الدفتيريا.. مرض نادر يجد أرضا خصبة في أزمة الروهينجا
أقلية الروهينجا المسلمة التي نزح الآلاف من أبنائها كلاجئين إلى بنجلاديش، تعاني أكبر تفشٍّ للدفتيريا شهده العالم منذ وقت طويل.
مأساة جديدة تهاجم لاجئي الروهينجا وهي مرض "الدفتيريا" الذي يُشكل تهديدًا آخر للأقلية المسلمة، وكان تفشي المرض قد بدأ في المخيمات مترامية الأطراف في بنجلاديش في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بعد وقت قصير من وصول مئات الآلاف من الروهينجا.
- من بنجلاديش إلى الهند.. محنة اللجوء تفاقم معاناة الروهينجا
- الروهينجا.. الأطفال آباء وأمهات في بنجلاديش
وبدا أن التفشي بلغ ذروته مع اقتراب السنة الجديدة، ولكن ثمة قلقا متجددا الآن مع استمرار المرض الذي قد يتسبب في الوفاة في الانتشار، وفقًا لموقع "إن بي أر" الأمريكي.
وقال الدكتور أندي دويل في وقت باكر من هذا الأسبوع في مركز علاج الدفتيريا التابع لمنظمة ساماريتان بورس في مخيم بالوخالي للاجئين إن "الأمس كان يومًا حافلًا جدًا لنا"، مشيرًا إلى قدوم 117 مريضًا لإجراء فحوصات بحثًا عن الدفتيريا وأن هذا هو أكبر عدد رأوه في أي يوم من الأيام.
ويُعالج دويل وفريقه الدفتيريا فقط في هذه المنشأة، لذا فأول شيء يفعله طاقم العمل هو فحص المريض بحثًا عن المرض والتأكد من أنه ليس مجرد نزلة برد سيئة.
وليس هناك وجود للدفتيريا في الغرب لأنه يتم تطعيم الجميع تقريبًا ضد هذا المرض، وقال دويل إن المرض سهل تحديده، فالمريض يعاني من حمى عالية والتهاب الحلق وغالبًا رشح الأنف والتهاب حاد في الجزء الخلفي من حلقه.
وأوضح دويل أنه في بعض الأوقات يعاني المرضى من تورم في رقابهم، وخاصة الأطفال وتصبح رقابهم ضخمة، وهو ما يُسمى رقبة الثور، وهذه هي العلامات الدالة على أن مجرى الهواء في خطر وشيك وهو ما يبحث عنه الأطباء.
وبهذه الطريقة تسبب الدفتيريا الوفاة، حيث تتضخم الرقبة ويتكون غشاء في الحلق يمنع التنفس.
واعتبارًا من منتصف يناير/كانون الثاني كان هناك ما يقرب من 5 آلاف حالة مبلغ عنها مصابة بالدفتيريا في المخيمات و33 حالة وفاة، ويُعد هذا معدل وفيات أقل بكثير مقارنة بتفشي المرض في الماضي. وربما يعود ذلك إلى حصول المرضى على الرعاية الصحية سريعًا في العيادات التي ظهرت في المخيمات.
ويُمكن علاج حالات الدفتيريا البسيطة بالمضادات الحيوية، ولكن إذا كان مجرى الهواء عرضة للانسداد يتم إعطاء المريض مضاد للسموم عبر التقطير الوريدي للقضاء على سم تصنعه البكتيريا، ولكن من المحتمل أن يُسبب مضاد السموم رد فعل مميت.
ويقول دويل إن العلاج بمضاد السموم صعب ويستغرق وقتًا طويلًا، وبينما يشير إلى ممرضة تجلس إلى جانب سرير مريضة يوضح أن هذه الممرضة ستجلس هناك تراقب ظهور أدنى إشارة أن رد فعل تحسسي على وشك البدء.
وينتاب مسئولو الصحة العامة قلقًا بالغًا حول مدى ضعف مئات الآلاف من لاجئي الروهينجا تجاه الإصابة للدفتيريا وغيرها من الأمراض المعدية، فاللاجئون مكتظون في أماكن إيواء مؤقتة، وتم حفر دورات المياه وآبار المياه بصورة عشوائية في أرجاء المخيمات وغالبًا ما تكون إلى جوار بعضهم البعض.
وقالت منسقة المشاريع في منظمة أطباء بلا حدود مارسيلا كراي، إن هناك عاملا رئيسيا آخر يجعل الروهينجا عرضة للخطر وهو افتقارهم الحصول حتى على التطعيمات الأكثر أساسية عندما كانوا في ميانمار.
وأوضحت كراي أن هناك تفشي كبير للحصبة، كما يوجد أكبر تفشي للدفتيريا شهده العالم منذ وقت طويل، مشيرة إلى وصول الروهينجا الضئيل للرعاية الصحية وأن بعض الروهينجا لم يزوروا عيادة أو يُعرضوا على أطباء قط.
وأطلقت المجموعات الإنسانية حملة ضخمة لمحاولة مواجهة ذلك التاريخ الطويل من الإهمال الطبي، ويحاول العاملون في مجال الصحة من المنظمات الدولية غير الهادفة للربح ووزارة الصحة البنجلاديشية تطعيم نحو مليون شخص في مخيمات اللاجئين وحولها ضد الدفتيريا وغيرها من الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات.
ومع ذلك، فإن تطعيم لقاح الدفتيريا صعب، فهو يتطلب 3 حقن متباعدة عدة أشهر عادة، وقام مسئولو الصحة بتقديم الجولة الأولى من لقاحات الدفتيريا في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، ويأملون في تقديم الجولتين الأخريتين في الأسابيع المقبلة.
وحتى يحدث ذلك فهناك مئات الآلاف من الأهداف سريعة التأثر بالدفتيريا في المخيمات.