ما قصده القرضاوي إزالة ركن من أركان الإسلام؛ من أجل مصالح فئوية، ولتمرير أهواء قطرية، بعيداً عن المعاني السامية لشعائر الحج المقدسة.
إشكالية كبيرة عطلت دور الأمة الإسلامية وشوهت مرتكزات الشريعة ومقاصدها، وبخاصة حين ينطلق بعض الذين يعتبرون أنفسهم أوصياء على الدين وفقهاء أمام المسلمين لكن تأتي تفسيراتهم وفتاواهم للعديد من المسائل الفقهية متناقضة ومشوهة لروح الإسلام، والمطلوب تطوير منهج الاجتهاد والتدقيق في هذه الفتاوى المشبوهة والتي لا يمكن الأخذ بها ولا يصح أن يطلق عليها حكم فقهاء.
فتاوى القرضاوي سياسية مغلفة دائماً بحجاب الدين؛ لكسب عواطف البسطاء، فهو شيخ للتنظيم الإخواني وليس لعامة المسلمين، فالدعوة الصحيحة من أجل الإسلام تكون خالصة لوجه الله حين يُجمع عليها الأئمة والهيئات الشرعية، وتلقى قبولاً واضحاً ونهجاً قويماً واتّباعاً للشريعة الإسلامية
الاتجاهات المعمول بها لدى هؤلاء الذين ينساقون خلف الشهرة والمال والتلاعب بمصائر الآخرين، تتمحور نحو الإساءة للمسلمين ونحو تسطيح عقولهم، والمطلوب إنقاذ الفكر الإسلامي، ونحن بحاجة إلى غربلة هذه الفتاوى التي تصدر عن الذين يدَّعون تبحرهم في الأصول الفقهية ومقاصد الشريعة الإسلامية، لذلك ينبغي خلق منظومة فقهية صحيحة، وأن تؤخذ من الكليات الإسلامية.
نريد فتاوى لإحياء الأمة "ومن لم يهتم بأمر المسلمين ليس منهم"، فهناك المئات من الفتاوى التي صدرت في السنوات الماضية على امتداد بقاع المسلمين من شيوخ لا يهمهم الإسلام بشيء بل غايتهم تشويه الدين الحنيف، وبالأمس طالعتنا فتوى من شيخ الإسلام القرضاوي تسيء إلى الركن الخامس من أركان الإسلام ألا وهي ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أثارت جدلاً واسعاً، حيث قال القرضاوي: إن هذا الحج ليس لله تعالى حاجة فيه، الله غني عن العباد وإذا فرض عليهم فرائض فإنما ذلك ليزكوا أنفسهم وليرتقوا في معارج الرقي الروحي والنفسي والأخلاقي إلى ربهم، وليتحقق لهم المنافع المختلفة في حياتهم".
ما قصده القرضاوي إزالة ركن من أركان الإسلام؛ من أجل مصالح فئوية ولتمرير أهواء قطرية بعيداً عن المعاني السامية لشعائر الحج المقدسة، وبالتالي مطالبته بتسييس موسم الحج وهذا مطلب سبق وأن طرحته قطر عبر هيئات زعمت أنها دولية لتشكيل لجان للإشراف على الحج، إلا أنه لم يلق بالاً، بل عارضت عملية التسييس هيئات ومجاميع ومنظمات إسلامية.
وفي تغريدة ثانية أطلقها مفتي المال والسلطة للتخفيف من وقع فتواه في ركن من أركان الإسلام قال: "يريد الإسلام أن تكون رحلة الحج رحلة سلام وتسامح لا رحلة شجار ولا جدال في كل صغيرة وكبيرة حتى يستريح الناس ويتفرغوا لعبادة الله تعالى مخلصين له الدين حنفاء".
