رغم التحذيرات المتتالية التي توجهها المنظمات الدولية ويسطرها علماء البيئة، ورغم ما تعيشه عدة مناطق من كوارث طبيعية متتالية ومتزايدة، فإن العالم لا يتعظ،
والأدهى من ذلك أنه في الإعلانات الختامية للقمم السابقة حول المناخ نجد أن الدول الصناعية الكبرى تعبر عن «الأسف العميق» لفشلها في جمع مبلغ سنوي قدره 100 مليار دولار وعدت به منذ سنوات لصالح الدول الفقيرة التي تدفع ثمن الاحتباس الحراري.. مما يعني أن العمل العالمي المشترك يعاني خللاً كبيراً.
ولهذا فأملنا كبير في أن ينجح مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (كوب 28) الذي سينعقد في مدينة إكسبو دبي في الفترة الممتدة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023 في وضع لبنات تحويل الأهداف إلى وقائع ووضع خريطة طريق جادة وهادفة لإنقاذ الحياة الطبيعية فوق الأرض.
وسيشهد مؤتمر «كوب 28» إجراءَ أول تقييم عالمي للجهود المستمرة على مدار عامين لتحديد مدى التقدم الذي أحرزته الحكومات المعنية في تنفيذ خطط العمل المناخي لمواجهة الاحتباس الحراري والقضايا البيئية الأخرى ذات الأولوية القصوى. ونعلم أن هناك سياسات وطنية وسياسات عمومية تبنتها دول مثل المغرب والإمارات في مجال محاربة التلوث، والسيطرة على الاحتباس الحراري، عبر بالاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة والوعي التراكمي لدى الناس، وهي سياسات يمكن اعتمادها كمرجع لإنقاذ ما يجب إنقاذه، وقد تدفع لا محالة دولاً أخرى لانتهاج المسار نفسه.
ثم إنه في كل مرة نسمع من الدول المستضيفة لهذه القمم المناخية كلاماً من قبيل أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه هو «اتفاق تاريخي» وأنه «وخطوة كبيرة إلى الأمام».. إلخ، لكنها في الواقع كلمات دبلوماسية لا تصف الواقع كما هو.
ومن بين الأولويات الملحة في وقتنا الحالي العمل على التخلص من 51 مليار طن من غازات الاحتباس الحراري التي تُضاف إلى الغلاف الجوي سنوياً، وصولاً إلى حالة صفر انبعاثات بحلول عام 2050، وهذه بالنسبة لعلماء المناخ مسألة مصيرية من أجل إنقاذ حياة الإنسان والحيوان والنبات على كوكب الأرض.
والانبعاثات تتكون انطلاقاً من مصادر معلومة للجميع حالياً، لذا فاستخدام مصادر الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري من شأنهما أن يمثلا نحو 27% من الانخفاضات المطلوبة، علاوة على تغيير طرق تصنيع السلع، وهذا البند بدوره قد يساعد في تحقيق انخفاضات بمقدار 31%، من الانبعاثات الحالية. كما يمكن لأنواع أخرى من التغيير في سلوك الإنسان أن تساهم بنصيب آخر لا بأس به في تخفيض الانبعاثات، مثل ترشيد طرق زراعة المحاصيل الغذائية، وتقليل السفر، والحفاظ على المباني دافئةً خلال الشتاء وباردة خلال الصيف.. مما يساعد على خفض الانبعاثات الغازية الضارة بنحو 18% و16% و6% على التوالي.
إن ذكاء بعض الدول ورغبة العقلاء من أهل الأرض في وضع سياسات عمومية داخلية واقعية وهادفة في مجال محاربة التلوث، هي السبيل الوحيد لإنقاذ ما يجب إنقاذه، وقد تكون سياسات هذه الدول عجلة محركةً لباقي الدول نحو المستقبل البيئي المنشود.
نقلا عن صحيفة الاتحاد الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة