تغير المناخ يفاقم الجفاف في دولتين عربيتين.. وينذر بكارثة
تؤدي درجات الحرارة المرتفعة الناجمة عن تغير المناخ إلى تفاقم الجفاف في الشرق الأوسط، وفقًا لتحليل أجرته خدمة World Weather Attribution.
تعاني أجزاء كبيرة من العراق وسوريا وإيران من الجفاف الشديد منذ سنوات، وتسبب انخفاض هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة في تلف المحاصيل ونقص المياه في جميع أنحاء المنطقة، مما دفع ملايين الأشخاص إلى انعدام الأمن الغذائي.
وجدت الدراسة أنه في الفترة ما بين يوليو/تموز 2020 ويونيو/حزيران 2023، أدى تغير المناخ إلى جعل الجفاف أكثر شدة في الدول الثلاث، ويرجع ذلك إلى ارتفاع درجات الحرارة التي أدت إلى جفاف التربة.
تشير الدراسة إلى أنه في عالم خالٍ من تغير المناخ، لم تكن فترة الجفاف شديدة بما يكفي لتسمى جفافا.
كما وجد الباحثون أن تغير المناخ أيضًا جعل حدوث موجات الجفاف أكثر احتمالاً.
ففي مناخ اليوم، يحدث الجفاف في إيران مرة واحدة كل خمس سنوات بسبب تأثير تغير المناخ، ولولاه، لزار الجفاف البلاد مرة واحدة فقط كل 80 عامًا.
في الوقت نفسه، أدى تغير المناخ في حوض نهر دجلة والفرات، الذي يشمل جزءا كبيرا من العراق وسوريا، إلى زيادة احتمالات حدوث الجفاف من مرة كل 250 سنة إلى مرة كل عشر سنوات.
يظهر التحليل أيضًا أن حالات الجفاف بهذه الشدة "لم تعد نادرة بعد الآن"، بسبب تغير المناخ، حسبما قال أحد مؤلفي الدراسة في مؤتمر صحفي.
تسلط الدراسة الضوء على أن عوامل أخرى، بما في ذلك الصراع وإدارة المياه وتدهور الأراضي، التي ساهمت أيضًا في التأثيرات الشديدة للجفاف.
- سوريا والعراق.. الجاران يتحدان لمواجهة الإرهاب والجفاف (صور)
- هندسة المناخ.. باب أمل جديد أم ضرب من الجنون؟ (ملف خاص)
الهلال الخصيب
يقع الهلال الخصيب بين نهري دجلة والفرات والبحر الأبيض المتوسط، ويُشار إليه غالبًا باسم "مهد الحضارة".
منذ آلاف السنين، كانت منطقة الشرق الأوسط مثالية للزراعة، مما سمح للمجتمعات الريفية بزراعة المحاصيل وتربية الحيوانات.
تواجه المنطقة اليوم جفافًا شديدًا يستمر لعدة سنوات بسبب ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار.
قالت رنا الحاج، المستشارة الفنية الأولى في مركز المناخ التابع للصليب الأحمر والهلال الأحمر ومؤلفة الدراسة، في مؤتمر صحفي: "في منطقة تعاني بالفعل من الإجهاد المائي، تستهلك الممارسات الزراعية 80% في المتوسط من موارد المياه العذبة".
مع تسبب الجفاف في تلف المحاصيل، يواجه عشرات الملايين من الأشخاص في جميع أنحاء العراق وسوريا وإيران الآثار المجمعة لنقص المياه وانعدام الأمن الغذائي.
في سوريا، يعتمد حوالي 70% من محصول القمح على هطول الأمطار، ما تسبب في انخفاض الإنتاج الزراعي بنسبة 80% في عام 2022 عما كان عليه في عام 2020.
أدى الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية الناتج عن ذلك إلى دفع الملايين من الناس إلى الفقر والجوع.
تشير تقديرات برنامج الأغذية العالمي إلى أن 12.1 مليون سوري، أكثر من نصف السكان، يواجهون الجوع، في حين أن 2.9 مليون شخص آخرين معرضون لخطر انعدام الأمن الغذائي.
في العراق، كان موسم هطول الأمطار 2020-2021 هو ثاني أكثر موسم جفافًا منذ 40 عامًا، مما أدى إلى انخفاض تدفق المياه بنسبة 29% و73% في نهري دجلة والفرات على التوالي.
في أبريل/نيسان 2022، حذرت وزارة الموارد المائية العراقية من أن احتياطيات المياه في البلاد قد انخفضت إلى النصف منذ العام السابق بسبب الحرارة الشديدة وانخفاض هطول الأمطار.
فشل ما يقرب من 90% من المحاصيل البعلية في العراق، ومعظمها من القمح والشعير، في عام 2022.
وصف أحد المزارعين العراقيين نقص المياه بـ” الأزمة الكارثية ”، موضحاً أن “معظم أراضينا الزراعية تحولت إلى أراضٍ صحراوية قاحلة وتفتقر إلى مقومات الحياة الأساسية”.
في إيران، سقط 180 ملم فقط من الأمطار في جميع أنحاء البلاد بين سبتمبر/أيلول 2021 وسبتمبر/أيلول 2022، وهو انخفاض بنحو 24% مقارنة بالمتوسط على المدى الطويل.
أدى الجفاف إلى نقص مياه الشرب وفشل المحاصيل وانخفاض إنتاج الطاقة الكهرومائية، واضطر العديد من المزارعين الإيرانيين إلى السفر إلى المدن الأخرى للعثور على عمل.
كما جاء انخفاض هطول الأمطار مع ارتفاع درجات الحرارة في الشرق الأوسط ليفاقم الوضع.
فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، واجهت العديد من المناطق درجات حرارة أعلى من 50 درجة مئوية.
انعدام الأمن المائي
تشهد أيضًا جميع مناطق العراق وإيران وسوريا انعدامًا في الأمن المائي، سببه ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار وعوامل الأخرى سببها الإنسان، مثل سوء إدارة المياه، وتغيير استخدام الأراضي، والتوسع الحضري السريع، والصراعات، تعتبر أيضًا عوامل أساسية.
في سوريا، أدت الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد من الزمن إلى تخلف البنية التحتية للري، فضلاً عن "اقتصاد مدمر وفقر يزداد"، مما اضطر العديد من المزارعين إلى ترك أراضيهم بسبب القصف، فانهارت العملة السورية إلى مستوى قياسي .
تؤدي ندرة المياه أيضًا إلى التوتر بين دول الشرق الأوسط، حيث تبني بعض الدول السدود أو تفرط في استخدام المياه على حساب الآخرين.
على سبيل المثال، يعد نهرا دجلة والفرات المصدرين الرئيسيين للمياه في العراق، لكن كلا النهرين ينبعان من تركيا ويتدفقان عبر سوريا أولاً.
مع بدء تركيا وسوريا في تطوير مشاريع الطاقة الكهرومائية على النهرين في السبعينيات، بدأ تدفق المياه إلى العراق يتضاءل.
اليوم، أدت السدود على طول الأنهار إلى خفض التدفق إلى العراق بنحو 30-40% .
aXA6IDMuMTQ3LjUzLjkwIA== جزيرة ام اند امز