الروهينجا يطردون رائحة الموت بالغناء
رغم الألم وقسوة الحياة، يحاول مسلمو الروهينجا التغلب على مأساتهم بالغناء.
رغم الأزمة المستفحلة التي يعاني منها الروهينجا، سواء بموطنهم الذي يواجهون فيه تطهيرا عرقيا، أو المسار الخطر الذي يتخذونه فرارا للبحث عن ملاذ آمن، فإنهم يحاولون التغلب على مأساتهم بالغناء.
سليم، فتى صغير، لكن صوته أقوى من سنّه، وهو يغني مقطوعته المفضلة التي تعود إلى أيامه الخوالي في حقوب الأرز بولاية راخين، قبل أن تلحن في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بإيقاع شبه بنغالي.
واليوم يطرب سليم أقرانه الأطفال، وهو يذكّرهم في الوقت نفسه بسبب فرار قوميتهم إلى بنجلاديش، حيث يتكدسون في أكبر مخيم للاجئين حول العالم.
ومن شواهد محنة سليم، اعتقاده بأن سنوات عمره تناهز الـ10، لكنه غير متيقن من ذلك.
وحتى جذور الفتى مع الغناء كارثية، حيث تعلمه من شقيقه الأكبر، قبل مقتله على يد العصابات البوذية.
وكانت عائلة سليم قد هربت -شأنها شأن أكثر من نصف مليون روهينجي- إلى بنجلاديش، في واحدة من أقسى حملات الاضطهاد التي تلاحقهم منذ عقود.
أغنية سليم تنبع من شيء يشبه الفطرة، لتعيد سرد حكاية، كما لو كان أقرب المقربين قد قصّها عليه، بحسب مجلة "تايم" الأمريكية.
فعندما وصلت الجموع اليائسة من ميانمار إلى حدود بنجلاديش نهاية أغسطس/آب الماضي، لم يتوقع أحد حجم الأزمة، لكن في الأسابيع التالية، سعى الروهينجا بأكملهم تقريبا للحصول على ملاذ آمن مع تحول منازلهم إلى رماد.
كل فعل مروع يمكن تخيله تحدث عنه الأفراد الذين تمكنوا من الهرب أحياء، بدءا من ذبح الجنود للمدنيين واغتصاب النساء، وليس انتهاءً بتعذيب كبار السن وحرق الأطفال.
"عندما وطئت قدمي أرض بنجلاديش، بدأت الشعور على نحو أفضل"، هكذا قال اللاجئ محمد علي (70 عاما)، وهو يحمل رضيعا هزيلا، متشبثا بقميص رمادي بالٍ، كان يرتديه منذ هربه من قريته في بولي بازار، الجمعة التي سبقت عيد الأضحى.
حشد من الجيران الفضوليين تجمعوا حول محمد بينما يتحدث في هذا المكان البائس المشيد وسط آثار فوضى النزوح، الذي سيكون مهد جيل من الروهينجا، الأقلية المسلمة المعروفة باسم "أناس اللا مكان" في آسيا.
بعض الأولاد سيصبحون ضحايا تجارة المخدرات، أما الفتيات سيبعن ويهربن للخارج، وسيعاني آخرون من تفشي للأمراض المعدية لا مناص منه، بحسب المجلة الأمريكية.
أكثر من 622 ألفا صمدوا خلال المسار الخطر من منازلهم في راخين إلى الملاذ الآمن نسبيا في كوكس بازار، المدينة الواقعة شرق بنجلاديش.
وهرب الكثيرون دون أي ممتلكات على الإطلاق، فقط وضعوا أطفالهم في سلال، وحملوا كبار السن على ظهورهم. ركضوا وساروا لأيام، وأحيانا لأسابيع، وعندما وصلوا كانت أقدامهم محروقة ومتورمة.
لكن الأسوأ أن الطريق المحشو أصلا بالألغام الأرضية، كان معلما بالرصاص الذي يطلقه الجنود على ظهورهم، طول رحلة هروبهم.
ولا يزال المزيد يغرقون في نهر ناف، وهو ممر مائي موحل يفصل ميانمار عن أقصى جنوب بنجلاديش، مع انقلاب قوارب الصيد المحملة بأعداد تفوق طاقتها، أثناء انتقالهم عبر آخر عقبة في طريقهم.
العالم يبدو مختلفا بعد المأساة؛ فحتى الأشياء العادية مثل قطرات الأمطار يمكن أن تسبب هلعا كبيرا، لكن مع ذلك، أصبح غناؤهم مألوفا للغرباء الذين يزورون مخيم اللاجئين.
aXA6IDMuMTQ4LjExNy4yMzcg
جزيرة ام اند امز