بالفيديو.. "فروتكس".. أيادٍ مصرية تطوّر الغواصات الآلية
حماس وطموح المهندسين حديثي التخرج شجعهم على تصنيع غواصات آلية، ودفعهم الإصرار والعزيمة إلى تخطي الصعوبات بالمسابقة الدولية.
في غرفة صغيرة مليئة بالمعدات الإلكترونية والكهربائية يجلس 8 شباب منهمكين في العمل، استعدادا لتصنيع وبناء غواصة آلية بتقنيات عالية وأيادٍ مصرية.
حماس وطموح المهندسين حديثي التخرج شجعهم على تصنيع غواصات آلية. ودفعهم الإصرار والعزيمة إلى تخطي الصعوبات والمشاركة في المسابقة العالمية للغواصات الآلية 3 مرات متتالية، محققين إنجازا عربيا بالحصول على المركز الثالث في العام الماضي.
فكر واحد
هدف واحد جمع 8 شباب مصريين أثناء دراستهم للهندسة بجامعة الإسكندرية شمال مصر، مقررين السير في طريق النجاح للريادة في صناعة الغواصات الآلية محليا وعربيا.
الجمع بين الجانبين الأكاديمي والتجاري.. كانت رسالة الفريق المصري بعد المشاركة في المسابقة الدولية وتحقيق نجاح مبهر بجميع مراحل التحدي.
الرغبة في النجاح مكنت الفريق المصري من المشاركة في مسابقة الغواصات الدولية. ونظرا لأن طبيعة شروط المسابقة تتيح المشاركة للطلاب فقط، لذا أصبحت فرص تحقيقهم لمركز متقدم ضعيفة في العام الثالث للمشاركة.
تخطي المرحلتين الأولى والثانية بالمسابقة الدولية لـ"أر أو في" أوقعت مسؤولية كبرى على أكتاف الفريق، الذي يستهدف مركزا متقدما وسط الفرق الدولية.
ويسرد عمر عصام، أحد مؤسسي الفريق، قائلا: “بعد علمنا بالمسابقة الدولية للغواصات الآلية منذ 3 سنوات تكوّن الفريق للمشاركة. في السنة الأولى لم يحالفنا الحظ، ولكن استطاع الفريق في السنة الثانية تخطي تصفيات الجامعات لكن العقبات وقفت حائلا بينا وبين إجراءات السفر".
واسترجع ذكريات الفريق في المسابقة خلال العام الثالث، مشيرا إلى قدرة الفريق على تجاوز جميع الصعوبات والأزمات التي واجهته، وتفوقه على باقي الفرق المصرية والعربية والدولية خلال عام 2017.
الإصرار يتفوق على الصعوبات
بثقة تامة شارك الفريق في المسابقة نفسها متخطيا التصفيات المحلية والعربية.. وفي حديثه مع "العين الإخبارية" يقول محمد طارق، أحد مؤسسي الفريق: "التحديات لم تتعلق بإجراءات السفر فقط، بل شملت صعوبات في التدريب والدراسة لمراحل تصنيع الغواصة إضافة إلى مناهج التواصل والإلكترونيات التي لم توفرها الجامعة.
التعقيد في صناعة الغواصة كانت أكثر الصعوبات التي واجهت الفريق، لجمعها بين الجزأين الإلكتروني والكهربائي. ويشرح طارق مرحلة العزل بين الأجزاء الكهربائية وباقي أجزاء الغواصة، مؤكدا صعوبة الفصل أثناء تجربتها تحت الماء وضيق الوقت لإجراء تجارب على الغواصة قبل المسابقة.
تعمل الغواصة بنظام التحكم عن بعد، وكانت قيادة "أر أو في" تحت المياه والربط بين تعليمات القائد ومساعده أكثر المراحل التي تتطلب وقتا للتدريب تحسبا لأي ظروف طارئة وقت الاستخدام.
ورغم ضعف الإمكانيات المادية وضيق الوقت لتصنيع "أر أو في"، فإن عزيمة أعضاء الفريق وقدرتهم على التنسيق وتوزيع المهام كانت كفيلة بأن تحسم المعادلة لصالحهم بالصعود إلى منصة التتويج وسط الفرق المشاركة بالمسابقة الدولية.
غواصة متطورة
على مدار 6 أشهر من العمل والبحث، مكث الفريق المصري في الورشة لإعداد وتصنيع غواصة آلية. تبدأ المراحل بالبحث عن الخامات المطلوبة في عملية التصنيع، ثم تأتي مرحلة التحضير بالبحث وجمع المعلومات والمقاييس المطلوبة للتصميم.
ويصف عصام مرحلة التصميم "نظام سوفت وير" بـ"أدق المراحل وأصعبها"، خصوصاً أنها المرحلة الأساسية التي يحدد عليها باقي المراحل. ومن بعدها يجمع الفريق الخامات المطلوبة المقسمة بين الأجزاء الكهربائية والإلكترونية، ويصبح تجميع الغواصة آخر المراحل قبل اختبارها.
مميزات "أر أو في"
"أر أو في" التي يعود تصنيعها إلى منتصف القرن الـ20، مرت بمراحل تطوير كثيرة كانت البداية على أيدي الإنجليز. استخدامات الغواصة الآلية متعددة بين مجالات التنقيب عن آبار النفط والاستكشافات البحرية وتنظيف السفن والأمن الجوي والبحري.
وفي الآونة الأخيرة أصبح للغواصة دور كبير في المجالات العسكرية وحالات الطوارئ. ويتفق أعضاء الفريق على أن العائد المادي من تصنيع "أر أو في" في مصر كبير للغاية، خاصة أن كلفة استيراد الغواصة باهظة.
الدعم المادي والتقني
"فريق متجانس منظم" كان هذا الانطباع الأول لحسام الجبالي مدير شركة "أوكس دايف" للتدريب، عن الفريق المصري. ويقول الدكتور الجبالي: "بين عامي 2015 -2016 تعرفت على الفريق أثناء المشاركة في مسابقة غواصات آلية بالقاهرة، وبعد رؤيتي لتجانس ونظام الشباب المصري قررت تبادل الخبرات والتعاون معهم".
أهداف الشركة المتوافقة مع رؤية الفريق وفرت لهم الدعم المادي والمعنوي والتقني. وتابع حسام بقوله: "الشباب الـ8 كانوا أفضل المشاركين بالمسابقة، ولكن يفتقدون فقط الدعم، لذا قررت الشركة معاونتهم في تصنيع "أر أو في" مصرية خالصة بتكاليف أقل".
ما بعد الإنجاز
تحقيق مركز متقدم بالمسابقة لم يكن الهدف الأخير للفريق، بل استطاع الفريق إقامة مشروع "فورتكس" من أجل تصنيع غواصات آلية بتقنية عالية وأيادٍ مصرية خالصة، إضافة إلى نقل الخبرة إلى آخرين عبر برنامج "في إي بي" لتدريب الشباب بالتعاون مع شركة أوكس دايف للتدريب.
بابتسامة قوية يتحدث طارق عن خطوات الفريق المقبلة، ملمحا إلى أن الطموح لن يتوقف عند المشاركة بالمسابقات والحصول على الجوائز.
تصنيع غواصة آلية للعمل على فحص وتنظيف السفن والمراكب، إضافة إلى إعداد كوادر شبابية جديدة للمشاركة في مسابقة "أر أو في" أصبحت مهام فروتكس خلال العام الحالي.
الورشة سر النجاح
ووسط دروع وجوائز عديدة يقف عبدالرحمن حسين عضو فروتكس، متحدثا عن دور الورشة في نجاح المشروع. قائلًا: "الورشة مكان لبناء أر أو في محلية الصنع، ومكان لتدريب الطلبة المشاركين في المسابقة، حيث تتوافر جميع المعدات ووسائل الأمان للمتدربين".
وعن تجربة فروتكس، أبدى إسلام جمال، طالب بكلية هندسة قسم كمبيوتر، إعجابه بتجربة نجاح الفريق، مشيرا إلى أن هذا النموذج الناجح شجعه على خوض المشوار نفسه بكل تفاصيله بداية من البحث والدراسة وصولا إلى التصنيع والمشاركة بالمسابقة.
على الرغم من صغر أعمارهم، فإن أعضاء الفريق تمكنوا من نقل خبراتهم بالتدريب إلى طلاب الهندسة، مجتمعين على هدف واحد الريادة في صناعة وتطوير الغواصات الآلية عربيا.