"القاسم الانتخابي".. صفعة دستورية لحزب العدالة والتنمية بالمغرب
أيدت المحكمة الدستورية في المملكة المغربية، الإجماع الحزبي حول طريقة توزيع المقاعد في الانتخابات البرلمانية المُقبلة.
ورفضت المحكمة طعنًا دستوريًا تقدم به حزب العدالة والتنمية الذراع السياسية لتنظيم الإخوان، بخصوص القوانين الانتخابية المصادق عليها مؤخرا من طرف البرلمان، لتقر بذلك دستورية احتساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين.
وشددت المحكمة على أن "الاقتراع الحر والنزيه والمنتظم هو أساس اختيار الأمة لممثليها في المؤسسات المنتخبة"، وأن "الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي، وكلها أحكام لا يحد من إعمالها، ولا من مدى ممارستها، تغيير طريقة احتساب القاسم الانتخابي".
لا يُخالف الدستور
وبحسب القرار فإن المحكمة الدستورية اعتبرت أن اعتماد القاسم يتم على أساس المسجلين، كما أجمعت على ذلك الأحزاب المغربية، ما عدا حزب العدالة والتنمية، لا مُخالفة فيه للدستور.
وأكدت المحكمة الدستورية أنه لا يندرج ضمن صلاحياتها التعقيب على السلطة التقديرية للمشرع، في شأن اختيار نوعية التدابير التشريعية التي يرتضيها، أو المفاضلة بين اختيارات تشريعية ممكنة، أو اقتراح بديل تشريعي من شأنه أن يحقق الغايات الدستورية نفسها، ما دام ذلك لا يمس بأحكام الدستور، مضيفة أن "الفقرة الثانية من المادة 84 لا تخالف الدستور".
- محمد السادس.. قائد ثورة البناء والتنمية بالمغرب
- صندوق محمد السادس للاستثمار.. إنعاش اقتصاد المغرب بمُبادرة "ملكية"
وأوردت المحكمة أن الدستور المغربي الذي تم إقراره عام 2011 لا يتضمن أي قاعدة صريحة، تتعلق بطريقة احتساب القاسم الانتخابي، الأمر الذي يكون معه هذا الأخير من المواضيع التي ينفرد المشرع بتحديدها.
سلطة للمشرع
وفي نفس السياق، شددت هيئة الحكم المكونة من 12 قاضيًا دستوريًا، على أن "الدستور جعل موضوع النظام الانتخابي لأعضاء مجلس النواب ضمن مجال التشريع، إذ أدرجه ضمن المشمولات التي ينفرد القانون التنظيمي بتحديدها، ويؤول أمر سن الأحكام المتعلقة بها حصريا إلى المشرع، وفق سلطته التقديرية، التي لا يمكن للمحكمة الدستورية التعقيب عليها طالما لم تخالف أحكام الدستور".
وأكدت المحكمة أن الفصل السبعين من الدستور المغربي، كرس مبدأ فصل السلطات، وجعل البرلمان يُمارس السلطة التشريعية، وبالتالي وضع ضمن صلاحياته تحديد القواعد الضابطة للنظام الانتخابي.
تعليلات
وعللت المحكمة الدستورية المغربية قرارها القاضي بدستورية القاسم الانتخابي على أساس المسجلين لا الأصوات المُعبر عنها، بكون حرية الانتخابات ونزاهتها لا تتأثر بطريقة احتساب القاسم الانتخابي.
وأضافت أن التصويت باعتباره حقاً شخصيا للمواطنين "لا تتأتى ممارسته، ابتداء، إلا بالتسجيل في اللوائح الانتخابية"، وأن اعتبار التصويت واجبا وطنيا، بمقتضى الأحكام المشار إليها، “يكرسه احتساب القاسم الانتخابي على أساس المقيدين في اللوائح الانتخابية، استحضارا لما تضمنه تصدير الدستور من تلازم بين حقوق وواجبات المواطنة".
ولفتت إلى أن توزيع المقاعد بناء على القاسم الانتخابي المذكور من شأنه حفظ تكافؤ الفرص بين لوائح الترشيح، وسلامة العملية الانتخابية، والتعبير الحر عن إرادة الناخبين.
وزادت أن هذا القاسم من شأنه تحقيق تمثيلية موسعة للناخبين برسم الدوائر المحلية، وفتح المجال أمام كافة القوى السياسية للمشاركة في القرار من خلال المؤسسة التشريعية، وبالتالي فإنه ينسجم ويخدم المبادئ والغايات الدستورية التي تم بسطها، يورد قضاة المحكمة الدستورية.
- ثورة اجتماعية بالمغرب يقودها الملك محمد السادس
- يوم المرأة.. حينما تدخل محمد السادس لإنصاف نساء المغرب
انتصار للديمقراطية
وحول قرار المحكمة الدستورية، قال الأستاذ الجامعي رشيد لزرق، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، هذه الخطوة جاءت في وقت أراد فيه حزب العدالة والتنمية فرض موقف منفرد على باقي الأحزاب التي أجمعت على ضرورة اعتماد القاسم الانتخابي بناء على عدد المسجلين، في حين اختار هذا الحزب لوحده الدفاع بشراسة عن القاسم الانتخابي على أساس الأصوات المُعبر عنها.
وأضاف الأستاذ الجامعي رشيد لزرق، أن الأصل في الديمقراطية هو اعتماد الأغلبية والإجماع، كما أنها في نفس الوقت ضمان للتوازن والتمثيل السياسي على أساس الاختلاف، يقول لزرق، موضحاً أن العدالة والتنمية وقف مُعارضاً شرساً لهاتين النقطتين، إذ أراد فرض رأيه على باقي الأحزاب الأخرى، ورفض هذا القاسم الذي سيُمكن من ولوج أحزاب أخرى صُغرى إلى المؤسسات المُنتخبة.
وأكد أن المُعارضة الشرسة لحزب العدالة والتنمية لهذا الإجماع، جاء من منطق محاولة الهيمنة السياسية على المؤسسات التشريعية وفرض الرأي الواحد، وهذا في حد ذاته مُخالف للأعراف الديمقراطية التي تتأسس على التنوع والاختلاف.
وخلص لزرق إلى أن المحكمة الدستورية انتصرت بقرارها هذا للديمقراطية والتنوع، وحكمت روح الدستور المغربي الذي أقرته المملكة بإجماع شعبي عام 2011، في استجابة ملكية رشيدة للمطالب التي رفعها الحراك المغربي آنذاك.
aXA6IDE4LjIyMi40NC4xNTYg جزيرة ام اند امز