تعدت فتاوى "الغرياني" حالة الحرب الدائرة في بلاده ليطلب من التبع له عدم شراء البضائع من دول الاعتدال العربي
لا يمكن لأحد على وجه المعمورة التفريق بين سلوك المتطرفين، فهمّهم واحد؛ هو المزيد من القتل والتدمير الذي لا يقتصر على دولة بذاتها مثل سوريا أو ليبيا أو مصر، وإنما يسعون للسيطرة على البلدان العربية جمعاء لتنفيذ مشروعهم الأكبر، فطموحهم يتعدى سيادة بلدانهم، بل ويربطها بإيدلوجية بات الشباب العربي يعرف غايتها؛ وهي إقامة ما تطمح إليه قيادة جماعة "الإخوان المسلمين" بتأسيس ما تسميه "خلافة" ولا شكّ بأن ذلك يخدم مصلحة الساعي الأول لها في الزمن الحالي؛ الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" الباذل الغالي والرخيص من أجل ذلك.
فالرجل يُعدُّ الأكثر تحمساً يسانده على ذلك رجال دين يفتون ليل نهار بالقتل والتنكيل ويمجدون أفعاله، وتَبَعٌ يصفقون لنهجه ويعتبرونه حامي حمى المسلمين، بالإضافة إلى التمويل القادم بعضه من دول عربية اعترف مسؤولون في حكوماتها فيما سبق بأنها دعمت الجماعات المتطرفة جهاراً نهاراً، وليس خافياً على أحد ما جاء به رئيس الوزراء القطري "حمد بن جاسم" حين تحدث عن تقديم المال من "الدوحة" لـ"جبهة النصرة" وغيرها من الجماعات المتطرفة في "سوريا" وغيرها من البلدان العربية.
في هذا المقال لا مناقشة للفتاوى الدينية الصادرة عن مفتين يصفهم جزء كبير من أبناء بلدهم بالمارقين والبائعين لأوطانهم لحساب مشغليهم، بقدر التوقف عند موقف هؤلاء والطريقة التي يقنعون بها بعض الشباب العربي للانخراط في معركتهم ضد أوطانهم .
تعدت فتاوى "الغرياني" حالة الحرب الدائرة في بلاده ليطلب من التبع له عدم شراء البضائع من دول الاعتدال العربي؛ بذريعة عدم نصرتها الليبيين.
في واقعة لم تكن غريبة على منهج من يتبعون جماعة "الإخوان" فكرا وسلوكا؛ خرج مفتي ليبيا السابق "الصادق الغرياني" ليحدّث الناس لا بالسلام، ولا بتمنيه الخير لبلاده، أو على الأقل توجيه الدعوة لطرفي الصراع من أجل حقن الدم الليبي، بل لسفكه أكثر؛ بإجازته قتل أسرى عناصر الجيش الليبي باعتبارهم خارجين عن الدين على حدّ قوله، وهذا يتقاطع كثيراً مع سلوك تنظيم "داعش" الذي عاث فساداً في كل المناطق التي سيطر عليها، سواء في سوريا أو في العراق وحتى في ليبيا ومصر، ما يدلل على قوة الارتباط بين سلوكية التنظيمين المتطرفين واتخاذهم لبوس الدين وسيلة لتحقيق غايتهم بالنهب والسلب والتسلط.
ليس هذا فحسب، فالرجل لا ضير عنده باستعانة طرف ليبي بالمرتزقة لقتل ليبيين آخرين وفق شريعته التي يتحدث بها، وهذا ما يفسر بالطبع سرعة تلبية عناصر هذا الفكر المتطرف نداءَهُ بتجنيد المزيد من الشباب الباحث عن لقمة عيشه من سوريين وغيرهم وزجهم في القتال الدائرة رحاه في ليبيا نُصرةً لما يسمى "حكومة الوفاق" المدعومة من تركيا بالعدة والعتاد.
تعدت فتاوى "الغرياني" حالة الحرب الدائرة في بلاده ليطلب من التبع له عدم شراء البضائع من دول الاعتدال العربي؛ بذريعة عدم نصرتها الليبيين، والمقصود هنا هم من يوالون "الغرياني" ومنهج الإخوان المتمثل على الأرض بميلشيات تقاتل مع "حكومة الوفاق" الليبية.
وصل الرجل السبعيني حد عدم جواز شد المسلم الرحال إلى بيت الله الحرام للحج أو العمرة كي لا يساهم في نفع المملكة العربية السعودية التي لم تقتنع بسلوكه المتطرف لا هو ولا من دار في فلكه؛ لذلك جاءت ردة فعله بتحريم الحج على المسلمين، ليس كلهم بل من يظنون ويعتقدون خطأ بأنه يستحق بالفعل لقب مفتي وما دروا حقيقة أن من يحرك لسان هذا "المفتي" هي الغاية السياسية التي يبحث عنها، والمتمثلة بحكم ليبيا وتولي مناصريه حكم مصر كما فعل من قبل "يوسف القرضاوي".
ويكمل مسيرة التضليل "راشد الغنوشي" في تونس، وتدفع "قطر" فاتورة كل هذه التحركات ليقطف الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" ثمار ذلك على جثث الشباب العربي بفتاوى ظن البعض أنّ مُصدرِيها يمثلون الإسلام .
ينبغي لمن يتابع حديث هؤلاء المفتين التوقف عند ما يأتون عليه، فكلامهم لن يكون عابراً بقدر ما سيتسبب بسفك دماء بريئة، وهذا ما سيحصل في "ليبيا" إنْ واصلَ الرجل الحديث بهذه السلوكية غير الآبهة بدماء المسلمين المسالة ضحية عباراته التحريضية التي يطلقها وهو جالس في كنف الرئيس التركي ويأكل من خبزه الحرام المسروق قمحه من موارد سوريا ومخزونها الاستراتيجي، والمطبوخ على نار وقوودها نفط منهوب من العراق؛ لتحصد المزيد من المهج المسلمة، ولكن لا عجب فهو "الغرياني" من وصفه تنظيم "القاعدة" عام 2017 بأنه "العالم الرباني والمفتي المجاهد"؛ لذلك يصح القول فيه: قل لي من تصاحب وتوالي أقل لك من أنت ؟؟.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة