"السمعة السيئة" تطارد قطر وتحرمها من استثمارات بريطانية
حجم العمالة في قطر يبلغ مليوني عامل، من بينهم نحو 18500 عامل أجنبي حاليا في مشاريع بناء ملاعب كأس العالم وعشرات الآلاف في مشاريع أخرى
ظروف عمل شاقة وأجور متوقفة وعقود إذعان، إنها ليست مشاهد في القرون الوسطى تجسد نماذج العمل بالسخرة والعبودية، ولكنها صور من الواقع المرير الذي يعيشه ما يزيد على 28 ألف عامل أجنبي في قطر.
هذه الوقائع المخزية دفعت السلطات البريطانية إلى سحب استثمارات بقيمة 6 ملايين جنيه إسترليني من قطر بسبب "السمعة السيئة".
وكعادتها تنفق الدوحة الأموال فيما يخدم رغباتها فقط، دون النظر إلى المسار السليم والشرعي أو حقوق آلاف العمال المنتهكة رغم التحذيرات الدولية المتكررة من قبل منظمات حقوق الإنسان في العالم، لذلك فشلت الدوحة في دعايتها الإعلامية الواسعة وحملات العلاقات العامة التي صرفت عليها بشكل سخي في تقديم نفسها للمجتمع الدولي كدولة سليمة من انتهاكات حقوق الإنسان.
وقررت مفوضة الشرطة والجريمة في مقاطعة ساسيكس البريطانية كيتي بورن سحب استثمار بقيمة 6 ملايين جنيه إسترليني من قطر بعد انتقادات من لجنة مستقلة لتدقيق الحسابات هذا الاستثمار، بسبب المخاوف بشأن انتهاك حقوق الإنسان.
وقالت مفوضة الشرطة إنها تقاسمت المخاوف مع آخرين بشأن الوضعية الحقوقية في قطر، مشيرة إلى أنها أمرت بسحب الاستثمارات وطلبت مراجعة شاملة لكل المحفظة الاستثمارية البريطانية في الدولة الخليجية.
وقال مايك هيب عضو لجنة التدقيق، إن "إقراض المال لقطر يبدو متناقضا مع كل شيء نقوله عن المساواة والتعددية وكيفية ممارستنا لعملنا"، في انتقاد واضح للاستثمارات البريطانية في قطر بسبب سجلها الحقوقي السيئ.
واستثمرت السلطات البريطانية مبلغ 20 مليون جنيه إسترليني (نحو 25 مليون دولار) في قطر خلال العام 2019.
وتفيد تقارير بأن مبلغ الـ6 ملايين جنيه إسترليني، التي سحبت تمثل أكثر من نصف استثمارات مفوضة الشرطة والجريمة والبالغة 11.4 مليون جنيه اعتبارا من مارس/آذار الماضي. وكان حجم الاستثمارات الإجمالي 46.5 مليون جنيه في العام الذي سبق ذلك، ذهب أقل من نصفه بقليل إلى قطر.
المنظمات الدولية تطارد قطر
نشرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريرا لها في أغسطس/آب الماضي، يقول إنه وبعد مرور 10 سنوات على فوز قطر باستضافة كأس العالم 2022، لا يزال العمال الأجانب هناك يعانون من تأخير دفع الأجور بشكل كبير، أو سدادها بخصومات أو عدم السداد في أوقات أخرى.
وتضيف المؤسسة الحقوقية الدولية: "علمنا بعمال في المونديال يعانون من الجوع بسبب تأخير الأجور المستحقة لهم منذ شهور.. وهناك عمال مثقلين بالديون إذ يكدون لساعات طويلة بالعمل للحصول في النهاية على أجور ناقصة".
قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة للعنصرية "تينداي أتشيوم" في تقرير نشر في يوليو/تموز الماضي، إن هناك مخاوف خطيرة بشأن التمييز العنصري الهيكلي ضد غير المواطنين في قطر التي ستستضيف كأس العالم في 2022.
وذكرت صحيفة "ذي جارديان" في تعليقها، أن التقرير يتميز بلغته التي لا هوادة فيها" حيث تحدث عن اعتماد قطر لـ"نظام الطبقات الفعلية القائم على الأصل القومي"، وهو ما أسفر عن تمتع العمال من الدول العربية وأوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا بحماية حقوق الإنسان أكثر من العمال القادمين من دول جنوب آسيا ومن أفريقيا جنوب الصحراء".
ويقدر التقرير أن عدد العمال الأجانب في قطر يبلغ حولي المليونين؛ ويكشف أن الغالبية العظمى من العمال الذين يحصلون على أجور منخفضة هم من جنوب آسيا وشرق وغرب أفريقيا.
ويعمل ما يقارب 18500 عامل أجنبي حاليا في قطر في مشاريع بناء ملاعب كأس العالم، فيما عشرات الآلاف الآخرين يعملون في مشاريع مرتبطة باستضافة البلاد لكأس العالم مثل قطاعات البناء والضيافة والأمن.
ويزيد ذكر التقرير الأممي لمصطلح "الفرار" وعلاقة العامل الأجنبي بصاحب عمله القطري، الانتقادات الموجهة لنظام الكفالة في البلاد والدعوات المتنامية لضرورة إدخال إصلاحات عليه.
وفي مايو/آيار الماضي، نشرت ميرور البريطانية تقرير يقول إن أكثر من 28 ألف عامل أجنبي من الذين يعملون في بناء الملاعب الجديدة والبنى التحتية في الدوحة يبلغ أجر العامل منهم ما يعادل 82 بنسا فقط في الساعة، وهذا المبلغ الزهيد هو الحد الأدنى لأجور بقيمة 750 ريالا (158 جنيها إسترلينيا) في الشهر عن عمل 48 ساعة في الأسبوع.
وفي أبريل/نيسان الماضي، أكدت منظمة العفو الدولية أنها علمت إقدام السلطات القطرية على اعتقال المئات من العمالة الوافدة، بعد إبلاغهم بأنه سيجري فحصهم للكشف عن الإصابة بفيروس كوفيد-19.
وقال ستيف كوكبيرن، نائب مدير برنامج القضايا العالمية في منظمة العفو الدولية، "بعد التحدث مع 20 رجلاً من نيبال اعتقلتهم الشرطة القطرية، إلى جانب مئات آخرين، إنه "لم يلتق أيا من الرجال الذين تواصلنا معهم أي تفسير لسبب معاملتهم بهذه الطريقة، ولم يتمكنوا من الطعن في عملية احتجازهم أو طردهم".
وبعد قضاء أيام في ظروف احتجاز غير إنسانية، لم يُمنح الكثيرون حتى الفرصة لجمع أمتعتهم قبل وضعهم على متن الطائرات إلى نيبال".
وأضاف، "ومما يثير القلق أن السلطات القطرية يبدو أنها استخدمت الوباء كغطاء لارتكاب المزيد من الانتهاكات ضد العمال الأجانب، الذين يشعر الكثير منهم بأن الشرطة ضللتهم بقولها إن "سيتم فحصهم". فوباء كوفيد-19 ليس ذريعة لاعتقال الناس.