مشاورات الحكومة التونسية.. جدل حول منهجية العمل وبرامج الإنقاذ
من المرجح أن يكون للأحزاب البرلمانية النصيب الأوفر للمشاورات من أجل ضمان 109 أصوات في مجلس نواب الشعب لحظة التصويت على حكومته.
لم تتضح في اليوم الأول لمشاورات الحكومة التونسية الخارطة الحزبية التي ستمثل عناصر تكوينها، ولم يفصح رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي عن منهجيته وفلسفته للمشاورات مع الأحزاب المعارضة للإخوان.
وفي الوقت الذي لم يحدد فيه الجملي بشكل علني عن قائمة الأحزاب التي سيفتح النقاش معها، فإنه من المرجح أن يكون للأحزاب البرلمانية النصيب الأوفر للمشاورات من أجل ضمان 109 أصوات في مجلس نواب الشعب لحظة التصويت على حكومته.
وقد التقى في اليوم الأول للمشاورات مع حزب قلب تونس والتيار الديمقراطي وائتلاف الكرامة، واكتفى الحبيب الجملي في تصريح إعلامي بأن وزارات السيادة (الداخلية والخارجية والعدل) لن تكون من نصيب الأحزاب السياسية وسيتقلدها شخصيات مستقلة من الكفاءات الأكاديمية.
ومن جانبه، رفض الحزب الدستوري الحر الدخول في المشاورات التي ستمتد في مرحلة أولية 30 يوما، على أن يكون التمديد 30 يوما أخرى في حال عجز الجملي عن تمرير حكومته في البرلمان وكسب مصادقة 109 من النواب.
الجملي ورابطة الإخوان السرية
أفادت مصادر مقربة من فريق رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي بأن مسألة الاستقلالية عن حركة النهضة الإخوانية غير ممكنة باعتباره مرشحا للحركة المتحصلة على 52 مقعدا في البرلمان.
وأوضحت المصادر ذاتها في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن الجملي سيحاور كل الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية باستثناء الحزب الدستوري الحر ورئيسته عبير موسى.
وعن هذا الرفض أفادت ذات المصادر بأن الحبيب الجملي يريد تشكيل حكومة تتألف بشكل جماعي مع العديد من الأحزاب البرلمانية على غرار التيار الديمقراطي (21 مقعدا) وحركة الشعب (18 مقعدا) وحزب قلب تونس (38 مقعدا) وحركة "تحيا تونس" (14 مقعدا).
ومن المنتظر أن يستقبل رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي في الأيام المقبلة قيادات اتحاد الشغل (أكبر منظمة نقابية في تونس تأسست سنة 1946) واتحاد الأعراف (منظمة رجال الأعمال التونسيين، تأسست سنة 1946).
واشترط الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان له مساندة الحكومة بالإبقاء على تعهداتها في زيادة الرواتب وفق الاتفاقيات التي وقع إبرامها مع الحكومات السابقة وخاصة حكومة يوسف الشاهد التي انتهت صلاحياتها.
ويكشف القيادي النقابي عبدالحليم العمراني أن وجود رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي ضمن الفريق السابق للوزير الإخواني للزراعة محمد بن سالم سنة 2012 هو دليل على عدم استقلالية الرجل وارتباطه بالأجندة الإخوانية على حد قوله.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن السياق الذي دفع به لترؤس الحكومة التونسية لا يمت بصلة للمعايير العلمية أو الدوافع التي لها علاقة بالكفاءة، معتبرًا أن "مرض المحاصصة الحزبية" هو المحرك الرئيسي للحكومات في تونس منذ سنة 2011.
وتابع أن "المحاصصة السياسية هي نتيجة النظام السياسي في تونس القائم على النظام البرلماني"، داعيا إلى ضرورة التفكير في تغييره.
وقد طرح الحزب الدستوري الحر الذي تتزعمه عبير موسى دستورا جديدا يكون فيه منصب رئيس الجمهورية المصدر الأول للسلطة ويعطيه الصلاحيات الفضلى في ممارسة الحكم.
مشاورات البرامج الغائبة
لم تطرح الأحزاب المتفاوضة خلال الأيام الأولى للتشاور حول شكل الحكومة المقبلة البرامج الممكنة لإنقاذ الاقتصاد التونسي الذي يراوح نسبة حوالي 1% من النمو في شهر أكتوبر/تشرين الأول المنقضي حسب المعهد التونسي للإحصاء الحكومي.
أخصائية علم الاجتماع بكلية العلوم الإنسانية بتونس رحمة بن سليمان أكدت في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن غياب البرامج الحكومية للأحزاب المتحاورة مع رئيس الحكومة المكلف هو نتيجة لتضارب الرؤى بين أفكار ليبرالية ترى ضرورة خصخصة المؤسسات التابعة للدولة، وأخرى تؤكد أن الحل لا يكون إلا بالمحافظة على دور الدولة في الاقتصاد والحفاظ على دورها الاجتماعي في رعاية الفقراء.
ورأت بن سليمان أن المشاورات الأولية للأحزاب لم تتضمن نقاشا اقتصاديا وكانت فقط مشاورات ذات طابع "سياسي"، لم تتطرق إلى المطالب الحيوية للشعب التونسي.
aXA6IDMuMTQ5LjIzMS4xMjIg جزيرة ام اند امز