صفعة مؤلمة وجهها الشارع التركي للرئيس رجب طيب أردوغان، جاءت أولى فصولها بالهزيمة المدوية لحزب العدالة والتنمية في ثلاث ولايات كبرى
انتكاسة موجعة وموجة من ارتدادات متعاقبة ورسائل واضحة من الشعب التركي إلى أردوغان مفادها باختصار "ارحل لا نريدك".. تلك هي حصيلة النتائج الأولية للانتخابات البلدية في تركيا، التي أشارت إلى خسارة الحزب الحاكم "العدالة والتنمية" في كبرى الولايات التركية، في وقت يصارع فيه الاقتصاد التركي في محاولة للصمود أمام سياسات أردوغان غير المحسوبة التي غدت أول أعداء تركيا وأبرزهم.
ورغم كل المحاولات الفاشلة لتزوير النتائج وتزييف الحقائق، وكل ذلك الحراك المكشوف للرئيس التركي وحلفائه من الإخوان والإرهابيين حول العالم، لم يمنع الناخب التركي شيئًا من إظهار موقفه الصريح والواضح، في أنه ضاق ذرعا من سياسات أردوغان الفاشلة.
هي صفعة مؤلمة وجهها الشارع التركي للرئيس رجب طيب أردوغان، جاءت أولى فصولها بالهزيمة المدوية لحزب العدالة والتنمية في أربع ولايات كبرى أمام مرشحي المعارضة، هي أنقرة وإزمير وأنطاليا وتليها ضربة قاصمة في مسقط رأسه اسطنبول، لتبدو النتائج أكثر وضوحا بكون حزب أردوغان الحاكم سيسيطر -حتى اللحظة- على 15 ولاية كبيرة بدلاً من 18، صوتت معه في الانتخابات الماضية، وسيحصد معارضه الأبرز حزب الشعب الجمهوري 11 ولاية مقابل 6 كان مسيطرا عليها.
هذه الهزيمة التي يتجرعها أردوغان لم تأتِ من فراغ، أو كما يحاول المصطفون خلف سياساته الإخوانية المتطرفة إظهاره من مؤامرة تحاك ضده، إنما هي نتيجة طبيعة لانتكاسة خلف الأخرى، ومناورات فاشلة، وسياسات استعراضية أنهكت الاقتصاد التركي، وأثقلت كاهل الشعب الذي جاء دوره اليوم للتعبير عن غضبه واستيائه، مما آلت إليه أمورهم وأحوالهم، لتتصدر يوميا مشاهد الهبوط الحاد لسعر صرف الليرة التركية، وتراجع معدلات السياحة والتجارة الخارجية وارتفاع في معدلات التضخم.
حزب العدالة والتنمية الذي بنى كثيرا من سمعته وجنى أصواتا في انتخابات سابقة بناءً على قدرته على تنمية اقتصاد الدولة، يواجه اليوم انكماشا اقتصاديا حادا، وارتفاعا مطردا في معدلات البطالة لم يسبق لها مثيل منذ ١٠ أعوام؛ كنتيجة طبيعية لنهج سياسات استفزازية اتبعها أردوغان في إدارة شؤون البلاد، وتدخلاته الوقحة والفظة في شؤون دول المنطقة، خاصة سوريا والعراق، وصلاته المشبوهة بزعماء الإرهاب العالمي على رأسهم داعش والإخوان اللذين لطخت أياديهما بدماء الأبرياء حول العالم.
أردوغان الذي لاحظ بوضوح تراجع شعبيته في الفترة الأخيرة، حاول جاهدا العمل على تحسين صورته التي لطخت بدماء الأبرياء على حساب اقتصاد تركيا، فبادر إلى النزول إلى الشوارع في محاولة يائسة تلو الأخرى لتحسين صورته، وأعطى وعودا وصفها المراقبون بغير الموضوعية منها إعادة بناء اقتصاد البلاد، في دعاية تسبق الانتخابات العامة المزمع عقدها عام 2023.
وقد شارك بشكل شخصي في الحملة الانتخابية، ليعقد أكثر من مئة مهرجان انتخابي خلال 50 يوما، ألقى خلالها ما لا يقل عن 14 خطابا يومي الجمعة والسبت لوحدهما في إسطنبول.
ووسط تسارع الأحداث ومجرياتها، يبدو أن القبضة الحديدية لنظام أردوغان لم تكن غائبة حتى في الانتخابات وفوق رقاب الناخبين، فقد صرحت في وقت سابق مجموعة أوروبية تراقب الانتخابات أن النظام التركي "يضع قيوداً على حرية تعبير المواطنين والصحفيين"، بعد ساعات من انطلاق الانتخابات المحلية التي يبدو أن "الناخبين ألحقوا فيها بالحزب الحاكم الذي ينتمي له الرئيس رجب طيب أردوغان هزائم في مدن كبرى".
ورغم كل المحاولات الفاشلة لتزوير النتائج وتزييف الحقائق، وكل ذلك الحراك المكشوف للرئيس التركي وحلفائه من الإخوان والإرهابيين حول العالم، لم يمنع الناخب التركي شيئًا من إظهار موقفه الصريح والواضح، أنه ضاق ذرعا من سياسات أردوغان الفاشلة وإدارة شؤون الدولة التي وضعت في يد مجموعة من الأشخاص ليس لهم إلا السلطة ونشر الخراب والدمار حول العالم، ودعم كل فرقة ومجموعة وحزب ينشر مبادئهم الرثة في قتل الشعوب ووأد المستقبل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة