بوركينا فاسو تتحصن من الإرهاب بجدار "التعبئة العامة"
بعد أن تم تصنيفها أكثر بلد أفريقي تضررا من الإرهاب وثاني بلد عالميا بعد أفغانستان، لم يعد أمام السلطات في بوركينا فاسو سوى إعلان "التعبئة العامة" لمواجهة الهجمات الإرهابية التي تضرب البلاد.
فبوركينا فاسو، التي يحكمها مجلس عسكري انتقالي برئاسة الكابتن إبراهيم تراوري، بعد أن شهدت انقلابين عسكريين عام 2022، غارقة منذ 2015 في دوامة من الأعمال الإرهابية التي ظهرت في مالي والنيجر قبل سنوات وانتشر خارج حدودهما.
وبحسب تقرير صادر عن معهد الاقتصاد والسلام، فإن بوركينا فاسو سجلت العام الماضي 310 هجمات مسلحة، أسفرت عن مقتل 1135 شخصا، وجرح 496 آخرين، بزيادة 50% مقارنة بعام 2021.
وقررت السلطات الانتقالية في بوركينا فاسو، الخميس، إعلان بـ"التعبئة العامة" بغية إعطاء الدولة كل الوسائل اللازمة لمواجهة الهجمات الجهادية التي تشهدها البلاد.
وأوضح بيان للرئاسة نشر عقب اجتماع لمجلس الوزراء أن "المرسوم يتعلّق خصوصا بإعطاء إطار قانوني لكل التدابير التي يتعين اتّخاذها للتعامل مع الوضع الذي تشهده بوركينا فاسو".
ولم يوضح البيان تفاصيل الإطار المحدد لهذه التعبئة.
وزير الدفاع وقدامى المحاربين الكولونيل قاسم كوليبالي قال "إزاء الوضع الأمني الذي تشهده بوركينا فاسو، يرتكز خلاص الأمة على الاندفاع الوطني لجميع البنات والأبناء من أجل إيجاد حل".
مصدر أمني يوضح
ونقلت وكالة فرانس برس عن مصدر أمني توضيحه أن "التعبئة العامة تتيح تطبيق بعض التدابير الدفاعية على كل الأراضي، وهي تستدعي فرض حال الطوارئ في المناطق المعنية".
وأعلنت السلطات حال تأهب تخوّل، بحسب المصدر الأمني، رئيس الدولة فرض مجموعة تدابير تهدف إلى ضمان حرية عمل الحكومة وضمان أمن عمليات التعبئة وعمل القوات المسلّحة".
وينص قانون الدفاع الوطني على أنه "في حال تهدد خطر ما الأمن ووحدة الأراضي أو أمن المؤسسات والمجتمعات" يمكن لرئيس الدولة فرض حال الطوارئ أو التعبئة العامة على كل التراب الوطني أو جزء منه.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لجأت سلطات بوركينا فاسو إلى سلاح التجنيد لضم 3000 عنصر إضافي إلى جيشها لمواجهة العمليات الإرهابية، المتزايدة في البلاد.
وسبق هذه الحملة، أخرى مشابهة لها في أبريل/نيسان الماضي واستهدفت تجنيد نفس العدد لصفوف الجيش البالغ تعداده نحو 30 ألف جندي.
وينفذ عناصر إرهابية من تنظيمي داعش والقاعدة هجمات مستمرة تستهدف قوات الجيش والشرطة، نتيجة أن مناطق واسعة في الشمال والشرق أصبحت غير خاضعة لسيطرة الدولة منذ 2018.
ورغم أن الكابتن إبراهيم تراوري عندما السلطة إثر انقلاب في سبتمبر/ أيلول 2022، برر عزله لسلفه اللفتانت كولونيل بول هنري سانداوغو داميبا بفشله في مكافحة الإرهاب، إلا أن العمليات الإرهابية لم تتوقف.
والأسبوع الماضي قُتل 44 مدنيا في هجوم على قريتين في شمال شرق بوركينا فاسو قرب حدود النيجر.
قطيعة مع فرنسا
وفي فبراير/شباط الماضي أنهت بوركينا فاسو رسميا عمليات قوة "سابر" الفرنسية على أراضيها، بعد أن أمهلت باريس شهرا لمغادرة قواتها العاملة في البلاد.
وجاء القرار بعد نحو 3 أسابيع من تنديد الحكومة الانتقالية باتفاقات الدفاع التي تربط البلدين، وذلك على وقع استمرار العمليات الإرهابية في البلا، حيث كانت مكافحة الإرهاب كانت إحدى المهام الرئيسية لقوة "سابر" في بوركينا فاسو.
8 سنوات من المعاناة مع الإرهاب
ومنذ 2015 خلفت العمليات الإرهابية آلاف القتلى والجرحى وأجبرت نحو مليوني شخص على النزوح من منازلهم، وأصبح أكثر من 40 % من أراضي البلاد خارج سيطرة الدولة، وخاصة المناطق الحدودية مع مالي والنيجر.
وتتزامن الأعمال الإرهابية مع أزمة اقتصادية طاحنة تمر بها البلاد.
وشكلت السلطات البوركينية منذ عام 2020 "قوات المتطوعين من أجل الدفاع عن الوطن"، التي ضمت مجندين يتم تدريبهم لمدة أسبوعين قبل تسليمهم الأسلحة والعتاد للمشاركة في مكافحة الإرهاب.
وبحسب المحللين، فإن حالة عدم الاستقرار السياسي في بوركينا فاسو قد تؤدي إلى زيادة الاضطراب، الذي أحدثه انعدام الأمن المتفشي في أغلب أنحاء البلاد.
وبدأت أعمال العنف في مالي، الجارة الشمالية لبوركينا فاسو في عام 2012، قبل أن تمتد إلى بقية منطقة الساحل جنوب الصحراء الكبرى.
وأودت أعمال العنف في بوركينا فاسو بأكثر من 10 آلاف شخص خلال السنوات السبع الماضية من مدنيين وعسكريين، وفقا لمنظمات غير حكومية وأدت إلى نزوح مليوني شخص.
aXA6IDE4LjIyNC43My4xNTcg جزيرة ام اند امز