لم يدع أردوغان، في سبيل وهمه بالخلافة، طريقا، إلا سلكه، بدأها بتغيير النظام السياسي التركي، استحوذ على كل السلطات لنفسه، قبل أن يتخلص من معارضي مشروعه التوسعي
ذاك الرجل المريض في ذاكرة التاريخ، الذي نخر الضعف جسده على مدار عقود، حتى تحلل، وصار رمادا يزر العيون، لكن لك أن تتخيل أن يأتي رجل آخر في القرن 21، تحركه أوهام المتوفى قبل قرن من الزمان، فينثر دماء على الأرض، محاولا التدخل في شؤون سوريا والعراق والسودان وليبيا واهما، والوهم من أعراض الجنون، بإحياء خلافة، لم يعد لها مكان في عالم اليوم.. مهزوم رجب طيب أردوغان لا محالة.
لم يدع أردوغان، في سبيل وهمه بالخلافة، طريقا، إلا سلكه، بدأها بتغيير النظام السياسي التركي، استحوذ على كل السلطات لنفسه، قبل أن يتخلص من معارضي مشروعه التوسعي، لكنه لم ينس أن يمتطي لإجرائه هذا شرعية زائفة، كأحلامه التوسعية، هيأها له حلفاؤه من الإرهابيين.
علاقة أردوغان بمفتي الإخونجية يوسف القرضاوي مؤسس ما يسمى "اتحاد علماء المسلمين"، قديمة، كقدم أحلامهما بالخلافة، مشاركة مع قلب الدين حكمتيار، مساعد أسامة بن لادن مؤسس تنظيم القاعدة الإرهابي، والذي ثبت أنه عميل للمخابرات الأمريكية، بينما تحت أقدامه، جلس أردوغان، رفقة راشد الغنوشي، زعيم الإخونجية في تونس، والذي دعا الخليفة الواهم لزيارة سرية إلى بلاده في ديسمبر 2019، ربما لوضع لمسات جديدة لجماعة الإخوان الإرهابية على خطة العدوان التركي على ليبيا.. خطوة أردوغان الأخيرة نحو الإمبراطورية المتوهمة.
من هذا المنطلق، برر أردوغان لنفسه التدخل في شؤون ليبيا، أعلن إرسال جنوده وإرهابييه إلى هناك، لكن تضافر الشعب الليبي مع جيشه الوطني كال لأردوغان الصاع صاعين، ورفضت كل الدول العربية تصريحاته المتعجرفة، على المستويين الرسمي والشعبي، لدرجة أن بح صوت هذه السيدة التونسية حتى بلغ صداه قصر أردوغان الواهن.. لم يكن التدخل في ليبيا، أول عدوان أردوغان، نحو أحلامه التوسعية.
في أبريل 2019، بدأت قوات الجيش التركي بناء جدار أسمنتي في محيط مدينة عفرين شمالي سوريا، لعزلها عن محيطها السوري، علاوة على تواصل العدوان التركي، لأعوام عدة، على مناطق الأكراد شمال العراق.. ظن أردوغان أنهما لقمة سائغة، ولكنهما علقا غصة في حلقه، كجزيرة سواكن السودانية، التي راهن عليها ثم خسرها.. فشل آخر في التمدد وتوسيع النفوذ، الذي ارتكز على حلم بخلافة عفى عليها الزمن.
جموح أردوغان لا يوقفه، لكن يدفعه إلى ارتكاب جرائم جديدة، واحدة تلو الأخرى، لدرجة رعايته لفلول تنظيم داعش الإرهابي في تركيا، وشرائه وأسرته النفط منهم.. جرائم ستبقى سبة في جبينه إلى الأبد.
لا عجب.. فعل كل شيء والفشل الذريع يلاحقه، حتى تحطمت أحلامه على صخرة العرب.. فكيف لمن لا يقوى على امتطاء فرس، أن يواجه عربا، الخيل والليل والبيداء تعرفهم؟