المثقف في مظاهرات لبنان.. لا وقت للكلام
الروائية علوية صبح تترك مسودة روايتها الأخيرة التي كانت تراجعها، وتتفرغ لمتابعة الوضع إما عبر الشاشات أو من خلال النزول.
ظهرت الكاتبة الصحفية والأستاذة الجامعية اللبنانية سوسن الأبطح في صورة إلى جوار زوجها الدكتور بلال عبدالهادي، أستاذ اللغة العربية بالجامعة اللبنانية في طرابلس، وهما يقومان مع أفراد من العائلة بإعداد وجبات تُقدم للمتظاهرين هدية من المطعم الذي تديره العائلة.
وجدت عائلة "عبدالهادي" أن المتظاهرين بحاجة لمختلف أشكال الدعم، لكن العائلة لم تكتف بما أرسلته من وجبات، وخرج أفرادها للمشاركة في كافة المظاهرات التي شهدتها طرابلس.
وكتب "عبدالهادي" على صفحته بموقع "فيسبوك" داعياً زملاءه من أساتذة الجامعة للتضامن مع المتظاهرين ومشاركتهم هذه اللحظة الفارقة في تاريخ لبنان.
وترى "الأبطح" أن أهم ما يمكن ملاحظته هو أن المظاهرات خرجت منددة بالوضع الاقتصادي وأداء الحكومة، وغابت النخبة التقليدية عن الشاشات وعن التواجد في أماكن المظاهرات، وهذا يدل على مكانة فئة المثقفين اليوم في لبنان.
وقالت المثقف لا يختلف عن الإنسان العادي في معاناته، وربما ظهر دوره في وقت متأخر، بإيجاد حلول أو تأطير تصورات نظرية عن طبيعة العلاقة مع السلطة في المرحلة المقبلة.
وتابعت: "لا وقت للكلام. الآن لا توجد أدوار للنخبة. المظاهرات شعبية، ولا يجرؤ مثقف على أن ينوب عن الناس في أي حديث، أو يزعم أنه يتخذ موقفاً متقدماً، فالنخبة ذاتها فقدت شرعيتها والتصقت بالسلطة أو الأحزاب، وهذا مُخزٍ، لأن الأصوات الحرة غابت عن لبنان في السنوات الأخيرة".
أما الروائية علوية صبح، فقد تركت مسودة روايتها الأخيرة التي كانت تراجعها وتفرغت لمتابعة الوضع إما عبر الشاشات أو من خلال النزول على فترات مختلفة من اليوم.
ورغم المخاوف، ترى صاحبة "مريم الحكايا" أن الوضع ممتاز، لأن الناس رائعون، ويكفي أنهم جاهروا برفض النظام الطائفي، وتجاوزوا مخاوفهم المرضية، فالطائفية هي مرض لبنان الحقيقي.
وتخشى "صبح" من أن تقفز أطراف سياسية فوق الحدث، وتسرق المظاهرات، وتساهم التجاذبات السياسية المعتادة في الانتقال بالحدث لمحل آخر يقوم على تسويات.
وتصف صاحبة رواية "اسمه الغرام" ما يجري بأنه "مرحلة دقيقة في تاريخ لبنان"، لأن الناس ولأول مرة عبروا عن أحلامهم بشكل صحيح، فقد أفقرت الطبقة السياسية البلاد، وآن أوان الحساب.
تقول الكاتبة الروائية بسمة الخطيب: "عام 2005 انتقلت للعمل في الخارج، وكنت أؤجل عاماً بعد آخر عودتي، وكانت أحلام الغربة بسيطة: العودة إلى منزل في بيروت، ومستقبل آمن لأولادي من جهة، وريثما تظهر بارقة أمل من جهة أخرى.
وأضافت: "لكن مضت الأعوام والوضع يتدهور نحو الأسوأ، فكنت أصاب بالجنون، وأحياناً ألجأ للإنكار، وأحياناً أستسلم للإحباط، عندي خيار الاستقرار في بلد أوروبي، ولكني قرَّرت العودة إلى لبنان، قلت إنني سأمنح نفسي فرصة مع بلدي، سأجد حلولاً فردية ومدنية للمشاكل".
وتابعت: "كنت أعرف أني سأحتاج إلى وقت لأرتّب أموري وأمور أسرتي. كثيرون اتهموني بالجنون لأنني أعود بينما الغالبية تريد الرحيل. لم أتوقع أن يأتي التغيير بعد استقراري بوقت قصير. المواطنون الشرفاء، الأغلبية الصامتة نطقت، لا بل صرخت وبكت وندَّدت من شدَّة الغضب ونفاد الصبر".
وتقول صاحبة رواية "برتقال مر": "يعيش لبنان لحظة تاريخية عظيمة. اليوم ينقلب اللبنانيون على نظامهم الطائفي، يقولون لا ويكسرون حواجز الخوف"، مشيرة إلى أن تراكم الأزمات ولَّد انفجاراً، وكان شرارة انتظروها لتشعل غضباً لا حدود له.
أما الروائية والناشرة اللبنانية رشا الأمير أحبت أن تكون مع الدعابة التي أظهرها الناس في مواقع التظاهر، وتقول: "لا أرغب في الحديث بصفة مثقفة، فالأفضل أن تكون مع الدعابة ومع الناس، وأن نكون جزءاً من حراك، ونتعامل بتواضع مع ما يجري، فلسنا أوصياء على أحد، أهم ما في المشهد أن التابو انكسر، حتى ونحن لا نعرف كيف سيكون ردّه؟ فقط علينا أن نتابع ونشارك ونحلم مع الأصدقاء بعقد اجتماعيّ جديد".