وصلني فيديو صناعة «إخوانية» رديئة لكنه يلقى رواجاً بين جماعتهم باعتباره من أجود التحليلات السياسية وأفخمها.
وصلني فيديو صناعة «إخوانية» رديئة لكنه يلقى رواجاً بين جماعتهم باعتباره من أجود التحليلات السياسية وأفخمها، وأثبت هذا الفيديو أن مشاهديهم قد أخلوا الطابق العلوي من رؤوسهم وأجروه بالكامل لمثل هذا المتذاكي الذي ناب عنهم في التحليل والتفكير العميق وخرج لهم بهذا الفيديو (العظيم) الذي يطلق من خلاله افتراءاته بأن «الرئيس عبدالفتاح السيسي عميل صهيوني وظيفته الحرب على الإسلام، استعانوا به لمحاربة الإسلام والمسلمين!!!». والسؤال: كيف وصل هذا الفطحل إلى هذا الاستنتاج بالدليل القاطع كما يقول؟ دعونا نستعرض دليله القاطع. الفطحل الإخواني لا يظهر بصورته، فقط بصوته وهو يعلق على محاضرة ألقاها مايكل فلين رئيس الاستخبارات الأمريكية السابق دعا فيها إلى التعامل مع «التطرف الإسلامي»، كما تعاملوا مع الشيوعية بتفكيك الأيديولوجية عبر مهاجمتها، إنما الفطحل رأى أن هذا يثبت أن مشروع الاستخبارات الأمريكية هو محاربة «الإسلام».
ورغم أن مايكل فلين قال بالحرف الواحد «التطرف الإسلامي» إلا أن المتحدث يقفز بسرعة ويدعي عدم سماع هذه العبارة.
وكيف أثبت بالدليل القاطع أن السيسي يعمل لدى الاستخبارات الأمريكية ومكلف بهذه المهمة، وكيف عرف ذلك؟
يقول الفطحل اسمعوا للمتحدث وهو يعترف بنفسه، فماذا قال مايكل فلين وبالحرف؟
قال فلين: «السيسي صديق قديم وأعرفه منذ زمن طويل، وفعلياً فنحن زملاء لأنه كان رئيساً للاستخبارات المصرية العسكرية حين كنت أنا ضابطاً في الاستخبارات، وهنا يأتي دور الفطحل الإخواني ليلتقط الخيط ويدلي بفكرته العبقرية فقال: أرأيتم أسمعتم؟ هو يقول إن السيسي نشأ وتربى في الاستخبارات الأمريكية!!
هكذا أصبحت زمالة الوظيفة والمهنة المشتركة التي تجمع بين رئيسي ذات الجهاز في دولتين حليفتين دليل على أن أحدهما عميل للآخر، وهكذا أصبحت فكرة محاربة التطرف الديني هي محاربة الدين، وهكذا يهز القطيع رأسه مؤيداً هذا التحليل المتفذلك وهم يؤمنون خلفه ويحوقلون.. ولا عزاء للعقل.
والرجل لم يقل ذلك أبداً لكن الفطحل يعلم أن مشاهديه يسمعون له ولا يسمعون لمايكل فلين فالكلمة الأخيرة والفصل له، فإن قال الفطحل إن مايكل قالها فقد قالها والسلام!!
ورغم أن مايكل فلين وضع اللوم على الإدارة الأمريكية لأنها حاربت السيسي ويقول في محاضرته: السيسي تحدث في الأزهر الشريف يحثهم على الاعتدال وأخذ زمام المبادرة من التطرف، وبدلاً من أن نحتضنه حاربناه، ولكن الفطحل لا يقف عند هذا القول ولا أحد من متابعيه سيسأله كيف إذاً حاربت الإدارة الأمريكية «عميلهم الصهيوني» أيها الفطحل؟
ثم يضع الفطحل عندياته أي إضافاته ويسأل المتابعين: ماذا قال السيسي في الأزهر في 2015؟ قال، وهذا من عند محدثهم الفطحل-السيسي حارب الإسلام في الأزهر وقال لهم: «الإسلام يريد أن يحارب الآخرين» وهذا لم يحدث أبداً ولكن من سيسأل الفطحل؟
نأتي لفكرة مايكل فلين الحقيقية فهي قائمة على أن محاربة التطرف لابد أن تكون محلية وليست بقوى أجنبية، ومن خلال تحالف القرن العشرين بين الغرب وبين الحكومات العربية التي ستحارب التطرف الديني، ولم يقل تحارب الإسلام، وقال لابد أن تكون تحالفاتنا مع الدول التي تساعدنا والتي تبذل جهداً في محاربة التطرف عندها وتنشر قيم التسامح والإسلام، ومنها مصر.
إنما هكذا أصبحت زمالة الوظيفة والمهنة المشتركة التي تجمع بين رئيسي ذات الجهاز في دولتين حليفتين دليل على أن أحدهما عميل للآخر، وهكذا أصبحت فكرة محاربة التطرف الديني هي محاربة الدين، وهكذا يهز القطيع رأسه مؤيداً هذا التحليل المتفذلك وهم يؤمنون خلفه ويحوقلون.. ولا عزاء للعقل.
نقلاً عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة