دفتر أحوال نساء الروهينجا.. أمل الإنصاف من ألم الاغتصاب
شهادات مؤلمة استعرضتها نسوة ممن يقفن اليوم في مفترق طرق بين صدمة الحاضر وأمل بإنصافهن.
شهادات صادمة تضمنت تفاصيل تعرّض نساء من مسلمي الروهينجا في ميانمار، للاغتصاب الجماعي والعنف الوحشي من قبل الجيش هناك، استعرضتها نسوة ممن يقفن اليوم في مفترق طرق بين صدمة الحاضر وأمل بإنصافهن.
أدلة جديدة تستعرضها هذه المرة هيئة الإذاعة الأسترالية "إيه بي سي"، لتدعم تقارير إعلامية سابقة رصدت، منذ انطلاق حملة التطهير العرقي ضد مسلمي إقليم أراكان غربي ميانمار، حالات اغتصاب جماعي من قبل الجيش.
"اغتصبني نحو 15 جنديا"
نور؛ فتاة لم تتجاوز الـ 18 من عمرها. كانت ترتدي نقابا يغطي جميع ملامحها ما عدا عينيها اللتين كانتا تحدقان بحذر شديد في زائريها.
اختارت نور، ركنا في كوخ إحدى صديقاتها، قبل أن تفترش الأرض، وترفع ناظريها متفحصة الموجودين، لتبدأ برواية قصة لطالما احتفظت بها في سرها، وعبرت من أجل كشفها مخيم "كوتوبالونج" للاجئين الواقع قرب بلدة كوكس بازار في بنغلاديش الحدودية مع ميانمار.
بدأت القصة عندما داهم جيش ميانمار قريتها "لونجدن" بأراكان، وتقول نور، إنه عندما بدأ الجيش في اضطهاد سكان القرية، هربت الفتيات والسيدات واحتمين في منزل، لكن الجنود اكتشفوا أمرهن ثم غادروا ثم عادوا مجددًا.
وبعودتهم، بدأ الجنود بفحص أجسادهن وانتزاع ملابسهن عنوة، ثم اُختيرت نور وأخريات وتم تقييدهن وأخذهن بعيدًا، وعندما قاومت نور خنقها الجنود ثم أخضعوها لاغتصاب جماعي عنيف لفترة طويلة أدت إلى إغمائها.
تعرضت نور للاغتصاب من نحو 10 إلى 15 جنديًا، كما تقول، وتركوها ورحلوا، مضيفة أن الدماء والبول غطيا ملابسها، قبل أن تتوجه، بمساعدة عدة قرويات، إلى بنجلاديش المجاورة، والألم يدق جميع أنحاء جسمها النحيل.
ومع أن عدة أسابيع مرت على فاجعتها، إلا أن نور لا تزال، حتى الآن، تعاني من نزيف داخلي قالت إنه لا يقل ألما عن وصمة العار التي خلّفها اغتصابها، ما دفعها لإخفاء تفاصيل مأساتها حتى عن الأطباء خوفًا من اكتشاف زوجها للأمر ونبذها.
شهادات متشابهة في قرى مختلفة
قصة شامشيدا (18 عاما) لا تختلف في خطوطها العريضة عما لاقته نور، فالتفاصيل واحدة لا يفرق بينها سوى المكان.
شامشيدا من قرية تقع قرب منطقة "منجدو" بأراكان، استعرضت تفاصيل تقشعر لها الأبدان عما تعرضت له، حيث قالت إن الجيش جاء إلى القرية وأخذها وفتاتين إلى إحدى المدارس.
وتابعت أن جنودا وضعوا سكينًا على حلقها، ثم أخذوها والفتاتين إلى ثلاث غرف منفصلة قبل اغتصابهن بكل بشاعة.
وبما أن شامشيدا لا تزال عزباء، فهي تخشى أن تتسرب بعض تفاصيل ما حدث لها، فيلحقها عار لن يُمحي للأبد، وسيجعلها منبوذة من قبل الجميع.
تجربة مريرة لم تقتصر على نور وشامشيدا، وإنما اختبرنها سيدات أخريات أُجبرن على مواجهة نتائج صادمة بشكل أكبر، حيث وجدن أنفسهن مثقلات بآلام الاعتداء الجسدي والحمل، في وقت تحظر فيه بنجلاديش الإجهاض غير القانوني، ومع ذلك تُعول هؤلاء النسوة على موافقة الأطباء في ظروف استثنائية.
وأكد عدد من عمال الإغاثة – طلبوا عدم ذكر أسمائهم – لهيئة الإذاعة الأسترالية، إجراء عدد من عمليات الإجهاض، وقالوا إن هناك حاجة ماسة لعدد أكبر من المرافقين النفسيين لمواجهة موجة متوقعة من الضحايا المصابات بصدمات نفسية.
واعتبرت سكاي ويلر، الباحثة في حقوق المرأة بمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، أن شهادات هؤلاء النساء تثبت أن "الاغتصاب طريقة فعالة لمهاجمة شخص، فلا يسبب لهن الإصابات والخوف فقط وإنما يتركهن في حالة من الحزن العميق".
"أريد العدالة"
أجرت ويلر مقابلات مع أكثر من 52 سيدة من الروهينجا من 19 قرية منفصلة، تعرضت 29 منهن للاغتصاب، وكلهن - باستثناء واحدة فقط- تعرضن للاغتصاب الجماعي.
ولفت تقرير ويلر، الذي استعرضته هيئة الإذاعة الأسترالية، إلى تزايد الأدلة بشأن استخدام جيش ميانمار للاغتصاب وسيلة لاضطهاد مسلمي الروهينجا.
واعتبرت أن الاغتصاب كان أحد وسائل إجراء التطهير العرقي، مضيفة أنه في الغالب فإن الذكريات الصادمة الدائمة تصّعب من شعور النساء بالأمان في الأماكن التي تعرضن فيها للاعتداء، ومن ثم يزيد من صعوبة إعادتهن إلى الوطن.
من جانبها، تقول شامشيدا، إنها تريد تحقيق العدالة لها، مستطردة: "أريد من المجتمع الدولي معاقبتهم"، في إشار ة إلى جنود ميانمار.