فكرة "خارج الصندوق".. هل تفلح إضافة القلويات في تقليل حمضية المحيط؟
في محاولة لاستغلال المحيطات وجعلها أكثر قدرة على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون، فكرت مجموعة بحثية في حل خارج الصندوق، يتضمن إضافة القلويات إلى المحيطات بما يخفف من حمضيتها ويعزز قدرتها على ابتلاع الكربون.
يأتي هذا بينما يبحث العلماء عن وسائل في كل شبر على سطح الأرض للتخلص من الغازات الدفيئة، ولأنّ المحيطات بمثابة بالوعات كربونية مثالية تمتص 25% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فكر بعضهم في البحث عن طرق أخرى فعّالة لجعل المحيط يستوعب كمية أكبر من الكربون، بدون التسبب في زيادة درجة الحمضية.
وفي هذا الصدد، جاءت مجموعة بحثية من جامعة كاليفورنيا، بسانتا باربرا في الولايات المتحدة، بطريقة جديدة، وهي إضافة مواد قلوية في المحيط، ما يساعد على معادلة الحمضية، ما يعزز عملية إزالة الكربون؛ فيما يُعرف بـ«تحسين قلوية المحيط» (OAE)، وللتأكد من مدى فعّالية هذه الاستراتيجية، كان عليهم إجراء تجربة على الكائنات الحية التي تعيش في المحيط، واختاروا 2 من أهم العوالق النباتية، ووجدوا أنها كانت محايدة فيما يتعلق بعملية تحسين قلوية المحيط، ونُشرت الدراسة في دورية «ساينس أدفانسيس» (Science Advances) في 14 يوليو / تموز 2023. قبل النظر في آلية تحسين قلوية المحيط، لنتعرف على العوالق النباتية.
العوالق النباتية
ظهرت العوالق النباتية على سطح الأرض قبل ما يزيد عن 2 مليار سنة، وهي معروفة أيضًا باسم الطحالب الدقيقة، وتحتوي على صبغة الكلوروفيل التي تعطي النباتات لونها الأخضر، وتساعدها في عملية البناء الضوئي. وتعيش معظمها طافية على المحيط من أجل ضوء الشمس.
ويعتقد بعض العلماء أنها كانت سببًا رئيسيًا في ظهور أشكال الحياة الأخرى على سطح الأرض؛ فقد كانت كمية الأكسجين الموجودة في الغلاف الجوي وقتها لا تدعم الحياة بالشكل الحالي، وساعدت العوالق النباتية في إطلاق كميات كبيرة من الأكسجين إلى الغلاف الجوي عبر عملية البناء الضوئي.
تحسين قلوية المحيط (OAE)
عند إضافة ثاني أكسيد الكربون للغلاف الجوي، يتسبب هذا في رفع درجة حمضية المحيط، وعند إضافة القلوية إلى المحيط، فهي تعمل كمضاد للحموضة في المحيط؛ إذ تساهم المركبات القلوبة في تغير كيمياء المحيط، وتحول ثاني أكسيد الكربون إلى مواد أخرى، مثل أيونات الكربون أو البيكربونات. ما يساعد المحيط على امتصاص المزيد من ثاني أكسيد الكربون، مع تقليل حموضة المياه. ويُطلق على هذه العملية أيضًا «قلونة المحيطات الاصطناعية». ولفهم مدى تأثير هذه القلوية على الحياة البحرية، راح الباحثون يدرسون تأثيرها على مجموعتين من العوالق النباتية (طحالب)، وهي:
- طحلب يُسمى (Emiliania sp)، وهو نوع من طحالب «كوكوليثوفورس» (Coccolithophores)، وهو منتج للسليكا. والسليكا هي مركب ثاني أكسيد السليكون.
- طحلب يُسمى (Chaetoceros sp)، وهو نوع من طحالب «الدياتومات» (Diatoms)، وهو ينتج كربونات الصوديوم.
تترسب الخلايا الميتة من هذه الطحالب في قاع البحر؛ فتتكون رواسب غنية بالكربونات والسيليكا، والتي تُشكل بعد ذلك صخورًا وأحجار كلسيت في القاع، تعمل هذه الرواسب على عزل الكربون من الغلاف الجوي، وهذا يعني أنه إذا تأثرت هذه العوالق بدرجة القلوية في المياه؛ فقد تكون العواقب وخيمة.
النتيجة النهائية
حسنًا، في الحقيقة، تحصل عملية قلوية المحيط بصورة طبيعية مع توفر بعض المعادن المسببة للقلوية على مدار الزمن الجيولوجي، والتي تستهلك وقتًا يتراوح ما بين عشرات إلى مئات الآلاف من السنين. لكن أراد العلماء تسريع هذه العملية عبر محاكاة، باستخدام مركبات تذوب وتتفاعل بسرعة أكبر.
ولمحاكاة التجربة، أحضروا عينات مياه من قناة سانتا باربرا، وعقموها، ثم وضعوها في ظروف تحاكي الغلاف الجوي الذي يحتوي على 420 جزء في المليون من غاز ثاني أكسيد الكربون. بعد عدة أيام، أحضر الفريق الدياتومات والكوكوليثوفورس التي ربوها في المختبر، وأضافوها إلى المياه، ولاحظوا معدلات نمو الطحالب مرة عند درجة قلوية 3000 ميكرو مول / كيلوجرام، وأخرى عند 5000 ميكرو مول / كيلوجرام.
خلص الباحثون إلى أنّ استجابة العوالق النباتية كانت محايدة لمعالجة القلويات. من جانب آخر، انخفضت كفاءة عملية البناء الضوئي للخلايا قليلًا. لكنها ظلت ضمن المستويات الصحية، ويعتقد مؤلفو الدراسة أنّ هذا الانخفاض كان بسبب قلة توافر بعض المغذيات الدقيقة. ويهدف الباحثون إلى البحث في هذا الأمر.
aXA6IDE4LjE4OC4yMTkuMTMxIA== جزيرة ام اند امز