باحث بلجيكي: الاحتجاجات أضعفت استراتيجية إيران بالمنطقة
بعد احتجاجات العراقيين واللبنانيين، يتظاهر الإيرانيون؛ الأمر الذي يضر باستراتيجية نفوذ طهران في بلاد الشام، ولن يعود الوضع إلى ذي قبل.
قال الباحث البلجيكي بكلية العلوم السياسية والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط بجامعة "بروكسل الحرة"، فانسان إيفلينج، إن الاحتجاجات في المنطقة -خاصة بالعراق ولبنان- أدت إلى هشاشة السياسة الإيرانية.
وأضاف إيفيلينج، خلال مقابلة مع صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، أنه "بعد احتجاجات العراقيين واللبنانيين، يتظاهر الإيرانيون؛ الأمر الذي يضر باستراتيجية نفوذ طهران في بلاد الشام، ولن يعود الوضع إلى ذي قبل؛ لأن تأثير طهران في بغداد ودمشق وبيروت بدأ يتلاشى".
- صحف فرنسية: مظاهرات إيران لن تخمد والثورة ستطال خامنئي
- باحثة فرنسية تكشف كيفية قمع إيران لشعبها بحجب الإنترنت
وأضاف: "بعد ارتفاع سعر البنزين، خرجت موجة احتجاجية واسعة في شوارع إيران، واعترف النظام بمقتل محتجين، لكن بعض المنظمات غير الحكومية تؤكد مقتل العشرات التي وصلت إلى المئات".
وأشار إلى أن النظام الإيراني كان يتوقع تلك الموجة من الاحتجاجات، الأمر يفسر سرعة رد فعله مع قطع عام للإنترنت وتعبئة قوية لقوات الأمن".
ولفت الباحث السياسي إلى أنه رغم اندلاع احتجاجات العام الماضي وقمعها النظام، فإنها هذا العام لن تخمد بسهولة رغم عنف طهران في مواجهتها، مشيرا إلى أن هناك سببين لذلك، أحدهما موضوعي والآخر أكثر رمزية.
وتابع: "مع إعادة فرض العقوبات الاقتصادية الأمريكية، يعاني الإيرانيون من تضخم كبير بلغت نسبته 40%، مع ضعف فرص العمل، وانخفاض حاد في قوتهم الشرائية".
وأوضح إيفيليج أن "الاقتصاد الإيراني في حالة صحية سيئة، ولإنقاذه تحتاج الدولة إلى تصدير مليون ونصف المليون برميل من النفط يوميا، لعدة أشهر، مشيرا إلى أن عملية دعم الوقود للإيرانيين تكلفتها باهظة الثمن للحكومة من الجانب الاقتصادي، ولكن النظام اتخذ خطوة رفع السعر دون أي اعتبارات اجتماعية أو تقديم تفسير للشعب.
وأشار الباحث البلجيكي إلى أنه من الناحية الرمزية فإن النفط يعد رمزا للإيرانيين؛ لكونها من أكثر الدول استهلاكا للوقود في العالم والتي لديها رابع أكبر احتياطي، موضحا أن الإيرانيين يعتبرون أنهم يجب أن يكونوا قادرين على التمتع به".
ورأى إيفيليج أنه "من بين الأسباب التي أثارت غضب الإيرانيين، سخط الشعب من السياسة الخارجية للنظام باهظة الثمن، خاصة في سوريا التي انعكست سلبا على الأوضاع في بلادهم، حيث تكلفهم مئات الملايين من الدولارات كل عام".
ويشعر جزء كبير من الإيرانيين، بعدم الرضا تجاه تلك السياسة الخارجية التدخلية؛ فهم يفضلون استخدام الأموال بطريقة أخرى لصالحهم، فيما يعتبر المقربون من دائرة النظام الإيراني والمرشد الأعلى أن تلك السياسة التدخلية تجعل طهران القوة الطبيعية للشرق الأوسط.
ووفقا للباحث السياسي فإن هذا الانقسام في المجتمع الإيراني، له صلة خاصة بالجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق "القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، المؤسس خصيصا للعمليات الخارجية، والذي يعتبره معظم الإيرانيين، رمزا لجميع شرور النظام.
واعتبر إيفلينج أن سياسة طهران في الشرق الأوسط باتت هشة، لكن هناك اختلافات ملحوظة بين الاحتجاجات في إيران والعراق ولبنان.
وأوضح أنه في بيروت، الطبقات الوسطى والحضرية، هي التي تتظاهر ضد النظام السياسي بأكمله، المتحالف مع "حزب الله" - المليشيا الشيعية الموالية لإيران، داعين لتجاوز الطائفية والحدود المؤسسية بين السنة والشيعة والمسيحيين، تلك الانقسامات التي أثارها حزب الله الذي يلعب دورا سياسيا مهما واجتماعيا في المجتمع اللبناني.
وبالنسبة لاحتجاجات طهران، في وجهة نظر الباحث البلجيكي، فإن الإيرانيين يلومون على النظام لدعم أنشطة حزب الله المثيرة للجدل التي تكلفهم ثمنا باهظا.
وفيما يتعلق باحتجاجات العراق، فقال إن العراقيين لديهم انطباع بأنهم وقعوا رهينة النفوذ الأجنبي، ليس فقط الأمريكيين بفعل الغزو، كما أنهم ضحية النوايا التوسعية التي تضعف بلادهم وتثير الانقسامات.
ولفت إلى أن الأمر يتعلق تحديدا بالسياسة الإيرانية في العراق التي أدت إلى تقسيم الشعب العراقي على نفسه، جزء يمثله المرشد الأعلى في العراق، وجزء رغم كونه شيعيا لكنه يريد التخلص من التبعية الإيرانية.
واعتبر أن استراتيجية طهران في المنطقة رغم هشاشتها ولكنها لن تختفي لخدمة مصالحها الخاصة.