فتاواه لصد الناس عن الحج ولإرضاء شيوخ قطر، ولإحداث فتنة وتمرير أكذوبات وتلفيقات حول الحجاج القطريين، وقد أدى هؤلاء مناسك الحج بأمن وأمان وسلام دون أن يتعرضوا لأية مشاكل في الديار المقدسة، فإذا كان مفتي المال والسلطة يعتبر أن الإسلام يريد أن تكون رحلة الحج رحلة سلام وتسامح لا رحلة شجار وجدال، فكيف يرضى لنفسه أن يكون محرِّضاً وداعياً إلى الفتن في ربوع البلاد العربية والديار الإسلامية؟ وهو الذي دعا إلى قتل القذافي وأفتى بذلك علناً ودون وازع ضمير أو أخلاق، وقبل دعوته للقتل زار القرضاوي ليبيا واجتمع مع القذافي وصرح أمام جمهرة من الليبيين وعدد من المسؤولين بكلمات مادحاً الزعيم القذافي معتبراً إياه سيف الحق فقال عبارته المعروفة: إن القذافي سيف الله في الأرض، وبالفعل قتل القذافي على أيدي مجموعات مسلحة مدعومة من الدوحة.
وما قاله القرضاوي سابقا: لو أن الله عرض نفسه على الناس لن يحصل على نسبة 99 بالمائة"، وهنا التطاول على الذات الإلهية وتبرير القتل وسفك دماء الأبرياء، والفتوى التي أصدرها لا يمكن أن تصدر عن إعلام حر، وهي بالأساس تصدر عن شخص يحرض على القتل ومقيم في دولة يتدخل في بث برامج قناة الجزيرة التي تقدم مواضيع ولقاءات تحريضية وبإشرافه، فحرية الإعلام إنما تتم في التناول للعديد من القضايا السياسية والاجتماعية.. تحليلاً موضوعياً بعيداً عن سياسة التحريض أو توجيه سياسات متناقضة وملتوية، فالإعلام الحر هو الإعلام الموضوعي لا يشارك في التحريض على خلق الأباطيل وزرع الفتن والمشاكل بطرق ملتوية وملفقة.
وأفتى القرضاوي كذلك بقتل وذبح الجنود المصريين في سيناء، وفتاواه أباحت قتل المسلم لأخيه المسلم في العراق وسوريا، وأجاز تفجير النفس والعمليات الانتحارية وفقاً لأمر الجماعة،كما أن هناك فتاوى تسببت في إحداث الكثير من البلبلة في المنطقة العربية، ولعل أبرزها فتوى أباح من خلالها تنفيذ الشخص عمليات انتحارية إذا كان قرار جماعته هو تنفيذ هذا الأمر، واعتبرها من الواجبات بل من الجهاد، وتلك الفتوى تسببت في إحداث عمليات إرهابية واسعة، وكانت سنداً للتنظيمات الإرهابية، على غرار القاعدة وداعش، في تنفيذ عملياتها الكبرى في سوريا والعراق ومصر.
ويستغل الدين في العمل السياسي من خلال شعارات وقتية بهدف الوصول للسلطة والمال والإعلام، ومن أجل هذا الهدف قام بإنشاء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لإخفاء اسم الإخوان، وهذا الاتحاد مسجل في بريطانيا للتمويه وهو اتحاد سياسي وليس دينياً بأي حال، جل أعضائه من تنظيم الإخوان المسلمين من مختلف الدول العربية والإسلامية وهو بمثابة تغطية للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وينطلق في تنفيذ برنامج هذا الاتحاد من دولة قطر ويكاد يحتكر أهم منبر إعلامي فيها وهو قناة الجزيرة بإرسال الإشارات التنظيمية لأعضاء هذا الاتحاد المنتشرين في الدول المستهدفة.
مسألة القرضاوي وقناة الجزيرة أصبحت واضحة، والتحرك يتمحور ضمن إطار تنظيم عالمي مترابط ومتواصل إعلامياً بهدف اكتساب مهارة رفيعة ومكانة عظيمة في صناعات التلفيق والتزوير والتزييف، وأيضاً؛ بهدف خلق واقع سلطوي قوي للجماعة، والمساهمة بكل التغييرات التي تستهدف المنطقة، وليس القرضاوي في عمله مخلصا لوجه الله وكذلك فتاواه، فمعيارها الكيل بمكيالين وذلك ما يضعف المفتي أمام جمهور المسلمين، ولأن فتاوى القرضاوي سياسية مغلفة دائماً بحجاب الدين لكسب عواطف البسطاء، فهو شيخ للتنظيم الإخواني وليس لعامة المسلمين، فالدعوة الصحيحة من أجل الإسلام تكون خالصة لوجه الله حين يُجمع عليها الأئمة والهيئات الشرعية وتلقى قبولاً واضحاً ونهجاً قويماً واتّباعاً للشريعة الإسلامية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة