مصر تبحث الرد على التصعيد الإسرائيلي.. «جميع الخيارات على الطاولة»
محتفظة بنهج دبلوماسي، متزن تعالج مصر التصعيد الإسرائيلي في رفح الفلسطينية، لكن الإشارات تؤكد أن القاهرة تتجه نحو خطاب أكثر حدة، بما في ذلك التلويح بتعليق "اتفاقية السلام" مع إسرائيل.
وخلال اليومين الماضيين نفت مصر التنسيق مع إسرائيل بشأن معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة، كما فندت اتهامات تل أبيب حول مسؤوليتها عن تعليق دخول المساعدات عبره.
وفي ظل استمرار السياسات الإسرائيلية التي لا تراعي مخاوف القاهرة تتجه الأنظار نحو طبيعة الرد المصري ومروحة الخيارات التي تحتفظ بها الدبلوماسية المصرية.
وقال مصدر رفيع مطلع على موقف الحكومة المصرية لـ"العين الإخبارية" إن بلاده تدرس جميع الخيارات الممكنة وسبل التصعيد والضغط.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، كونه غير مخول بالحديث للإعلام، أن تجاوز إسرائيل التحذيرات التي وضعتها القاهرة يدفع بلا شك في اتجاه بحث تجميد العلاقات، وربما أيضا تجميد اتفاقية كامب ديفيد (اتفاقية السلام الموقعة بين الجانبين في سبعينيات القرن المنصرم)، لكنه أكد أن خطوات كهذه سوف تسبقها إشارات واضحة ومفاوضات.
ولفت المصدر إلى أن قرار تجميد اتفاقية "كامب ديفيد" يعد قرارا استراتيجيا.
والثلاثاء، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري في بيان إنّه "تعقيباً على تصريحات وزير خارجية إسرائيل المطالبة بإعادة فتح معبر رفح وتحميل مصر مسؤولية وقوع أزمة إنسانية في قطاع غزة، تؤكد مصر رفضها القاطع لسياسة ليّ الحقائق والتنصّل من المسؤولية التي يتّبعها الجانب الإسرائيلي".
وأضاف أنّ "إسرائيل هي المسؤولة الوحيدة عن الكارثة الإنسانية التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة حالياً".
وقال السفير المصري الأسبق بفلسطين، أشرف عقل لــ"العين الإخبارية" إن المسؤولين المصريين أبلغوا مدير المخابرات الأمريكية (ويليام بيرنز) الذي زار مصر مؤخرا، ضرورة ممارسة ضغوط جدية على إسرائيل وإجبارها على إنهاء عملياتها في رفح والعودة إلى المفاوضات بجدية، وإلا ستبحث مصر مسألة تعليق معاهدة السلام".
واستضافت القاهرة أوائل الشهر الجاري مفاوضات لإقرار هدنة في غزة، وطرحت مبادرة أعلنت حركة حماس قبولها، لكن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضتها وتوغلت في رفح آخر ملجأ لمليون ونصف مليون فلسطيني نزحوا إليها من وسط وشمال القطاع، كما اقتحمت قواتها معبر رفح في الجانب الفلسطيني، وهو المعبر الرئيسي لإدخال المساعدات إلى القطاع.
ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حذرت مصر من خطط لدفع الفلسطينيين إلى سيناء على الحدود مع القطاع واعتبرته تصفية للقضية الفلسطينية.
وتساند القاهرة إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 عاصمتها القدس، وهو توجه تبنته الإدارة الأمريكية كسبيل لإنهاء الحرب الحالية في غزة.
وقال السفير عقل لـ"العين الإخبارية" إن بلاده "لن تدخر جهدًا في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، الذي تُمارس ضده حرب إبادة، مشيرا إلى نجاح مصر في التصدي بقوة لمخطط التهجير، وتواصل دورها القومي العروبي من أجل أن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه، وحقه في إقامة دولته المستقلة، لذلك أعلنت اعتزامها التدخل دعماً لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية".
وأعلنت مصر قبل يومين التدخل رسمياً لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد تل أبيب، أمام محكمة العدل الدولية، للنظر في انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها باتفاقية منع جريمة "الإبادة الجماعية" على خلفية حرب غزة.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، رفعت جنوب أفريقيا دعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، أكدت خلالها أن "الحصار الذي تفرضه تل أبيب على غزة يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية وينتهك اتفاقية الإبادة الجماعية".
من جانبه، قال نائب وزير الخارجية المصري السابق، السفير علي الحفني، إن موقف بلاده تحكمه عدة اعتبارات تحت سقف واضح وخط أحمر لا تقبل تجاوزه، المس بالسيادة والحدود المصرية، وتنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، فذلك يعني عمليا تصفية القضية الفلسطينية وهو ما لن تسمح به القاهرة.
وقبل يومين قال وزير الخارجية المصري إن "اتفاقية السلام مع إسرائيل لها آلياتها الخاصة التي تٌفعّل لبحث أي مخالفات والتعامل معها إن وجدت".