ودائع البنوك بغزة تتلاشى.. فاتورة الانقسام تدمر القطاع
بفارق يزيد على 9 أضعاف اتسع الفارق في حجم الودائع الفلسطينية في البنوك العاملة في الضفة الغربية عن نظيرتها في قطاع غزة خلال عام 2020.
وبعد آثار كارثية تركها الحصار والانقسام على مدار 14 عاما، جاءت جائحة كورونا لتعمق معاناة غزة وأوضاعها الاقتصادية الهشة.
ويؤكد الدكتور معين رجب، أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، أن الودائع الفلسطينية في البنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية ارتفعت حتى نهاية 2020 إلى نحو 14.5 مليار دولار، كانت ودائع غزة منها نحو 1.4 مليار دولار فقط، بينما ودائع الضفة نحو 13 مليار دولار.
وقال رجب، لـ"العين الإخبارية"، إن هذه الفجوة مؤشر إلى حجم نمو الودائع الواضح في الضفة بنسبة تصل إلى 5 إلى 6% تقريبا، بينما في غزة الودائع منخفضة أو في أحسن الأحوال لا تنمو إلا بنسبة محدودة جدا خلال عام 2020.
- بعد زيرو إصابات.. خطة الاقتصاد الفلسطيني للتعايش مع "كورونا"
- 3.2 مليار دولار خسائر الاقتصاد الفلسطيني جراء كورونا
الحصار والانقسام
ويعزو الخبير الاقتصادي التراجع إلى أوضاع غزة خصوصا الحصار والانقسام وعدم الاستقرار، مبينا أن الحصار ترك تأثيرات على مختلف الأنشطة الاقتصادية والمالية.
وأوضح أنه بالانقسام باتت غزة في المركز الضعيف بالنسبة للأراضي الفلسطينية لأنها لا تأخذ حصتها كاملة من الموازنة العامة للسلطة ولا تتلقى الدعم الخارجي الذي يرد للسلطة إضافة إلى أن عمالها لا يعملون في إسرائيل بخلاف الضفة التي يعمل نحو 100 ألف عامل منهم في إسرائيل يصخون سيولة نقدية كبيرة في السوق ما يسمح بالادخار المتزايد.
وفرض الحصار بعد انفراد حماس بالسيطرة على قطاع غزة منتصف 2007 بعد اقتتال دامٍ مع السلطة الفلسطينية وحركة فتح.
وأشار رجب إلى أن القيود المفروضة على الحوالات الخارجية الموجهة لغزة ضمن أسباب أخرى ساهمت في تراجع حجم الودائع في البنوك، مبينا أن الناس بالكاد تلبي احتياجاتها ولا تستطيع الادخار.
وتصل البطالة في غزة إلى أكثر من 43% في حين تصل في أوساط الشباب والخريجين إلى نحو 70%.
وأشار رجب إلى أنه في ظل الوضع المتردي حدث تراجع كبير، واضطر الكثير من المودعين إلى سحب ادخاراتهم للإنفاق أو تعويض خسائر لحقت بهم ومن أجل الإنفاق الاستهلاكي بسبب انخفاض الدخل بنسبة تصل لنحو 8 إلى 10%.
هجرة الاستثمار
ويؤكد أن تراجع الودائع يعكس تراجع الاستثمار فقلما تسمع في السنتين الأخيرتين عن افتتاح مصنع في غزة أو مرفق سياحي حيوي؛ لأن المخاطر كبيرة في غزة ولذلك لا يقدم رجال الأعمال على إقامة مشاريع جديدة.
وذكر أن جزءا من رجال الأعمال اتجهوا للاستثمار خارج غزة بعد تراجع المؤشرات الاقتصادية وارتفاع درجة المخاطر، مؤكدا أنه مع استمرار المخاطر وعدم الاستقرار متوقع سحب المزيد من المدخرات ما يقلص الودائع أكثر حتى نهاية 2021.
وبسبب الحصار وكورونا، اضطرت مئات المصانع والمنشآت في غزة إلى إغلاق أو تقليص عملها وإنهاء خدمات آلاف العاملين.
وقال الدكتور ماهر الطباع، الخبير الاقتصادي، ومدير الإعلام في الغرفة التجارية بالقطاع: إن الكثير من التجار ورجال الأعمال في غزة سحبوا من مدخراتهم في البنوك بعدما تجمدت أموالهم في سوق العقارات المتوقف نهائيا بغزة نتيجة شح السيولة النقدية.
وأكد الطباع لـ"العين الإخبارية" أن معظم السحوبات من الودائع تذهب للاستهلاك، وقليل منها يذهب للمشاريع.
ونبه إلى أن تقلص الودائع يؤدي إلى تراجع كل المؤشرات الاقتصادية في غزة، لافتا إلى أن ذلك واضح من حجم الشيكات المرتجعة في غزة خلال 2020 والتي بلغت 80 مليون دولار فقط من قيمة الشيكات المرتجعة في فلسطين والمقدرة بـ2 مليار دولار.. هذا مؤشر مهم جدا على حجم الانهيار في غزة وليس التراجع.
آفاق الحل
وحول آفاق معالجة ذلك، يرى الأكاديمي رجب أن المطلوب توفر المناخ المناسب الذي يحفز القطاع الخاص على الاستثمار في مشاريع جديدة أو مشاريع قائمة.
أما الطباع، فيرى ضرورة أن تكون هناك نسبة فائدة مرتفعة حتى تشجع الناس لإيداع أموالها في البنوك، مشيرا إلى أن البنوك تعطي فائدة نسبتها 2-3 % فقط وهذه نسبة قليلة يتوجب رفعها لتشجيع الناس على الادخار.
وأشار إلى أن البنوك مع قراءتها للتراجع بغزة لم تطرح برامج ذات جدوى بغزة؛ حتى على صعيد حساب التوفير لم تكن تلك البرامج موجودة كما السنوات السابقة، وذلك بسبب عدم الاستقرار.