الإسلام بملامح صينية لمواجهة مخاوف التطرف
الصين تحظر المساجد ذات النمط العربي وتعمل على تحويلها لتبدو كالمعابد الصينية، كما تعمل على إزاحة اللافتات العربية من الشوارع.
تروج الصين لما وصفه البعض بالإسلام ذي الخصائص الصينية، وهي سياسة كان قد قدمها الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2015 لجعل الأديان تتماشى مع الثقافة الصينية والسلطة المطلقة للحزب.
وأفادت تقارير إعلامية بأن السلطات الصينية باتت تحظر المساجد ذات "النمط العربي"، وتطالب بتغيير شكلها لتبدو مثل المعابد الصينية، كما تعمل على إزاحة الديكور الإسلامي واللافتات العربية من الشوارع.
بحسب صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست"، عندما بدأت الحملة في العام الماضي، كان أول ما توجهت إليه السلطات هو إزالة الترجمة العربية على لافتات الشوارع، ثم بدأت السلطات بعد ذلك في إزالة القباب والزخارف من المباني الإسلامية.
وبعد السنة القمرية الجديدة في فبراير/شباط الماضي، تم استبدال معظم الشعارات العربية للأطعمة الحلال خارج المطاعم ومحلات الجزارة بنسخ من الأحرف الصينية.
وفي مارس/أذار، دعا رئيس الرابطة الإسلامية الصينية التي تديرها الدولة، المسلمين الصينيين إلي توخي الحذر مما أطلق عليه "زحف الأسلمة"، منتقداً بعض المساجد التي تسعى إلى تقليد نمط البناء الخارجي للنماذج العربية بصورة عمياء، قائلاً إنه "يجب أن تعكس الطقوس الدينية والثقافة والمباني الخصائص والأسلوب والطريقة الصينية".
وكانت قد عقدت الجمعية الإسلامية الصينية ندوة حول عمارة المساجد في أبريل الماضي، محذرة من اتجاه "التعريب" في العقود الأخيرة.
وجاء في التقرير الختامي للندوة أنه يجب أن تتكيف المساجد مع ظروف البلاد، وأن تعكس الأسلوب الصيني وتنسجم مع الثقافة الصينية، بدلاً من "عبادة الأنماط المعمارية الأجنبية".
ولطالما شددت الحكومة الصينية قبضتها على الممارسة الدينية في البلاد، وسط تزايد المخاوف من ظهور أفكار متطرفة على غرار تنظيم "داعش" أو جماعة الإخوان الإرهابية بين مسلمي الصين، حيث كانت قد حظرت بعض المدن الصينية بث الأذان عبر مكبرات الصوت الخارجية، بدعوى أنه يسبب التلوث الضوضائي، وحل محله جرس كالإنذار، للدعوة إلى الصلاة.
وأمرت السلطات الصينية بعض المحال بإزالة كتب عن الإسلام ونسخ من القرآن الكريم عن الرفوف، كما أُمرت أيضاً بعض المساجد بإلغاء دروس اللغة العربية العامة.
في حين حظرت البلاد على أعضاء الحزب الحاكم من الذهاب إلى المساجد لأداء الصلوات اليومية أو الذهاب لأداء مناسك الحج، حتى بعد تقاعدهم من المنصب، ويقول سكان محليون إن العاملين بالحكومة ممنوعون من ارتداء قبعات بيضاء.
ومن بين الديانات الخمس المعترف بها رسمياً في الصين، الطاوية هي الديانة الأصلية الوحيدة، والبوذية، لكن الحزب يتوخى الحذر من الأديان الأخرى المدرجة على القائمة - كالإسلام والبروتستانتية والكاثوليكية - ويقرنها بالنفوذ الأجنبي أو الانفصال العرقي، الأمر الذي جعل المسلمين يمارسون عبادتهم بطريقة صينية أكثر.
وقال الخبراء إنه بالمقارنة مع الهياكل الخشبية التقليدية، فإن المساجد "على الطراز العربي" المصنوعة من الخرسانة المسلحة أسرع وأرخص بكثير في البناء، ويمكن أن تستوعب المزيد من الناس، مما يزيد من شعبيتها، إلا أن الحكومة الصينية لا تهتم إلا بأن "تبدو صينية" من الخارج.
قال رجل من بين حشد صغير تجمعوا لأداء الصلاة في أحد المساجد: "لا يهم حقاً إذا كان المسجد على الطراز العربي أو الصيني، طالما أنه يُسمح لنا بأداء الصلاة والعبادة".
ولكن بالنسبة للبعض، تمثل قباب المساجد والزخارف العربية جذور الإسلام، فيقول لي جيه، وهو شاب يبلغ من العمر 23 عاماً في مسجد بيغوان في مدينة ينتشوان: "ليس فقط للمساجد ذات الطراز العربي تاريخ طويل، بل هي أيضاً رمز للإسلام بالنسبة لنا نحن كمسلمين".
وقال ديفيد ستروب، الخبير في شؤون مسلمي هوي في جامعة أوكلاهوما الأمريكية: "هناك بالتأكيد شعور بين بعض المسلمين الصينيين بأن الطريقة التي يجب أن تبني بها مسجداً يجب أن تعكس أنماط المساجد التي يتم بناؤها في المملكة العربية السعودية - باعتبارها النسخة الأكثر واقعية، والأدق".
وقال ستروب، نقلاً عن محادثات مع بعض مسلمي الصين خلال بحثه في البلاد "إن المساجد ذات الطراز العربي وسيلة مهمة للتواصل مع العالم الإسلامي الأكبر".
وهذا التواصل هو بالضبط ما يقلق بكين، إذ تخيفها الهجمات الإرهابية في أوروبا وانتشار مسلحي تنظيم داعش من الشرق الأوسط إلى أجزاء أخرى من العالم، ما يجعل الصين تراقب بفارغ الصبر أي إشارة إلى تنامي التطرف بين سكانها البالغ عددهم 23 مليون مسلم - معظمهم من قومية هوى والإويغور المسلمة.
وقال محللون إن الإزالة القسرية للقباب من المساجد يمكن أن تؤدي إلى رد فعل عنيف مثل تلك التي شهدتها حملة بكين لإزالة الصلبان من الكنائس المسيحية في إقليم تشيجيانغ في عام 2014، والتي أثارت إدانة عالمية.