ضرب جذور الفساد.. "الحكومة الإلكترونية" سلاح العراق لوقف نزيف ثرواته
مشروع الحكومة الإلكترونية، والذي أطلقته الحكومة العراقية للتضييق على منافذ الفساد والحفاظ على المال العام.. هل يكون بداية النهاية؟
وضمن المساعي التي أطلقتها حكومة مصطفى الكاظمي في حربها ضد الفساد والحفاظ على المال العام من السرقة، أعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء، اليوم الأربعاء، عن إنجاز المرحلة الأولى من مشروع الحوكمة الإلكترونية.
وقال المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء حيدر مجيد، في تصريح تابعته "العين الإخبارية"، إن "مشروع الحوكمة الإلكترونية يحظى باهتمام حكومي ووزاري كبيرين، ويعد ضمن المنهاج الوزاري للحكومة العراقية”، لافتاً إلى أن "الأمانة العامة لمجلس الوزراء هي من تتولى رئاسة اللجنة العليا المشرفة على كتابة منهاج الحوكمة الإلكترونية".
- العراق يُقرض مواطنيه لشراء الطاقة المتجددة بأسعار منافسة
- بعد عام من التطبيق.. هل قادت "الورقة البيضاء" اقتصاد العراق للاستقرار؟
وأضاف مجيد، أن "الأمانة قطعت أشواطاً كبيرة وأنجزت المرحلة الأولى من مشروع ربط الوثائق الإلكتروني وبرنامج إدارة الوثائق الإلكتروني أيضاً لتداول الوثائق الرسمية إلكترونياً، وهناك المرحلة الثانية ستنجز لربط جهات غير مرتبطة بوزارة والمحافظات عبر شبكة حكومية متكاملة مؤمنة غير قابلة للإختراق بإشراف وتنفيذ ملاكات الأمانة العامة بالتنسيق مع ملاكات وزارة الاتصالات".
واستدرك بالقول: "مركز البيانات الوطني للأمانة العامة أطلق بوابته الإلكترونية والتي تتضمن تقديم أكثر من 85 خدمة إلى المواطنين خاصة بإنجاز المعاملات، وتم تطبيق نظام صحة الصدور بين كتاب العدول للتسجيل العقاري، كما تم إطلاق خدمة راقبني التي تختص بتقديم الشكاوى فيما يخص السلة الغذائية".
وتابع: "أيضا هناك برنامج خاص تم تجربته للحصول على استمارة فحص الـPCR والذي سيساعد وزارة الصحة واللجنة العليا للصحة الوطنية لتدوين قاعدة بيانات خاصة بالمواطنين في كل المحافظات، فضلاً عن برامج خاصة بوزارة التعليم العالي حول صحة الصدور للشهادات والبرامج العديدة لبقية الوزارات والعمل مستمر".
ولفت المتحدث الرسمي إلى أن "هذه البرامج ستساعد في التخلص من البيروقراطية، والسرعة في انجاز المعاملات والقضاء على الابتزاز والقضاء على عمليات التزوير".
ونظمت بغداد خلال عام 2014، مؤتمراً أطلقت خلاله مشروعاً تحت اسم "حكومة المواطن الإلكترونية" بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، في أول إعلان عن عزم العراق على التوجه نحو الحكومة الإلكترونية، لكن المشروع تعثر مرات عدة ولم يكتمل.
وفي عهد حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، تم تعطيل عمل اللجان العاملة على المشروع ضمن الأمانة العامة لمجلس الوزراء، قبل أن تقوم حكومة الكاظمي بإعادة تفعيل لمشروع وتسريع خطوات إنجازه.
ويأتي الشروع بالتحول نحو الحكومة الإلكترونية في مؤسسات الدولة ومغادرة العمل البدائي والكلاسيكي التقليدي، أحد الدعامات الاساسية في مواجهة الفساد وضبط موارده التي استنزف أغلبها عبر الهدر والسرقة.
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، قد تعهد منذ تسلمه مهامه الحكومية في مايو/أيار 2020، بملاحقة الفساد وتتبع أموال العراق المنهوبة، عبر سلسلة من الإجراءات الإدارية الصارمة.
سمة العصر
ويرى الأكاديمي والخبير الاقتصادي، علي هاني، إن "الحكومة الإلكترونية باتت سمة العصر وزيها الحديث الذي لا مناص من تجاهله كونه يمثل أحد الأساليب المتطورة التي فرضتها التقنية وطرق إدارة الدولة سواء في جوانب الموارد البشرية أو المادية".
ويضيف هاني في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن "الذهاب نحو الحكومة الإلكترونية تعني فرض السيطرة وإعادة ضبط المنافذ الحدودية والجمارك بما لا يسمح بضياع أو هدر الواردات القادمة عن طريقها فضلاً عن الخدمات الأخرى فيما يتعلق بتسيير المعاملات الرسمية للمواطنين في دوائر الدولة والتي عادة ما تكون مكلفة وتحت طائلة الرشوة في بعض منها".
فوائد مرتقبة
من جانبه يرى المحلل السياسي، إحسان عبدالله، أن "الحكومة الإلكترونية إذا ما استكملت بكافة مراحلها ودخلت حيز التطبيق ستضفي بعداً سيادياً سياسياً على الدولة وليس الأمر محصوراً فقط عند تطويق الموارد من الضياع والسرقة".
ويؤكد عبدالله، لـ"العين الإخبارية"، إن "قوى الفساد المتمثلة في جزئها الأكبر الفصائل المسلحة والأحزاب السياسية المتنفذة ستشهر إفلاسها المادي والمعنوي، حال تطبيق الحكومة الإلكترونية التي حاولت بكل ما تمتلك من قدرة تعطيل تطبيقها"، لافتاً إلى أن "ردم منافذ الفساد يعني إضعاف قوى اللادولة وكبح جماح المليشيات يقابلها تعضيداً لمفردات المؤسسات وترصيناً لخزينة المال العام من التطاول والسرقة".
وسمحت الفوضى وفقدان التخطيط وغياب الشخصيات الكفوءة من تقلد المناصب، ما بعد 2003، في ضياع ثروات طائلة تقدر بأكثر من 500 مليار دولار عبر طرق ملتوية تمثلت بالمشاريع الوهمية وعمليات غسيل الأموال، وهو ما أفضى عن تراجع الواقع المؤسساتي للدولة وضعف البنى التحتية دون تطويرها بما يتلائم مع تلك المبالغ.