من التأسيس إلى الازدهار.. قصة 38 عاما من العلاقات الدبلوماسية بين الصين والإمارات
بركائز مبنية على التسامح والانفتاح على الثقافات المختلفة وترسيخ الأمن والاستقرار، أسست الإمارات والصين بنيان علاقتهما الدبلوماسية، قبل 38 عامًا.
تلك العلاقات التي ارتكزت على التمسك بمبادئ الاحترام المتبادل والمساواة والمنفعة المتبادلة والتعاون والتفاهم المشترك كأساس للتعامل بين البلدين، ما أثمر الكثير من المكاسب، لتتوج بأن تصبح دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى عربيًا في استقبال الصادرات الصينية والثانية عربيا في الدول المصدرة للصين خلال عام 2021.
وفيما تمحورت علاقات البلدين في مجالات عدة، استلهمت خطها الأساسي من رؤية قيادة دولة الإمارات؛ فالشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، قال عن الصين: "تجمعنا تطلعات وطموحات ورؤى مشتركة للاستثمار في بناء الإنسان، ولمستقبل يسوده الأمان والسلام والاستقرار في المنطقة والعالم (..) الإمارات والصين ماضيتان بخطى طموحة بمسيرة تعاونهما نحو مستقبل واعد".
فيما قال عن علاقات الصين والإمارات –كذلك- الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إن "الدولتين تعملان على نشر الإيجابية وتحقيق السعادة والرخاء للشعبين الصيني والإماراتي".
تلك الرؤية الطموحة والنظرة بعيدة المدى لعلاقات البلدين، كان لها أثر إيجابي في تأطير تلك العلاقة المميزة بين بلدين كان لطموحهما الذي عانق السحاب، تأثير واضح فيما وصلا إليه من نهضة حملت نبراسًا مضيئًا للقارة الآسيوية.
ماذا نعرف عن تاريخ علاقات الإمارات والصين؟
تأسست العلاقات الدبلوماسية بين دولة الإمارات والصين في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 1984، لتفتتح بكين سفارتها بعدها بعام في العاصمة أبوظبي في أبريل/نيسان 1985.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1988، أنشأت الصين القنصلية العامة في دبي، فيما افتتحت دولة الإمارات سفارتها في بكين في 19 مارس/آذار 1987.
وبدأت العلاقات بين البلدين في الأصل خلال عام 1971 عقب تأسيس الاتحاد وقيام دولة الإمارات العربية المتحدة، وشهدت ازدهارا كبيرا خلال السنوات اللاحقة.
وفي أبريل/نيسان 2000، أنشأت ثلاث قنصليات إماراتية عامة في هونج كونج وفي شنغهاي في يوليو/تموز 2009، وفي قوانجو في يونيو/حزيران 2016م.
وفي 6 مايو/أيار 1990، أجرى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة -طيب الله ثراه- زيارة تاريخية إلى جمهورية الصين الشعبية، توجت بتوقيع العديد من الاتفاقيات.
الزيارات المتبادلة
تعددت الزيارات الرسمية المتبادلة بين الصين ودولة الإمارات والتي كانت معظمها على أعلى المستويات بدءاً من الرؤساء ورؤساء الحكومات والوزراء وحكام الأقاليم ورؤساء البرلمانات.
ففي العام 2019، توجه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي كان آنذاك وليا لعهد أبوظبي نائبًا للقائد الأعلى للقوات المسلحة، في زيارة جرى خلالها الاحتفال بمرور 35 سنة على تأسيس العلاقات.
كما زار في العام نفسه، الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الصين لحضور منتدى الحزام والطريق.
ولم تكن الزيارات من الجانب الإماراتي فقط، بل إن الجانب الصيني أوفد مسؤولين على أعلى المستويات في زيارات إلى دولة الإمارات؛ والتي كان آخرها زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج في عام 2018 إلى الإمارات والتي وصفت حينها بـ"التاريخية"، والتي وقع خلالها البلدان شراكة استراتيجية شاملة، تعتبر أعلى مستوى للعلاقات الدبلوماسية الصينية.
