جناة مجهولون وضحايا معلنون.. عام على مقتل الهاشمي في العراق
قبل عام من الآن كان الأكاديمي والخبير بالتنظيمات الإرهابية، هشام الهاشمي عائدا إلى منزله شرقي بغداد، حينما فتح مسلحون النار عليه وقتلوه.
وبعد نحو ساعات قليلة على نبأ إعلان مقتله، نعته الأوساط الاحتجاجية والحركات المطالبة بتغيير طبقة الفاسدين الذين حكموا العراق منذ عام 2003، وبددوا ثرواته بإحالة البلاد إلى أكوام من الأطلال، والفقر والبطالة.
- العراق يخلد اسم هشام الهاشمي بشارع في بغداد
- هشام الهاشمي.. حارب داعش ومليشيات إيران فاغتاله رصاص الغدر
ورغم تكرار الاغتيالات التي تستهدف المناهضين لدولة المليشيات وقوى الانفلات المؤسساتي، إلا أن مقتل الدكتور هشام شكل صدمة مدوية لدى الجماهير المدنية وصفوف المتظاهرين الذين كانوا يرابطون حينها عند منصات الاحتجاج.
ومساء الثلاثاء، تجمع العشرات من المتظاهرين عند ساحة التحرير، وسط العاصمة بغداد ، بمناسبة مرور الذكرى الأولى لاغتياله، حاملين لافتات حملت صور المقتول الهاشمي، وطالبوا من خلالها السلطات الأمنية بكشف الجناة وتقديمهم إلى العدالة.
ووجهوا الاتهامات إلى الجهات الأمنية المشرفة على التحقيق في تلك "الجريمة"، بالتقصير ومحاباة الجهات التي تقف وراء عمليات التصفية الجسدية للأصوات المدنية المعترضة على ضعف الدولة وسيادة الفصائل المسلحة.
ويقول حسن صباح، أحد الناشطين في ساحات الاحتجاج، إن "دم الهاشمي سيبقى موقداً وضاءاً ينير طريق الحرية والتحرر من الجهل والتدنيس الطائفي والأفكار المتطرفة".
وأضاف صباح لـ"العين الإخبارية": "لقد كان الهاشمي، صوتاً يفضح مخططات التكفير والترهيب والمراهنين على تضليل الشعب وتوهينه".
ويستدرك بالقول: "مر عام على مقتله ولم تتوصل الحكومة وأجهزتها الأمنية إلى كشف الأسماء والعناوين المتورطة بقتل الهاشمي رغم وعودها المتكررة بملاحقة الجناة وهو ما يعد محاولة لتضييع دم الهاشمي وتمييع القضية برمتها كبقية حوادث الاغتيال التي عاشها ومازال يعيشها العراق".
ويشكل الأكاديمي هشام الهاشمي، أحد أبرز المحللين السياسيين في ملف الإرهاب مما حدى به أن يكون ضمن الدوائر المقربة لمصادر القرار الأمني لما يتمتع به من قدرة عالية على تتبع آثار تلك الجماعات ومنها تنظيمات داعش وقراءة تحركاتهم والكيفية التي تعتمدها في التخطيط وتنفيذ الهجمات.
ويعد الهاشمي أحد الأصدقاء المقربين لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي توعد بالثأر لمقتله وتقديم المسؤولين عن اغتياله أمام دوائر القضاء وأجهزة الرأي العام.
وتفرد الهاشمي في توصيف وتصنيف المليشيات المسلحة التي تشكلت قبل وما بعد ما يسمى بـ"فتوى الجهاد الكفائي"، عام 2014، عقب استباحة تنظيم داعش الإرهابي للمدن العراقية.
وقبيل يومين من مقتله، قدم الهاشمي دراسة تفصيلية كشف من خلالها الكثير عن مليشيا الحشد والانقسامات الداخلية التي تعيشها تلك الفصائل إزاء الصراع ما بين تبعية مرجعيتين إحداهما في النجف والأخرى في طهران.
وذهبت الاتهامات بمقتله إلى الفصائل المسلحة الولائية لإيران بعد أن كشف تفاصيل ومكامن الضعف والخلاف في كيان تلك المليشيات من خلال دراسته المنشورة حينها.
وكان الكاظمي، قد زار عائلة المغدور في بيتهم الواقع في زيونة، وتعهد بأن تلك "الجريمة"، لن تمر دون التوصل إلى القاتلين.
ومنذ ذلك الحين، لم تقدم رئاسة الوزراء بعد قرار تشكيلها لجنة مشتركة من المخابرات والأمن، أي معلومات بشأن تفاصيل التحقيقات سوى ما كشف عنه المتحدث باسم الحكومة المستقيل، أحمد الملا طلال بأنه تم "التوصل إلى خيوط مهمة في تفاصيل حادثة الهاشمي".
ويقول صحفي حضر الوقفة الاحتجاجية لإحياء ذكرى مقتل الهاشمي، رافضاً الكشف عن اسمه: "نحن لم نرى من التحقيقات التي أجرتها الحكومة العراقية بشأن مقتل الناشطين سوى خيوط بالية لايستدل منها على أي شيء".
وتذهب بعض الآراء في أسباب مقتل الهاشمي من قبل الفصائل المدعومة إيرانيا، على أنه قد كشف للمرة الأولى عن وجه القيادي في مليشيا (كتائب حزب الله)، المدعو حسين مؤنس المعروف باسم (أبو علي العسكري)، والذي تلقى على إثرها تهديدات بالتصفية ما لم يتراجع عن تعقب تلك القوى المسلحة.
في غضون ذلك، يكشف مصدر أمني مقرب من دائرة التحقيقات بملف اغتيال الناشطين، أن "الضغوطات الإيرانية عبر التهديد بأذرعها العسكرية حاضرة وطاغية على سير تلك الملفات ولذا فإن الحكومة تخشى المضي بالكشف عن المتورطين حتى لا يكون هنالك تصعيداً باستهداف الدولة وإضعاف سلطتها".
ويؤكد المصدر الأمني في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "القوى المتورطة بقتل المتظاهرين والناشطين المدنيين ما بعد مظاهرات أكتوبر/تشرين الأول تمتلك نفوذاً عسكريا واقتصادياً كبيرين يجعلها قادرة على رسم القرارات السياسية والسيادية في البلاد".
وشهد العراق منذ اندلاع حركة أكتوبر/تشرين الأول الاحتجاجية عام 2019، وحتى الآن، موجة من عمليات الاغتيال والتصفية والقتل التي أطاحت بأكثر من 600 متظاهر بينهم نحو 25 شخصية مؤثرة وبارزة على الصعيد الجماهيري.