حرق وتهجير.. شهادات حية ترصد مجازر الحوثي ضد المهاجرين
حرق وتهجير وانتهاكات جديدة تضاف لسجل مليشيا الحوثي الانقلابية في اليمن.
انتهاكات كشفتها اعتصامات للمهاجرين الأفارقة للمرة الثانية أمام مقر الأمم المتحدة للمطالبة بالتحقيق بحرق مليشيا الحوثي لذويهم.
ووصل المهاجرون وغالبيتهم من قومية الأورومو قبل أيام إلى عدن بعد أن فضت مليشيا الحوثي بالسلاح والآليات اعتصامهم الأول أمام مفوضية الأمم المتحدة شؤون اللاجئين بصنعاء ورحلتهم قسرا إثر احتجاجهم على إحراق ذويهم في الجريمة المروعة في 7 مارس/آذار الماضي.
وودع المهاجرون صنعاء للمرة الأخيرة وهم مكدسون فوق بعض على متن شاحنات كانت تستخدم لنقل المواشي تاركين خلفهم قصصا مؤلمة ومقابر جماعية دفن بها الحوثيون جثث ذويهم من ضحايا الحريق الوحشي.
ومارست المليشيات الحوثية مع المعتصمين بصنعاء أساليب وحشية لا تقل بشاعةً عن تلك التي استخدمتها مع المحتجزين الذين قتلتهم حرقا، وفقا لشهادات منفصلة للمهاجرين المرحلين الذين شرعوا في اعتصام جديد أمام مقر الأمم المتحدة في عدن.
"العين الإخبارية" رصدت موقع اعتصام المهاجرين في عدن، أمام مكتب الأمم المتحدة بمديرية خورمكسر، واستمعت منهم إلى تفاصيل الترحيل الحوثي القسري للمئات منهم، وكيف وصلوا إلى عدن في ظروف أقل ما توصف أنها "وحشية".
وبمجرد نظرة أولى، لا تخطئ الأعين افتراش المهاجرين الأرض، بعد أن سلبهم الحوثيون كل ما يملكون، وأطلقوهم نحو المجهول.
حيث يؤكد المهاجرون أن الحوثيين نهبوا مستلزماتهم وحاجياتهم، ولم يرغموهم على مغادرة باحة الاعتصام أمام مفوضية اللاجئين بصنعاء وحسب، بل ومغادرة صنعاء برمتها دون أن ينتصر العالم لهم أو لضحايا الحريق الذين يحتجون من أجلهم.
ووقعت جريمة صنعاء في 7 مارس/آذار الماضي عندما اشتعل حريق مروع في سجن للمهاجرين خلف أكثر من 400 إثيوبي بين قتيل وجريح، وسعت المليشيا الحوثية لطمس أدلة الجريمة ودفن الضحايا وهو ما يطالب به ذووهم من "تحقيق دولي عادل" يفند كل شيء وينتصر لمأساتهم.
مأساة الترحيل
كان الترحيل مأساويًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وذلك وفق الشهادات التي تحدث بها المرحلون.
ويروي المهاجرون: "إنهم لجأوا إلى مفوضية الأمم المتحدة، للاعتصام بصنعاء؛ بهدف الضغط للتحقيق الدولي في مقتل وإحراق المئات من ذويهم في مستودع سجن الهجرة والجوازات التابع للمليشيات".
غير أن مليشيا الحوثي باغتت المعتصمين بالمسلحين والآليات وطوقوا موقع الاعتصام، قبل أن يقتحموه مطلقين الرصاص الحي بشكل عشوائي، ويعتقلوا كل من كان متواجدًا في المكان، دون تفريق بين الأطفال أو النساء.
ويضيفون لـ "العين الإخبارية": "كان الحوثيون يرغمون الجميع على صعود شاحنات أعدت مسبقًا، ومن يرفض يهاجموه بأعقاب البنادق، ويطلقون النار تجاهه، أو يقومون بسحله وسحبه بالقوة".
"لا يفرقون في أساليبهم هذه بين الرجال أو النساء، كما لم يعتقوا حتى الحوامل والأطفال الفئات الأشد ضعفًا، فكانوا يسحبونهم على الأرض سحباً"، على حد وصف المهاجرين.
وكان من بين المتواجدين في الاعتصام نساء لاجئات تركنّ أطفالهنّ في المنازل، وجئن لمشاركة ورؤية زملائهن في الاعتصام، ولم يكنَّ من ضمن المعتصمين أصلاً.
غير أن الحوثيين لم يفرقوا بين أحد، ولم يلتفتوا لاستغاثات الأمهات، وهن يتوسلن الرجوع إلى منازلهنّ وجلب صغارهنّ، الذين باتوا بلا معيل أو من يهتم بأمرهم أو يرعاهم.
وقالت إحدى الأمهات لـ"العين الإخبارية": "توسلت مسلحي الحوثي بمرافقتي للمنازل لإحضار أطفالي وترحليهم معي، بدل أن يُتركوا وحدهم للموت، لكنهم رفضوا وهجرونا مكرهين بقوة السلاح".
تنفس الحياة بعدن
كان اللاجئون والمهاجرون المرحلين بالمئات، وكانت الشاحنات التي جهزتها المليشيات الحوثية، لنقلهم إلى تخوم محافظة لحج الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا (جنوب)، مزدحمةً للغاية، وفقا لشهاداتهم.
وبعد ساعات من الجلوس على متن ناقلات، وتعامل لا إنساني وغير أخلاقي من قبل قيادات المليشيات والمسؤولين عن عمليات الترحيل، وصل المهاجرون إلى حدود محافظة لحج، في حالة يرثى لها.
وقالوا إنهم" خلال أكثر من 12 ساعة هي مسافة الطريق من صنعاء إلى لحج، لم يذوقوا فيها شربة ماء، عوضًا عن الطعام".
وعند وصولهم إلى بلدة جبلية تفصل بين المناطق غير المحررة وتلك المحررة، أجبرت المليشياتُ الحوثية اللاجئين المهاجرين على النزول، ليكملوا الطريق إلى عدن مشيًا على الأقدام.
خلال مرورهم بالمناطق المحررة أصبح بإمكان المهاجرين الأفارقة الحصول على طعام وشراب، وتنفس الصعداء والحصول على حياة انتهكها الحوثيون بلا رحمة.
كان أهالي المناطق المحررة التي مروا بها على امتداد لحج وعدن(جنوب)، قد سمعوا بما فعله الحوثيون بحق المهاجرين بصنعاء (شمال)، فخرجوا يقدمون لهم العون والمساعدة.
وأشاروا لـ"العين الإخبارية"، إلى أنهم وفور وصولهم إلى عدن، شكلوا ممثلين ومندوبين للحديث باسمهم مع مكتب مفوضية اللاجئين بعدن؛ لوضع حدٍ لمعاناتهم.
وهو ما تم بالفعل من خلال تأكيد المسؤولين في المفوضية بالتهيئة لتسوية أوضاعهم، خلال الأيام القليلة المقبلة.