محللون: استقالة رئيس البرلمان الجزائري تحل الأزمة
الحراك الشعبي بالجزائر يحقق مطلباً سادساً ومحللون يؤكدون أن استقالة معاذ بوشارب يسهم في حل الأزمة السياسية
بعد أكثر من شهرين من الضغوط الشعبية والسياسية عليه، أعلن معاذ بوشارب، رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري "البرلمان"، استقالته رسمياً من منصبه.
وجاءت استقالة بوشارب عقب ضغط كبير تمثل في سحب 5 نواب له ثقتهم به، إضافة إلى توقيع 4 كتل نيابية على عريضة للمطالبة باستقالته.
وانعقد بشكل استثنائي مكتب برلمان الجزائر (مكون من 9 نواب للرئيس) لتثبيت شغور منصب رئيس المجلس وتكليف نائبه الأول عبدالرزاق تريش بإدارة شؤونه لمدة 15 يوما.
وذكر بيان عن مكتب البرلمان الجزائري، حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، أنه "طبقاً للمادة 18 من النظام الداخلي، عقد مكتب المجلس الشعبي الوطني اجتماعاً برئاسة نائب رئيس المجلس محمد موساوجة الذي كلفه معاذ بوشارب بتبليغ استقالته للمكتب".
نجاح للحراك وحل للأزمة
وبهذه الاستقالة يكون بوشارب "الباء الثانية" يكون الحراك الشعبي تمكن من إسقاطه، فضلاً عن نجاحه في تحقيق سادس مطلب جماهيري منذ بداية الاحتجاجات.
وكان بوشارب من أبرز الوجوه التي طالب الحراك الشعبي بالجزائر في أسابيعه الأولى برحيله، ويتهمونه مع بقية شركائه فيما كان يعرف بـ"التحالف الرئاسي" بكونه "مهندس وعراب ولاية بوتفليقة الخامسة".
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية"، كشف فؤاد سبوتة النائب في البرلمان والقيادي في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم بالجزائر عن "آخر محاولات معاذ بوشارب للتمسك بمنصبه".
وكشف النائب في مجلس الأمة الجزائري "أن نواب المجلس تقدموا بطلب لرئيسه المؤقت صالح قوجيل بأن يُبلغ معاذ بوشارب بصفة رسمية العدول عن المجيء إلى مقر مجلس الأمة حتى يرفع الحرج عن أعضائه".
وأضاف أن "محاولات معاذ بوشارب للبحث عن وساطة بينه وبين رئيس الدولة عبدالقادر بن صالح باءت بالفشل، وعندما فشلت الوساطة اقتنع أخيراً بضرورة انسحابه والاستقالة وهذا ما حدث".
واعتبر سبوتة أن "قرار استقالة بوشارب كان من المفترض أن يُتخذ قبل هذه المدة حتى لا تتطور الأمور إلى ما وصلت إليه، وذهابه كان ضرورياً على الأقل من أجل استقرار البرلمان وخلق حالة من الانضباط داخل الحزب، خاصة بعد قرار نواب الحزب الحاكم لذهاب بوشارب واختيار رئيس جديد".
وأضاف "الأكثر من هذا أن تشكيلات سياسية أخرى انضمت إلى المطالبين برحيل بوشارب وهي التجمع الوطني الديمقراطي وتجمع أمل الجزائر والجبهة الشعبية الوطنية وكتلة الأحرار".
واعتبر سبوتة "أن استقالة بوشارب تمثل انتصاراً جديداً للحراك الشعبي، خاصة أن رحيله كان من أبرز مطالب المتظاهرين منذ الجمعة الثانية".
وعن تبعات استقالة رئيس البرلمان على مستقبل الأزمة السياسية في الجزائر التي دخلت شهرها الخامس، يرى سبوتة أنها "من مخرجات الأزمة السياسية، واعتقد أن الشعب الذي خرج في مسيرات منذ 22 فبراير سيتنفس قليلاً وهو يرى أن بوادر الحلول أصبحت الآن أقرب منها إلى الانفراج".
تحرر البرلمان
ومن جانبه، قلل المحلل السياسي الدكتور بوزيد بومدين، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، من أهمية استقالة معاذ بوشارب على مستقبل الأزمة السياسية واستمرار الحراك الشعبي في الجزائر.
وقال إن "الاستقالة كانت متوقعة منذ تغيير الأمين العام لحزب جبهة التحرير (الحزب الحاكم) بعد انتخاب محمد جميعي"، مشيراً إلى أنه: "كان واضحاً أن القوى المتصارعة في الحزب ستنتصر لجميعي ضد بوشارب، إضافة إلى أن العوامل السياسية لم تكن مساندة لبقاء بوشارب في منصبه، كما ارتبط اسمه بالجماعة الموجودة حالياً في السجن".
وأكد الأكاديمي والباحث الجزائري أن "استقالة بوشارب ستسهم في حلحلة الأزمة السياسية في الجزائر بعد رحيل أحد "الباءات" التي يطالب المتظاهرون بإسقاطها، وسيكون لها أثر على القرارات التي يمكن أن تتخذها السلطات الجزائرية في الأيام المقبلة".
وعن تداعيات استقالة رئيس البرلمان الجزائري على واقع الأزمة السياسية، قال "لا أعتقد أنها ستؤثر كثيراً، ربما ستحدث انسجاماً داخل كتلة حزب جبهة التحرير في البرلمان، ويمكن للبرلمان أن يتحرك بشكل آلي".
واستدرك: "لكن دور البرلمان من حيث أنه قوة تشريعية سيبقى منتهى كما أنه لا يعول عليه كثيراً، ولا أتصور أن كثيراً من القوانين ستمر داخل هذا البرلمان لأن بداية الدورة المقبلة قد تتزامن مع موعد الانتخابات الرئاسية، وأعتقد أن القوانين المهمة ستصدر بأوامر رئاسية من الرئاسة الجزائرية".
وأوضح الدكتور بوزيد بومدين أنه "الحراك الشعبي لم يعد يلتفت إلى باءة البرلمان، فهو يركز على "باءتين فقط" وهما رئيس الدولة عبدالقادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي".
وأضاف:" أعتقد أن التأثير على الحراك يتوقف على قرارات جديدة، وماذا سيسفر عنه اجتماع المعارضة السبت المقبل، وفي رأيي إذا ذهب بدوي وبقي بن صالح من خلال تنازل متبادل".
ومع ذلك وصف الأكاديمي الجزائري استقالة بوشارب بـ"الإنجاز الكبير لشخصية استفزت الجزائريين بتصريحات غير مسؤولة سخر فيها من الشعب ومن الحراك، وكما دخل من البرلمان ببداية مأساوية خرج بالنهاية نفسها".