ومن بين الزيارات كذلك- زيارة رئيس مجلس الدولة الصيني الأسبق ون جيا باو في العام 2004، والتي وقع خلالها البلدان إعلان الشراكة الاستراتيجية بين الصين ودولة الإمارات.
التعاون الاقتصادي
وبحسب الأرقام الرسمية، والتي نشرتها سفارة دولة الإمارات في الصين، فإن حجم التبادل التجاري غير النفطي بين دولة الإمارات والشريك التجاري الأول لها جمهورية الصين الشعبية تضاعف بحوالي 800 مرة منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما.
وفيما قدرت قيمة العلاقات التجارية غير النفطية بحوالي 58 مليار دولار أمريكي في عام 2018، فإنه من المستهدف أن يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 200 مليار دولار في عام 2030.
وبلغ عدد العلامات التجارية الصينية المسجلة في دولة الإمارات 6591 علامة، إلى جانب أكثر من 327 وكالة تجارية، لتكون دولة الإمارات أكبر حاضنة للأعمال الصينية في العالم العربي.
ويتعاون البلدان في العديد من المجالات والتي شملت الطاقة، الخدمات اللوجستية، التمويل، الزراعة، التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، السياحة، ومجال الفضاء، والأقمار الصناعية والطاقة الإنتاجية.
وبحسب سفارة دولة الإمارات في الصين، فإن حوالي 60% من التجارة الصينية يعاد تصديرها عبر موانئ دولة الإمارات إلى أكثر من 400 مدينة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يجعلها من أهم منافذ التجارة الصينية، فيما لدولة الإمارات دور محوري في مبادرة الحزام والطريق للتعاون الدولي والتي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ في العام 2013، نظراً لبيئة الأعمال التنافسية والبنية التحتية والموقع الجغرافي المتميز الذي عزز من التعاون المشترك بين البلدين.
وفي العام 2018، تجاوز عدد الزوار الصينيين إلى دولة الإمارات أكثر من مليون زائر، فيما من المتوقع أن تستقبل دولة الإمارات مليوني زائر صيني بحلول عام 2023.
انعكاسات إيجابية
تلك العلاقات المميزة بين البلدين، انعكست بدورها على مواطني البلدين؛ فالإماراتيون ليسوا بحاجة إلى تأشيرة للدخول إلى جمهورية الصين الشعبية، بل إنه بإمكانهم الدخول بشكل تلقائي ولمدة 30 يوماً.
كما انعكست على التعاون الثقافي بين البلدين؛ فعلى هامش زيارة الرئيس الصيني لدولة الإمارات عام 2018، تم توقيع 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم، ضمت التعاون في المجال الثقافي، وفتح مركز ثقافي صيني في دولة الإمارات ومركز ثقافي إماراتي في الصين.
وتعد الشراكة الثقافية بين البلدين من بين أبرز الروابط بين البلدين إلى جانب الشراكة الاقتصادية والتجارية؛ فهناك العديد من الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة الصينية والإماراتية في كلا البلدين تعمل على تعزيز ونقل صورة ثقافة البلدين.
وتعمل قيادتا البلدين على تقوية الروابط الثقافية والدبلوماسية العامة بين الشعبين؛ فدولة الإمارات تحتفل كل عام بعيد الربيع الصيني، بالإضافة إلى مشاركة الجالية الصينية في دولة الإمارات أهم الاحتفالات السنوية لهم.
الروابط التعليمية تعد عامود الخيمة في العلاقات الثقافية بين البلدين؛ فهناك زيادة كبيرة من ناحية التبادل الطلابي والتعاون بين الجامعات والمنظمات التعليمية بجميع أشكالها لتبادل الخبرات بين البلدين في هذا المجال.
وتعد دولة الإمارات شريكا فعالا في مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينج والتي لا تركز فقط على التعاون الاقتصادي وإنما التقارب الحضاري والثقافي بين دول الحزام والطريق.
aXA6IDMuMTM5LjIzNC4xMjQg جزيرة ام اند امز