الانتخابات الفلسطينية.. "فتح" وسيناريو "الرعب"
إذا ما صحّت نتائج استطلاعات الرأي العام فإن حركة "فتح"، كبرى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، قد تجد نفسها خارج الحكم، الشهر المقبل.
وينظر مسؤولون في حركة "فتح"، التي يقودها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلى هذا الأمر على أنه "سيناريو رعب" ينبغي العمل على وأده.
وكشف مسؤولون في حركة "فتح" لـ"العين الإخبارية"، النقاب عن سيناريوهات يجري تداولها في الأوساط القيادية للحركة حول النتائج المحتملة للانتخابات التشريعية المقررة في 22 مايو/أيار المقبل.
وسبق للحركة أن خسرت الانتخابات لصالح "حماس" عام 2006، ولكن في حينه رفضت الفصائل والشخصيات المستقلة التعامل مع حكومة حماس التي قاطعها المجتمع الدولي، ثم ما لبثت أن انهارت بعد سيطرة الأخيرة عسكريا على قطاع غزة.
في المقابل، قد تجد "حماس" إلى جانبها شركاء بعد الانتخابات التشريعية، ما سيمكنها وحلفاءها من تشكيل حكومة من شخصيات مهنية غير سياسية لضمان تعامل المجتمع الدولي معها.
ويتكون المجلس التشريعي الفلسطيني من 132 مقعدا، يمكن لتكتل من عدة قوائم تضم أكثر من نصف عدد هذه المقاعد، تشكيل الحكومة القادمة.
واستنادا إلى المسؤولين الذين فضلوا عدم الكشف عن أسمائهم بسبب حساسية الأمر، فإن السيناريوهات المتوقعة والتي تراها فتح مرفوضة أو مفضلة، هي كما يلي:
السيناريو الأول "مفضل"
يتمثل هذا السيناريو في تشكيل حكومة مهنية من "فتح" و"حماس"، بناء على ما تم الاتفاق عليه في الأشهر الماضية.
وكان مسؤولون في الحركتين اتفقوا على أنه أيا كان الحزب الفائز منهما فإنه سيتم تشكيل حكومة "تكنوقراط" وطنية بالاتفاق بينهما.
وفي حين تقول "فتح" إنها ملتزمة بهذا الاتفاق، فإن ليس ثمة ضمانات بأن "حماس" ستلتزم به فعلا بعد الانتخابات.
السيناريو الثاني "مرفوض"
وينص هذا السيناريو على تشكيل حكومة مهنية بالاتفاق بين "حماس" وقائمة "الحرية" وهي تحالف القياديين في حركة "فتح" ناصر القدوة ومروان البرغوثي، إضافة إلى قوائم صغيرة من المستقلين.
وتعتقد "فتح" أن الاتفاقيات السابقة بين "حماس" والبرغوثي قد تسهل الطريق أمام هكذا اتفاق خاصة في ضوء إصرار البرغوثي على خوض انتخابات الرئاسة في 31 يوليو/تموز المقبل.
السيناريو الثالث "مفضل"
وهو تشكيل حكومة مهنية من "فتح" و"حماس" وقائمة "الحرية" وقوائم مستقلة.
وتعتقد حركة "فتح" أن مثل هذا الاتفاق سيؤسس لحكومة وحدة وطنية مهنية، ولكنها ترى أنه سرعان ما سينهار في ضوء إصرار البرغوثي على خوض انتخابات الرئاسة ما يجعلها في مواجهة مرشح حركة "فتح".
السيناريو الرابع "مرفوض"
يتمثل في تشكيل حكومة مهنية بالاتفاق بين "حماس" وقائمة تيار محمد دحلان (الإصلاح) وربما بعض القوائم المستقلة.
وتخشى "فتح" بشكل خاص من هكذا تحالف خاصة في ضوء التقارب الذي برز مؤخرا بين "حماس" ودحلان بما سمح بعودة العشرات من المقربين من القيادي الفلسطيني، من مصر إلى غزة في الأسابيع الأخيرة.
والأكثر من ذلك، تخشى "فتح" من حقيقة ثقل "حماس" ودحلان في غزة، والتي يمكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى تشكيل حكومة تحظى بثقة المجلس التشريعي حتى لو رفضت "فتح" هذه الحكومة.
وينظر المسؤولون في حركة "فتح" إلى هذه النتيجة على أنها "سيناريو رعب"، لأنها ستعني عمليا خسارتها للحكم.
السيناريو الخامس "مرفوض"
وهو تشكيل حكومة مهنية بالاتفاق بين "حماس" وقائمة تيار دحلان، وقائمة الحرية برئاسة القدوة والبرغوثي.
وهنا تتخوف "فتح" من أن ثمة العديد من المصالح التي تجمع الأطراف الثلاثة بما يؤدي في المحصلة إلى خسارتها الحكم، خاصة إذا ما دعم هذا التحالف البرغوثي كمرشح لانتخابات الرئاسة.
ويتمتع البرغوثي بشعبية جارفة في الأراضي الفلسطينية تضمن له الفوز بانتخابات الرئاسة.
السيناريو السادس "مفضل"
وهو فشل أي من الكتل بتشكيل حكومة وبالتالي العودة مجددا إلى انتخابات مبكرة.
استطلاعات سرية وعلنية
وأشار المسؤولون في حركة "فتح" إلى أن هذه السيناريوهات رُسمت بالاستناد إلى نتائج استطلاعات سرية وعلنية جرت في الأسابيع الأخيرة.
وفي حين أنه لم يجر الكشف عن نتائج الاستطلاعات السرية، فإن استطلاع أخير أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية قدم صورة قريبة للمشهد.
واستنادا إلى الاستطلاع الذي أجري في مارس/آذار، تحصل قائمة حماس على 27% من أصوات الناخبين، تتبعها فتح بـ24%، ثم قائمة البرغوثي بـ 20%، ثم قائمة دحلان بـ 7%، تليها المبادرة الوطنية بـ 5%، وأخيرا الجبهة الشعبية بـ 2%.
وتشير التقديرات إلى أنه في ضوء التطورات التي جرت منذ ذلك الحين فإن نسبة 15% التي لم تقرر في ذلك الحين موقفها، قد تحسم موقفها الآن باتجاه دعم هذه القوائم.
وبحسب هذه التقديرات فإن قوائم حماس والبرغوثي-القدوة ودحلان، قد تحسن مواقعها على حساب قائمة حركة "فتح".
القدس.. مخرج مشرف
تقول "فتح" وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية إن عدم رد إسرائيل سلبا أو إيجابا على مطلب السماح بإجراء الانتخابات بالقدس الشرقية قد يشكل مخرجا مشرفا لتأجيل السباق.
ويقترح قياديون في حركة "فتح" على الرئيس الفلسطيني تأجيل الانتخابات لعدة أشهر على أن يجري خلالها الاتصال مجددا مع البرغوثي والقدوة، أو على الأقل البرغوثي، بما يعزز من مواقع الحركة في السباق البرلماني.
ولكن الحكومة الإسرائيلية، التي على ما يبدو لا تريد أن تحمل وزر تأجيل الانتخابات الفلسطينية، لم تعلن موقفا نهائيا لها بشأن الانتخابات بالقدس، وتسعى لأن يكون التأجيل قرارا فلسطينيا.
واستنادا إلى هذا السيناريو فإن الحكومة الإسرائيلية ستقول إن الفلسطينيين قرروا تأجيل الانتخابات قبل أن تعطي ردها النهائي على الانتخابات بالقدس.
ولكن المسؤولين الفلسطينيين يقولون إن الفترة حتى نهاية الشهر الجاري وقبل موعد بدء الدعاية الانتخابية في الأول من شهر مايو/أيار المقبل، ستكون حاسمة باتجاه اتخاذ قرار التأجيل من عدمه.
النموذج الأمريكي للرئاسة
في هذه الأثناء، يقترح قياديون في حركة "فتح" انتخابات رئاسية وفق النموذج الأمريكي، حيث يخوض عباس السباق بصفته الرئيس والبرغوثي بصفته نائبا له.
غير أن هذا يتطلب موافقة المجلس التشريعي أولا على إجراء تعديل على قانون الانتخابات بشأن الاقتراع الرئاسي الذي ينص على انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب.
وإلى جانب ذلك، يقترح مسؤولون آخرون من "فتح" العودة إلى صيغة القائمة الموحدة بين الحركة وحماس، لخوض الانتخابات التشريعية على أن يكون لهذه القائمة مرشحا واحدا للرئاسة.
وعندها سيكون البرغوثي في حال إصراره على خوض انتخابات الرئاسة في مواجهة مرشح مدعوم من "فتح" و"حماس" ما يجعل مهمة فوزه بالانتخابات صعبة جدا.