الباحثة المصرية بسمة شتا: "أيكولوجيا الطيور" عمل شاق يستهوي الفتيات
الباحثة المصرية بسمة شتا تتحدث لـ"العين الإخبارية" عن طبيعة دراستها وعملها، وكيف تعاملت مع المصاعب التي واجهتها.
"بيردير" أو "مراقبة الطيور"، هو اللقب الذي أطلق على الدكتورة بسمة شتا، البالغة من العمر 35 عاماً، والحاصلة على درجة الدكتوراه في علم الحيوان من جامعة دمياط، وهي متخصصة في علم أيكولوجيا الطيور، التخصص الذي عزف الرجال عن الانضمام إليه على عكس الفتيات.
واجهت "شتا" في بداية الأمر عددا من المصاعب، منها أنها امرأة، وإقناع أساتذتها ومجتمعها برغبتها في أن تصبح عالمة بيئية للطيور، حيث العمل في البيئات الصعبة، مثل ركوب القوارب مع الصيادين والعمل "مراكبي" في الظروف القاسية، وتسلق الجبال، والاستمرار في الرصد في الفصول المختلفة على مدار السنة.
بسمة شتا تحدثت لـ"العين الإخبارية" عن طبيعة دراستها وعملها، وكيف تعاملت مع المصاعب التي واجهتها، في سياق الحوار التالي..
ماذا عن دراستك للطيور.. وكيف بدأت؟
تم تعييني معيدة في قسم علوم الحيوان جامعة دمياط، بعد حصولي على درجة الامتياز مع مرتبة الشرف، وترتيبي كان الأول على الدفعة، وتخصصت في علم بيئة الحيوان، وبعدها قررت اختيار الطيور.
وكان الأمر غريبا لمن حولي، حيث إنه مجال صعب للغاية، يبتعد عنه الرجال أيضاً، فجاءت التعليقات من عينة: "اشتغلي حاجة سهلة، تنحصر عملها داخل المعمل وليس الميداني، أنت امرأة ازاي هتمشي لوحدك، هنخاف عليكي".
ومن هنا زرع داخلي شيء من التحدي، وأن أتعلق أكثر بهذا التخصص، خاصة أنه لا يوجد محترفون في هذا المجال عملهم يقتصر على مجرد الرصد، وذلك لصعوبته ومتطلباته الكثيرة من أدوات وتمويل وسفر.
وكيف واصلتِ التحدي في هذا المجال؟
كان أول بحث أعددته، وهو بحث التخرج، كان عن هجرة الطيور بصفة عامة، وحصلت فيه على العلامات النهائية، وهو أمر لم يحدث كثيراً.
وكان البحث مصدر إلهام وجذب للطلبة، وأحببت ما أفعله أكثر، خاصة أني أجني ثمار التعب في مجال متميز، والتحدي معروف أنه موجود في الطبيعة الأنثوية أكثر منه عند الرجال، ودراسة الطيور كانت واحدة من أجمل وأقوى القرارات التي اتخذتها في حياتي.
وما الصعوبات التي واجهتك؟
في أول طريقي في التخصص، واجهت فقرا في الإمكانيات والأدوات، وهو ما وفره لي أساتذتي الأفاضل بجامعة قناة السويس ودمياط، من توفير منظار، وكتب متخصصة وغير متوفرة بمصر، بالإضافة إلى التمويل للسفر إلى مناطق مختلفة، ومقابلة الناس، وتوصيل فكرة الرصد، ومحاولة كسب مساعدتهم.
والأصعب في طبيعة الأرض، مثل الأماكن النائية، والشواطئ غير المأهولة بالسكان والبحيرات في موسم الشتاء، أو قلة منسوب المياه في البحيرات، هو ما يجعل المركب تسير في الطين، فهنا يتحول عملك لـ"مراكبي" ثم تعود للرصد.
ثم صعوبة الموضوع نفسه، والدائرة المحيطة بك من الأسرة والأولاد والزوج، والسفر بشكل موسمي للرصد، خاصة في موسم هجرة الطيور في فصلي الخريف والشتاء، أو الطيور المائية والجارحة في الربيع والخريف، أي أنك طوال السنة في حالة عمل ورصد.
وماذا عن رسالة الماجستير.. وكيف كان لها أثر على مسيرتك المهنية؟
رسالة الماجستير الخاصة بي كانت عن تأثير النشاطات البشرية على التنوع البيولوجي للطيور في ساحل دمياط، وخلال الرصد لاحظت وجود طائر يدعى "أبوالمغازل"، كان مسجلا على أنه مهاجر، ولكني بالبحث اكتشفت وجود العش الخاص به، فأرسلت للمجلات العلمية عن تلك الظاهرة، ومن هنا بدأ الالتفات إلى إنه في مصر من يهتم بهذا النوع من العلوم.
ثم بدأت أقدم في منح، وسافرت من خلالها لحضور تدريبات في الأردن، في محمية الأزرق، وكذلك في رواندا، وعلى مستوى محميات مصر، وبدأ تتم دعوتي للتحدث عن التنوع البيولوجي في الطيور، وهذه كانت نقطة إيجابية.
هل من الممكن أن ترفضي إجراء دراسات معينة كونك امرأة؟
ببالعكس لا أنظر لهذا الأمر على أنه عائق، بل بالعكس التحدي بداخلي ليس له نهاية، فرسالة الدكتوراه الخاصة بي كانت عن دراسة دور الطيور المهاجرة في نقل أنفلونزا الطيور، وسافرت مع بعثة من الحكومة المصرية لجامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس، وكان الأمر محفزا وشيقا لكل من حولي، وانتهيت من الدراسة وعدت إلى مصر وحصلت على درجة أستاذ مساعد في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وماذا عن انضمام الطلبة الفتيات أكثر من الشباب للقسم؟
من الظواهر الغريبة التي لاحظتها؛ أن الفتيات تفضل دراسة البيولوجي على عكس الشباب، فأكثر من ينضم للقسم هو الفتيات، وبداخلهن حماس للحضور والتسجيل والعمل، وهذه الظاهرة وجدتها عالمية، ومن يعمل في التخصص لابد أن يحبه أولاً ليتقبل أي مشاكل، والفتيات يكن أكثر جرأة، ولديهن حب التجربة والتغيير وإثبات الذات.
وماذا قدمتِ للطلبة؟
أنشأت مجموعة علمية تهتم بدراسة الطيور، ووجدت اهتماما كبيرا، وبدأت في توفير الأدوات الأساسية اللازمة للرصد من منظار وشباك وأدوات قياس.
وأنشأت مكتبة تضم العديد من الكتب الخاصة بالطيور، جئت بها من الخارج، مع تقديم المساعدة التي يحتاجها الطلبة.
وما حلمك؟
أحلم بإنشاء معمل ضخم لدراسات علم الطيور، كمركز متخصص للطلاب في مصر ومن جميع أنحاء العالم المهتمين ببيئة الطيور، وإعداد المزيد من الدراسات الأكاديمية.