بالصور.. شقيقان من غزة هزما البطالة بالزراعة المائية
الشقيقان قالا في رسالة لشباب غزة "إن كل إنسان من موقعه لا بد أن يكون شخصا منتجا، وأن يتحدى الواقع الصعب مهما بلغت صعوبته"
استطاع الشقيقان المهندسان الزراعيان عازم وصفية أبو دقة في قطاع غزة التغلب على البطالة المستشرية بين صفوف الخريجين، بتنفيذ مبادرة تعتمد على الزراعة باستخدام أنابيب مائية لا تحتاج إلى تربة.
ويقول عازم أبو دقة ( 28) سنة: "بعد التخرج في كلية الزراعة، فكرت مع شقيقتي في تطبيق ما درسناه عن الزراعة المائية، وركزنا عليها لعدة اعتبارات منها لكثافة ملوحة المياه وندرتها، وقلوية التربة في غزة، وأردنا أن نفتح مجالاً جديداً في الزراعة، وإجراء أبحاث ودراسات عليها، لتطويرها فيما بعد، فكانت الفكرة مشجعة، خاصة أننا لم نجد عملاً بعد التخرج رغم سعينا إلى ذلك، فقررنا أن نخوض تجربة الزراعة المائية، وباشرنا فور تجهيز الحمام الزراعي مباشرة، ووضعنا نظاما آليا للري، وكانت النتائج الأولية بعد 4 أشهر من بدء المشروع مرضية إلى حد ما، ووقفنا على كثير من الملاحظات التي ساعدتنا في تجاوز الأخطاء".
ويوضح عازم أبو دقة لـ"العين الإخبارية" أن "مشروع الزراعة المائية يعتبر صديقاً للبيئة، ولا يستخدم فيه الفأس والأدوات الزراعية التقليدية ولا يحتاج إلى حراثة، ولا فتح ممرات ترابية، ويعني توفير كل هذه الوسائل تقليل تكاليف المحاصيل الزراعية، ووجدنا مساعدة من جمعية إنقاذ المستقبل الشبابي بالشراكة مع مؤسسة إنقاذ الطفل الدولية وتمويل التعاون الألماني BMZ لدراسة كيفية تعزيز التكيف واستعادة الإنتاجية الزراعية، واستخدام تقنيات صديقة للبيئة في قطاع غزة، واستثمار التكنولوجيا الخضراء، ولهذا قدمنا خطة عمل لمشروع صغير يخدم البيئة، ويفتح باباً للرزق للأفراد المساهمين، وأنا من الذين تم دعم مشروعهم في هذا المجال، وقد أعطيت نتائج جيدة جداً حسب شهادات الجهات الراعية".
وتوضح صفية أبودقة العقبات التي واجهها مشروعهم في البداية: "بغض النظر عن العقبات الصغيرة، كإيجاد مساحة معقولة للزراعة، وتوفير أثمان الأسمدة والأدوية، واستخراج المياه من جوف الأرض، إلا أن العقبة الأكبر كانت أمامنا في كيفية تركيب النظام الكامل للمشروع في الحمام الزراعي، واضطررنا إلى طريقة التجريب، حتى توصلنا إلى أفضل طريقة لتركيب النظام، كما أن طريقة وضع المحاليل المغذية للنباتات كانت عقبة أمامنا، نظراً لعدم توفر العناصر اللازمة لتركيب المحاليل، واضطررنا إلى استعمال البدائل لها، وهذا سببه الحصار المفروض على قطاع غزة، فليس كل ما هو مطلوب للمشاريع الصغيرة متوفر في القطاع".
وتضيف لـ"العين الإخبارية": "كان تشجيعنا لبعضنا البعض بحكم أن التخصص واحد، سبباً قوياً لإخراج المشروع إلى النور، ووضعه موضع التنفيذ، ومتابعته أولاً بأول، حتى اقتنع من حولنا بأننا نخوض تجربة ناجحة، فصار التشجيع جماعيا، خاصة أن الزراعة المائية تعمل على تقليل المساحة المقرر زراعتها بإنتاجية أفضل وكميات أكثر، فمساحة 200 متر مزروعة مائياً تعادل مساحة زراعة طبيعية 1000 متر، بالإضافة أن الزراعة المائية توفر 90% من مياه الري المستخدم في ري الزراعة الأرضية، بحكم أن مياه الري في المشتل الزراعي يتم استرجاعها للري مرة أخرى عند الحاجة، وطريقة الزراعة المائية توفر كثيراً في استهلاك الأسمدة والأدوية الزراعية التي يصل معدل التوفير فيها إلى 80% عن استهلاكها في الزراعة الأرضية، لذلك نجد أنه من المجدي أن نواصل فكرتنا وتطويرنا إلى أن تقتنع الجهات الرسمية لدعم مثل هذه المشاريع".
ووجه الشقيقان رسالة لشباب غزة بأن كل إنسان من موقعه لا بد أن يكون شخصا منتجا، وأن يتحدى الواقع الصعب مهما بلغت صعوبته، فالقدرة المزروعة في الإنسان تحتاج إلى من يكتشفها لتواجه التحديات، ومن تجربتنا الصغيرة نقول إن المحاصيل التي حصلنا عليها بعد تعب ومتابعة للزراعة المائية، أعطتنا الدافع الأقوى لكي نواصل طريقنا في الوطن، وأن نزرعه بالماء حتى ولو تملحت مياهه، فأغلى ما يمتلكه المرء في حياته يكمن في طموحه وإرادته، والتفكير في الهجرة تحت وطأة الظروف استسلام متعجل.