والعزلة، عبر ترجمة عدد كبير من الأعمال الأدبية والثقافية العربية للغات الإثيوبية، وأهمها اللغة الأمهرية اللغة الرسمية للدولة.
توجد إثيوبيا في محيط عربي، ولكن تظل تحديات نشر الثقافة العربية كبيرة في الداخل الإثيوبي، وبالأخص باللغات الإثيوبية المحلية "الأمهرية والتقرنجة، والأورومية".
لقد كنت كثير التجوال وسط الإصدارات الأدبية الإثيوبية باللغات الإثيوبية المختلفة، عساني أجد أي عمل مترجم من العربية، لكن ما وجدته لم يكن كثيرًا.. بعض ترجمات للأديب المصري نجيب محفوظ والكاتب اللبناني جبران خليل جبران، وبعض كتب سياسية واقتصادية لعدد قليل من الكتاب والأدباء العرب.
وتظل مكتبتنا الإثيوبية فقيرة من الترجمات العربية المختلفة، والتحدي هنا بحسب اعتقادي يكمن في أن المثقف الإثيوبي لا يحب المغامرة، خاصة في ظل ارتفاع أسعار المطبوعات داخليا، وهذا يتطلب جهدا كبيرا ليتم خلق حلقة وصل بين الثقافة العربية وبين الإثيوبية، التي هي مدخل للثقافة الأفريقية.
ومؤخرا بدأت العديد من المراكز والدور الثقافية داخليا تفعيل مثل هذا الدور من التواصل الثقافي من أجل تدعيم التعارف الأدبي، وكانت البداية من جامعة "دبر ماركوس" -"قسم الترجمة"- بإقليم أمهرا، حيث قامت الجامعة بالتواصل مع بعض الكتاب الأجانب، مثل التجربة التي أدت لترجمة رواية "الجنقو مسامير الأرض" للكاتب السوداني عبد العزيز بركة ساكن، وذلك من اللغة العربية إلى اللغة الأمهرية، وهي من التجارب التي تجد قبولا لدى القارئ الإثيوبي، لذا ننتظر ترجمة بعض الأعمال الأدبية الإثيوبية إلى العربية قريبًا لمد جسور التواصل بين الأدبَين ومن ثم الثقافتَيْن.
توجد بعض الإصدارات "القليلة" عن الثقافة الإثيوبية مكتوبة باللغة العربية ولغات أخرى، ورغم قلتها تلك تساعد القارئ العربي المهتم على التعريف بالثقافات والأدب الإثيوبي، إذ اهتمت دولة إثيوبيا باللغة العربية منذ قرون طويلة، بدأت مع تطور العلاقة بين الكنيستين الأرثوذكسية الإثيوبية والمصرية، في وقت كانت تبعية الكنيسة الإثيوبية الأرثوذكسية لكنيسة الإسكندرية، إذ عرف أتباع الكنائس ورجال الدين أهمية اللغة العربية في التواصل وترجمة الكتب الدينية من العربية.
وخلال العقدين الماضيين، اهتمت إثيوبيا باللغة العربية، حيث بدأت أكثر من سبع جامعات إثيوبية تدريس العربية، وصولا إلى منح درجة البكالوريوس في قواعد هذه اللغة، فيما أنشأت مؤسسات الإعلام الإثيوبية الرسمية أقسامًا للغة العربية للتواصل مع المتلقي العربي.
مثل تلك الجهود تحتاج إلى تدعيم بالتأكيد من مختلف الجهات في الجانبين، لمساندة هذا التواصل الثقافي بين الشعوب، والذي يجعل من الآخر كتابا مفتوحا جديرا بالمتابعة والقرب.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة