في ذكرى الفض.. لماذا اختار الإخوان الاعتصام في رابعة والنهضة؟
"قبل 10 سنوات، أشعلوا أنصارهم بالغضب، وخدعوا الشباب بالأكاذيب، كالأفعى تبخ سمومها فى الناس ثم تشكى العداء"، هكذا وصف محللون الذكرى العاشرة لفض اعتصامي تنظيم الإخوان الإرهابي بميداني النهضة، غرب القاهرة ورابعة، شرق العاصمة.
آنذاك، هرب القادة الذين كانوا يتصدرون المشهد، تاركين من غرروا بهم يواجهون مصيرا مؤلما، بتخطيط مدروس عبر استفزاز متعمد لقوات الجيش والشرطة على مدار نحو 55 يوما، في محاولة لسقوط ضحايا حتى يملأوا الدنيا صراخا وكذبا عبر صناعة وهم المظلومية.
وحول أسباب اختيار هذين الميدانين، أكد محللون لـ"العين الإخبارية" أن "الجماعة حاولت استنساخ تجارب سابقة دون فهم لواقع هذه التجربة، فهم كانوا يستنسخون تجربة الثورة الإيرانية الخومينية، التي كانت تعتمد على احتلال ميادين متوسطة المسافات والتمدد حتى يلتحموا معا وإصابة العاصمة بالشلل حتى لا يتمكن الأمن من فض هذه الاعتصامات".
وأشاروا إلى أن عناصر الإخوان اعتادت على سفك الدماء وإزهاق الأرواح، ومن ثم تمثيل دور الضحية لكسب تعاطف البسطاء في الداخل والدعم من الخارج للهروب من العقاب إلا أن مصر رفضت أن يلوي ذراعها فئة تملك سجلا حافلا بالعنف والإرهاب، وتمت عمليات الفض بعد تحذيرات وفتح ممرات آمنة أشعلها قادة الإخوان في محاولة لخلق حالة من الفوضى غدرا وخداعا بدعايات وهمية.
وفي 14 أغسطس/آب 2013، فضت قوات الجيش والشرطة المصرية اعتصامي ميداني النهضة ورابعة، منهية 55 يوماً من خطاب الإرهاب الدموي الذي كان يخرج من منصتي الاعتصامين.
ومع ذكرى الفض تتفجر الأسئلة حول الدوافع الحقيقية لاختيار الإخوان التخييم في النهضة ورابعة، ولماذا كانوا يتحرشون بالجيش ومؤسساته وبالشرطة ورجالها، ولماذا الآن يقيمون اللطميات على رابعة؟
المظلومية
وللإجابة عن ذلك، قال الكاتب والباحث في التنظيمات الإرهابية، هشام النجار، إن الإخوان لم ينخرطوا في العمل السياسي بصدق، فلو كانوا صادقين لاستخدموا أدوات النضال السياسي وليس العمل كتنظيم سري يمارس العنف، وتجربة الإخوان تؤكد أن أي جماعة تؤسس حزبا سياسيا تكذب على المجتمع، لأنها تصنع مليشيات مسلحة مؤدلجة في الواقع.
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، أكد النجار أن الجماعة الإرهابية لم تتعلم من أخطائها، ولم تفهم تموضعها السياسي الجديد، وأن عليها التخلص من إرث حسن البنا وسيد قطب الإرهابي، لتتمكن من التعامل مع الواقع السياسي والمجتمع بشكل صحي في ظل المتغيرات المعاصرة.
وأوضح النجار أن "الإخوان تعلم أنها وصلت للحكم في لحظة استثنائية قد لا تتكرر، وأدركوا أيضا أنهم فشلوا في إدارة الدولة وأن مشروعهم سقط ولم ولن يقوم ثانية، وفي سبيل ضمان استمرار الجماعة ضحَّى الإخوان بالحزب وبالقيم والمبادئ الحزبية وبأدوات السياسة الحقة التي ترفض العنف أو حتى التلويح به، لهذا زجوا بأتباعها لمعسكر رابعة لخلق مظلومية مصنوعة، تساعدهم على عودة ثانية".
وتابع: "كما أن خيارهم للتموضع في رابعة في محاولة لاستفزاز قوات الجيش والشرطة من أجل وقوع ضحايا".
أطلقت الرصاص على نفسها
و"إذا كان الإخوان يزعمون أنهم ضحية فهم الجاني في نفس الوقت"، وفق النجار، الذي أكد أن "كل الأدوات التي استخدمتها الجماعة لحل الأزمة كانت بمثابة رصاص تطلقه بنفسها على قدميها، أولها قرار الاعتصام نفسه، وجلب مغرر بهم من كل مكان، والاستعانة والتحالف مع طيف الحركات الإسلاموية والإرهابية، وتسليح بؤرة مشاكسة معاكسة لمسارات الدولة المصرية لأسابيع طويلة، وأخيرًا الارتكان تماما لأجهزة مخابرات دول إقليمية ودولية، على حساب المصالح الوطنية العليا للدولة المصرية".
وأشار إلى أنه "لكون المسار كان خاطئا والأدوات كانت خاطئة، فالنتائج كانت كارثية على التنظيم لأنه فقد كل شيء وخسر كل شيء في الساحة السياسية حيث جرى حظر الجماعة نفسها وتصنيفها إرهابية".
المظلومية وقاحة إخوانية
من جانبه، قال الكاتب والمفكر المصري، ثروت الخرباوي، أن "إشكالية التعامل الجاد مع أحداث رابعة، تنبع من عدم وضع الأمور في نصابها، فالجماعة هي التي اختارت نشر الفوضى، وهي التي اختارت تسليح رابعة وهي التي استفزت قوات الأمن وهي التي قررت مهاجمة مؤسسات الجيش فهزموا وشردوا، وأي ادعاء بالمظلومية هو وقاحة إخوانية يجب فضحها للرأي العام".
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، أضاف الكاتب المصري أنه "من المؤكد أن الإخوان كانت تسعى للحظة الصدام مع الدولة المصرية، ففي عقيدة الجماعة، إما الانتصار وإما الادعاء بالمظلومية، وكان أمام الإخوان خياران إما الانحياز للوطن وإما استكمال النضال السياسي بأدواته، وإما الانحياز للغرب واستكمال مشروع تخريب مصر وأهم أدواته العنف المسلح والفوضى الأمنية، وقد سبق أن قلت أن الإخوان دائما ما تختار العنف ومشاريع هدم الدولة، وذلك لأن فكر التطرف والعنف مغروس في جينات الجماعة ولا يمكن أن تتخلى عنه".
لماذا رابعة والنهضة؟
وعن أسباب اتجاه الإخوان للاعتصام، قال الخرباوي إن "الجماعة لا تملك رفاهية التفكير المستقل، وهي دائما ما تحاول أن تستنسخ تجارب ناحجة سابقة دون فهم لواقع هذه التجربة، فهم في رابعة كانوا يستنسخون تجربة الثورة الإيرانية الخومينية، التي كانت تعتمد على احتلال ميادين متوسطة المسافات والتمدد حتى يلتحموا معا وإصابة العاصمة بالشلل حتى لا يتمكن الأمن من فض هذه الاعتصامات".
وتابع: "ولهذا قام حاتم عبد اللطيف وزير النقل في حكومة هشام قنديل الإخوانية برسم خطة للتمدد في القاهرة وعزل شرق القاهرة، وبما لديه من معلومات عن الضعف المروري، حرص الإخوان على التمدد خارج رابعة، لحدود شارع الطيران والمنصة واحتلال الشارع وامتداد كوبري 6 أكتوبر، والادعاء بأن العاصمة تحت سيطرة الإخوان، مع الهجوم على الحرس الجمهوري بهذا الشكل المستفز الساذج كان غرضه وضع الرئيس المعزول، محمد مرسي، على المنصة لمدة دقائق لخلق أزمة دولية تسمح بتدخل مجلس الأمن".
وأكد الخرباوي أن "الإخوان هزموا في تنفيذ مشروعهم التخريبي، فقاموا يبكون ويلطمون ويدعون المظلومية، ولما تأكد لديهم الهزيمة أرادوا إسقاط عدد كبير من شبابهم ضحايا المواجهات، فهربوا بأولادهم وتركوا المغرر بهم المصدق لأكاذيبهم، والدولة فتحت ممرات آمنة لمن أراد الخروج، أما من أراد الصدام فقد واجهته بحزم حماية للوطن وللدولة وللشعب".
aXA6IDMuMjIuNzAuMTY5IA== جزيرة ام اند امز